لا تطلع الشمس في بلادنا، أو في ربوع بلدان المشرق العربي والإسلامي إلا ومقالة هنا وأخرى هناك، ومؤتمر هنا وآخر هناك، حيث تتوالى الدعوات إلى تحرير المرأة العربية بخاصة، والمسلمة بشكل عام، وفك القيود التي يكبلها بها المجتمع الذكوري الاستبدادي، حتى صدق العالم من حولنا، بل وصدق كثير من رجالنا أن المرأة في بلاد العرب، وبالتحديد في المملكة، تعيش أوضاعا لايمكن للإنسان أن يتحملها، وانساقت بالطبع كثيرات من نسائنا وراء تلك الدعوات التي جانبها الصواب لسوء فهم أحيانا، ولنوايا سيئة في أحايين كثيرة، ورحنا نقرأ كتابات بعض الفتيات ما يعكس عدم إدراكهن لأوضاع المرأة في الغرب، ناهيك عن جهلهن بحقوقهن. أقول كلماتي هذه، وأنا أقرأ عن تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، وهي بالطبع ليست منظمة عربية، حيث جاءت فيه الإشارة إلى انتشار خطير لتجارة الرقيق الأبيض، وهو التعبير المهذب لإدارة شبكات الدعارة، وقد ركز التقرير على أوضاع المرأة في أوروبا الشرقية، حيث يتم بيع نصف مليون امرأة سنويا إلى شبكات الدعارة العالمية، وأن ثلثي هذا العدد من النساء من دول أوروبا الشرقية، وتتراوح أعمار الفتيات ما بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين، وأشار التقرير نفسه إلى أن العدد الفعلي لهؤلاء النساء يفوق النصف مليون الذي ورد في التقرير، فالرقم الحقيقي أكثر من ذلك، لأن عصابات تجارة النساء (وبالطبع أعضاؤها من النساء والرجال) تسلك طرقا خفية وغير معروفة حتى الآن. والعجيب في القائمين على هذه العملية الدنيئة أنهم يقسمون النساء حسب جمالهن، فيرسلون الأكثر جمالا منهن إلى أوروبا الغربية خاصة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهي ذات الدول التي صدعت رؤوسنا بحقوق الإنسان، وبعضها يحارب النقاب والحجاب في حين يتم إرسال النساء الأقل جمالا وجاذبية إلى تركيا واليونان والشرق الأوسط، وهو سلوك بالإضافة إلى خسته ودناءته، ينطوي كذلك على عنصرية بغيضة. وأشار التقرير إلى أن أرباح العصابات العاملة في هذا المجال في دول الاتحاد الأوروبي قد ارتفعت في الأعوام العشرة الأخيرة بنسبة (400 في المائة) مما يؤكد ازدهار هذه التجارة ورواجها، ووصل عدد النساء اللاتي تعرضهن هذه الشبكات إلى نصف مليون امرأة، يحققن أرباحا سنوية تقدر ب 13 مليار يورو. وقد امتد نشاط هذه العصابات إلى نساء آسيا وأفريقيا، وهو ما يطلقون عليه الرقيق الأصفر والرقيق الأسود، بل تم استغلال صغيرات السن ممن هن دون العاشرة، حيث يبعن أجسادهن لأثرياء أوروبا، وذكرت صحيفة «الأوبزوفر» البريطانية أن تجارة الفتيات الصغيرات تشهد انتعاشا ورواجا كبيرا في السنوات الأخيرة في بريطانيا وعدد من الدول الغربية. وقد أشار تقرير لليونيسيف إلى أن دول العالم الغنية تشهد هذه السنوات موجة متصاعدة من الاتجار بالبشر وبخاصة بالنساء. هذه صورة، أو بعض الصورة، لما عليه حال المرأة في الغرب، وأظن أن المرأة في الشرق، لم تصل إلى هذا الحد من الإهانة والاستغلال، وإن تعرضت لبعض الممارسات من قبل أشخاص غير أسوياء، ومع هذا يصر الجهلاء والجاهلات على أن المرأة عندنا تعيش في عصور الانحطاط، وينبغي فك قيودها لتلحق بقريناتها في الغرب. فهل تريد بناتنا ونساؤنا أن يصبحن مثل هذا النموذج الحر المنطلق المتقدم؟ وهل يرضى رجالنا المؤيدون لهذه الدعوات أن يسلموا أمهاتهم وزوجاتهم وأخواتهم وبناتهم لشبكات من هذا النوع، حتى يتحقق حلمهم ونضالهم من أجل تحرير المرأة؟! إنه تحليل لها، من كل فضيلة، لا تحرير، والعاقبة للمتقين. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة