يؤرخ الأمير محمد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية؛ والمتخصص في قضايا المعلوماتية وتكنولوجيا الإعلام في كتابه الصادر مؤخرا بعنوان «الرفض والقبول.. سيرة تعامل المجتمع السعودي مع تقنيات الاتصال من البرقية إلى الإنترنت»، للتحولات التي شهدها المجتمع السعودي في حقل الاتصال والمعلومات. يتكون الكتاب من مقدمة وخمسة أجزاء في 300 صفحة، وفي كتابته للمقدمة يؤكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، على أهمية الكتاب كمرجع توثيقي وتحليلي لتقنيات الاتصال في المملكة. وعبر صفحات الكتاب يشير المؤلف، إلى أن العالم المعاصر بات يشهد مجموعة من التغيرات المتسارعة في مجال الاتصال وتقنية المعلومات، مما جعله قرية كونية تنتقل فيها المعلومات في بضع أجزاء من الثانية، مؤكدا أن هذه التغيرات لها تأثيرها المباشر على الأفراد والمؤسسات المكونة للمجتمعات، مما دفع المجتمعات للتعامل معها بأساليب وطرق متعددة؛ إما بقبول هذه المستحدثات والتكيف معها لتحقيق الاستفادة مما تقدمه من مزايا في جميع المجالات أو رفضها بناءا على منطلقات ثقافية أو دينية أو كلاهما معا، ويرى أن قبول أو رفض تقنية اتصال من خلال تجارب المجتمعات هو ظرفي يتأثر بالزمان والمكان، بمعنى أن ما يتم رفضه اليوم من تقنية في مجتمع ما ليس مستبعد أن يتم قبوله في الغد، بل وتوظيفه واستخدامه بشكل واسع من قبل الرافضين له في السابق، فالتقنية بحد ذاتها هي محايدة في الأصل وقد تعكس ثقافة المجتمع المنتج لها في بعض جوانبها، لكن استخدامها وتوظيفها في المجتمعات الأخرى يفترض أن لا يتأثر بثقافة المجتمع المنتج لها. وحول علاقة مجتمع المملكة العربية السعودية كإحدى مجتمعات العالم المعاصر بالثورة المعلوماتية خلص إلى القول بأن المملكة تشهد منذ عقود عدة تطورا كبيرا في مجال التحول إلى مجتمع تقني يقوم على الاستفادة من المزايا التي تقدمها تقنية الاتصال بشكل خاص والتقنية الحديثة بشكل عام في جميع الميادين، لمواكبة عصر المعلومات الذي فرض على الجميع، وحتى لا يجد نفسه في عزلة عن بقية دول العالم، وإن انتشار المستحدثات يعد «ظواهر» في تاريخ المجتمعات البشرية لها نقاط القوة التي تضيفها للمجتمعات ولها نقاط الضعف بتأثيراتها السلبية، كما أنها تشكل فرصة في بعض الأوقات وتهديد للمجتمعات في وقت آخر. يسعى المؤلف في الجزء الأول إلى تقديم قراءة تاريخية ثقافية اجتماعية لدخول وانتشار تقنيات الاتصال الحديثة في المملكة، ويشمل ذلك تقديما لظاهرة مقاومة المستحدثات في المجتمعات البشرية، والعلاقة بين الدين والتقنية كأحد أوجة منطلقات المقاومة للتقنية، ووصفا لحالة المجتمع السعودي في قبولها. ويتناول الكاتب في الجزء الثاني تعامل المجتمع السعودي مع دخول تقنيات الاتصال الأولى منذ تأسيس المملكة وحتى بدايات التسعينات من خلال اللاسلكي، والمسرح، والسينما، والإذاعة، والتلفزيون، والفيديو، والقنوات التلفزيونية الفضائية. وفي الجزء الثالث يناقش تعامل المجتمع السعودي مع وسائل الاتصال الحديثة بعدالتسعينات الميلادية ويتضمن وسائل الاتصال الفردية، ووسائل الاتصال والإعلام الجديد. يستعرض في الجزء الرابع التحيل النوعي لحلقات النقاش التي تم إجراؤها للتعرف على رأي النخبة في تجربة مجتمع المملكة مع تقنيات الاتصال الحديثة وأوجة مقاومتها أو قبولها. و يتضمن الجزء الخامس توثيق نصي لحلقة النقاش التي أجريت من أجل البحث، وقد ضمن الباحث في الكتاب عددا من الأنظمة السعودية ذات العلاقة بتنظيم واستخدمات وتطبيقات التقنية المختلفة.