هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابة، لكن في الواقع الشعب السوري يحتاج بشكل عاجل لوقف القتل والعنف اللذين يعصفان به من كل حدب وصوب، حتى باتت المجازر خبزا يوميا يقتاتها الطفل والشيخ والمرأة. مهمة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان في سورية كمبعوث خاص للأمم المتحدة والجامعة العربية هي مهمة صعبة لا، بل بالغة الصعوبة ولانبالغ إذا قلنا هي مهمة انتحارية في ظل التعنت الأسدي، فالقوى السياسية الدولية والإقليمية التي دفعت لجهة تعيين كوفي عنان في هذا الموقع وعلى رأس هذه المهمة مواقفها ليست متوافقة على رؤية واحدة ومنطق واحد للحل أو لتوصيف مايحصل في الداخل السوري. لا، بل يمكن القول إنها مواقف متراجعة لجهة التبصر بواقع الأزمة السورية الراهنة، وهو موقف متخبط من التطورات التي يعيشها الشعب السوري وخاصة التطورات العسكرية والأمنية الأخيرة والتي رغم ضخامتها رافقها صمت دولي قاتل. الأمين العام السابق كوفي عنان سوف يحاول تسيير مهمته على مستويين لا ثالث لهما، الأول: المستوى الإنساني والإغاثي. والثاني: الدفع باتجاه إطلاق حوار بين المعارضة والنظام السوري. فعلى المستوى الأول سيلاقي صعوبات بإيصال الإغاثة ومعالجة المشاكل الإنسانية خاصة مع تشدد النظام السوري إثر سقوط بابا عمرو، والصمت الدولي الذي رافق هذا السقوط فيما على صعيد المستوى الثاني أي الحوار، فإن هذا المسار ليس له أفق في كافة المعطيات الحالية؛ إن على صعيد النظام، أو على صعيد المعارضة. أن يكون عنان مبعوثا دوليا وعربيا يعني أن مهمته تمتلك غطاء معقولا سواء من الدول الكبرى أو من الدول العربية خاصة أن ابتكار هذه المهمة جاء كتعويض دولي عن عدم التدخل المباشر، فيما يحصل في سورية. في اللحظة الحالية لا يمكن ترصد نجاح لهذه المهمة وبخاصة على صعيد النظام، فهذه المهمة تفتقد إلى أفق واضح أفق سياسي ضاغط على أطراف الأزمة لتحريك الوضع إلى مربعات جديدة. بالمقابل فإن تعاون النظام السوري مع مهمة الأمين العام السابق كوفي عنان تدور حوله تساؤلات، فهو من الممكن أن يتعاون فيما يتعلق بالجانب الإنساني والإنمائي إن رأى النظام أن ذلك يخفف عنه الضغوطات العربية والدولية المتفاقمة. كما أن أصدقاءه وعلى رأسهم روسيا والصين مارسوا ضغوطا عليه في هذا الجانب خاصة أنهما أيضا يعيشان حالة إحراج دولي بفعل موقفهما من الأزمة خاصة مع الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية. لا يمكن تشبيه مهمة الأمين العام السابق كوفي عنان في سورية وهو مبعوث دولي بمهمته في العراق عندما كان على رأس المنظمة الدولية، فالظروف مختلفة، والضغط الذي تعرض له نظام صدام حسين ونظام البعث العراقي قبل سقوطه لا يصح مقارنته بالتخبط الدولي الذي يواجه به العالم النظام السوري، أو التخبط الذي يمارسه المجتمع الدولي ضد التشدد الذي يمارسه النظام السوري وقمعه للشعب. هناك أصوات في الولاياتالمتحدةالأمريكية ويتقدمها جون ماكين وهناك أصوات في أوروبا وهذه الأصوات ربما تتقدم إن تصاعد العنف في الداخل السوري، لكن ما زالت هناك مسافة كبيرة بين ما يجري من واقع مخيف في سورية، وبين ما يجب أن يتحمله المجتمع الدولي ومجلس الأمن من مسؤوليات لوقف هذا العنف. إن مهمة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان في سورية هي حاجة ملحة للمجتمع الدولي، وللدول الكبرى تحديدا، فأمام التخبط الكبير الذي تعيشه والعجز عن إيجاد حل لهذه الأزمة الكبيرة، وبالتالي وقف العنف الحاصل ضد الشعب، فإن كوفي عنان يأتي كحركة إعلامية تخفي الوقائع الميدانية إن في مجلس الأمن الدولي أو في الداخل السوري المتأزم أمنيا وعسكريا، وكل ذلك بانتظار تطور ما. من المؤكد أن أي طرف دولي أو إقليمي لا يعرف هوية وماهية هذا التطور.