على خطى زملائي من كتاب الرأي حاولت أكثر من مرة تقمص معاناة المواطنين والحديث عن مشكلاتهم، ولكنني طبيب يداوي الناس وهو عليل، حيث لا أجد من يتحدث عن مشكلاتي الشخصية ومعاناتي كمواطن، وقد فكرت أكثر من مرة بمراسلة الزميل صالح الشيحي في الوطن أو الزميل عبد العزيز السويد في الحياة كي أشرح لأحدهما مشكلتي، وأختتم الرسالة بعبارة يصر عليها بعض القراء الكرام رغم أنها بلا معنى: (إذا كتبت عن الموضوع أرجو أن لا تذكر اسمي)! ولكن يبدو أن حاجتي للزميلين السويد والشيحي قد تلاشت، بعد أن قرأت ملخص العريضة التي أرسلها المواطن بندر الشلهوب إلى مجلس الشورى، والتي من المتوقع أن يناقشها المجلس غدا أو بعد غد، فالشلهوب الذي حرر عريضة حول نظام التقاعد في السعودية، اختصر علي مشوار العمر حين قال في عريضته: إنه لا يجوز شرعا أن ترث مصلحة التقاعد أن المواطن بعد موته وتحرم أولاده من راتبه التقاعدي؛ لأنه استثمر أمواله في هذه المصلحة. على الصعيد الشخصي، عملت في القطاع الحكومي حتى بقي على تقاعدي المبكر سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وحين صرخ في وجهي المقربون: (غلطان .. كان صبرت لين يجي التقاعد) ولكنني لم أكترث بهذه الصرخات لأنني أدرك بأن الملاليم التي سوف تصلني من مصلحة التقاعد سوف يحرم منها أولادي بعد وفاتي خصوصا من يتوظف منهم، حيث لن تقسم حصته على أشقائه القصر، بل سوف تذهب لمصلحة التقاعد (وكأنني خلفت المصلحة ونسيتها !!). أما حين عملت في القطاع الخاص، فقد كان دخلي يضمن لي حياة كريمة بعد التقاعد، ولكنني كنت حريصا على عدم التسجيل في التأمينات لسببين: الأول منهما أن المال الذي يخصم من راتبي لقاء التقاعد أسرتي أولى به مادام النظام بصورته الحالية يقحم نفسه كوريث لي بعد وفاتي، أما السبب الثاني فهو أنني أشفق على ورثتي من الشحططة من أجل الحصول على راتبي التقاعدي فالتأمينات سوف تخصم حقها بصورة أتوماتيكة وحين يجئ الوقت الذي يطالب فيه الورثة بحقهم فإنها سوف تقوم بتعريفهم على كل الدوائر والمحاكم في البلد كي يثبتوا أنهم يستحقون هذا الراتب!. الشلهوب طالب أيضا في عريضته بتعديل نظام التقاعد، بحيث يحصل المتقاعد على علاوة سنوية مثلما يحدث في الأردن والكويت؛ كي يستطيع مواجهة أعباء الحياة، ومجلس الشورى سوف يناقش غدا وبعد غد طلب لجنة الموارد البشرية، باستثناء أصحاب المعاشات التقاعدية السعوديين من نظام مد الحماية التأمينية لدول مجلس التعاون أو ترك الخيار لهم.. ومن هنا حتى الغد أتمنى ممن يشاركونني الرأي والمعاناة أن يقولوا لمجلس الشورى إننا قلبا وقالبا مع عريضة الشلهوب، فنحن بالكاد نصرف على أولادنا فكيف تريدون منا أن نصرف على مصلحة التقاعد؟! [email protected]