لا شك، أن الكتابة الإبداعية، هذا العام في الوطن العربي، خاصة الكتابة القصصية، والروائية، موعودة بتغيرات كبيرة، وقد شهدنا ونشهد باستمرار، احتجاجات متصاعدة من الشعوب، وهذا شيء لم يكن واردا على الإطلاق في الذهن الشعبي، حتى عهد قريب. ليست نداءات على استحياء، ولكن تظاهرات حقيقية موسومة بالغضب، وتتحرك في تناغم من دون رعاية من أحزاب، أو خلفيات سياسية أو ثقافية معينة، والملاحظ أيضا أنها اتسمت بالتحضر، بعيدا عن وسائل التخريب المعروفة التي غالبا ما تلجأ إليها الشعوب، ساعة الغضب. حدث هذا بالفعل في تونس، ويحدث في مصر. ما يهمني بعيدا عن السياسة ودهاليزها، هو ما سيحدث مستقبلا في إبداع هذه الشعوب، ونعرف الطفرة التي حدثت لأدب أمريكا اللاتينية، في أعقاب سقوط الأقنعة القديمة، ولو نظرنا للتاريخ، لوجدنا آدابا كثيرة تغيرت، بتغير مجريات السياسة، الأدب الروسي مثلا، والفرنسي وغيرهما. وأعتقد جازما أن ثمة أناسا يعكفون منذ الآن، في محاولة لترسيخ كتابة جديدة، نبعت من تلك التغيرات. كتابة تتحدث بصدق بعيدا عن الأغطية القديمة، كل كلمة ستعني نفسها، وكل مقطع في رواية، سيتحدث عن نفسه صراحة، بلا مواربة، وما دامت الشوارع قد تخلصت من عرقها القديم، وارتعاشها، فلا بد أن تتخلص الكتابة أيضا من هذا العرق والارتعاش، وتغدو صريحة جدا. لكن، هل سيبدو ذلك الأدب، لو كتب بالفعل، أدبا حقيقيا، وجاذبا؟ أعتقد أن من أهم مميزات الكتابة الجيدة، مسألة التواري، أي نقش الرؤية والحروف بفن، بعيدا تماما عن الفجاجة والمباشرة. الكاتب يتوارى خلف سيرته الشخصية، لينتج رواية اجتماعية، فيها خيال وواقع. يتوارى خلف التاريخ القديم، المكتوب عن أحداث وقعت من قبل، لينتج رواية تتحدث عن وقائع جديدة ومعاشة. عنصر التشويق الذي لا بد منه حتى نعتبر الكتابة فنا، وليست منشورات تحريضية، يمكن أن يصيغها أي شخص، حتى لو كان شبه أمي، ولا دراية له بالكتابة. وفي المقابل يمكن أن ينتج الأدب الجديد، المستقى من التغيرات الجديدة، قارئا جديدا ومتفاعلا، وغير مهتم كثيرا بفنيات الكتابة. وفي هذه الحالة، سيخسر الأدب فيما أعتقد، لونه الخاص المميز، وطعمه الذي لا بد منه حتى يكون أدبا رفيعا. على العموم، يبدو هذا الكلام سابقا لأوانه قليلا، وعلينا أن ننتظر ما سيحدث إبداعيا، قبل أن نضيف، إضافات أخرى. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة