أربع حالات انتحار نشرتها «عكاظ» في عدد أول أمس وكلها لشباب (من الجنسين).. وإحدى هذه الحالات تم إنقاذ المنتحرة قبل أن تصل إلى الضفة الأخرى من الحياة، لكن التفسير الذي صاحب تلك الحالة قول مسؤول في الجامعة إن الطالبة المنتحرة أرادت بفعلتها لفت الانتباه. وكأن هذا السبب هو التقليل من حالة الانتحار، بينما يقول علماء النفس إن المنتحر قبل إقدامه على إزهاق روحه يقوم بإرسال تحذيرات من خلال حزم من الأفعال التي تشير إلى إقدامه على هذا الفعل. ولكثرة التأزمات الحياتية التي يعيشها الجميع غدونا نتلقى تلك الرسائل بصورة يومية لكننا في استقبالنا نكون لاهين وغير مكترثين بما يرسله المنتحرون من إشارات استغاثة لإنقاذ المنتحر من أفكاره السوداوية. والقضية التي ترعب حقا أن جملة من الرسائل تبعث يوميا ومن فئات عمرية مختلفة ولا نستقبلها كما يجب. وبالرغم من أن الانتحار (في الحالات الأربع) تم بطرق مختلفة كالشنق وإحراق النفس إلا أن هناك انتحارات أخرى تحدث ولا نلقي لها بالا أيضا. فتعاطي المخدرات انتحار وانسحاب من الحياة في عالم الغياب والخمول (وتعاطي المخدرات ارتفعت نسبته بين الشباب لدرجة مخيفة ومرعبة ).. وهناك انتحار جماعي بالبطالة وهناك انتحار جماعي بالاكتئاب وهناك انتحار بالتخلي عن المسؤولية وهناك انتحار جماعي بسبب ضياع الأحلام. جملة انتحارات تحدث في المجتمع بصيغ مختلفة تؤدي في نهاية الأمر إلى الانتحار المادي للفرد. وفي زمن سابق كنا إذا أردنا انتقاص الغرب انبرى أحدنا ليقول: انظروا للغرب وما يعيشه من تفكك أسري وفساد أخلاقي وإحباطات وانتحارات. وها نحن نعيش في هذه الدوامة من المشكلات المتداخلة بعضها ببعض، فماذا نحن فاعلون. ربما يقول أحدنا أيضا إن هذه المشكلات تولدت من ضعف الوازع الديني وإذا كان هذا صحيحا فهي مشكلة مضافة للمشكلات الأخرى مع الاستغراب لحدوث هذا ونحن نعيش في مجتمع إسلامي مائة في المائة نتغذى بقيم الإسلام منذ نعومة أظفارنا وفي كل حين ( في البيت وفي المدرسة وفي المسجد وفي الشارع ). بالنسبة لي أظن أن ما يحدث من مشكلات اجتماعية متعددة تؤدي بالفرد إلى الانتحار (سواء كان انتحارا ماديا أو معنويا ) وأن هذا يعود إلى الاحتياجات النفسية للفرد. وهذه الاحتياجات لها صور وأشكال تتنوع بتنوع الضغوط التي يواجهها كل منا، وبعيدا عن حصص الوعظ. يجب على المؤسسات الاجتماعية حمل راية الجهاد ضد آفات المجتمع ومحاربتها محاربة فعلية. وأهم وسائل خلق التوازن النفسي أن يكون لدى الفرد الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي. لننتقل خطوة للأمام ونحارب البطالة، فالبطالة تحمل في طياتها المسبب الحقيقي وراء كثير من مشكلاتنا.. وأعتقد أن الحمل يقع على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية. وأكاد أيقن أن الوزارة بوضعها الحالي لن تستطيع فعل شيء ما لم تنتفض لكي تتصدى لمواجهة ما يحدث بآليات جديدة وإمكانيات أكثر وفرة مما هي عليه الآن وبمعنى آخر يجب أن تضخ الأموال الضخمة في ميزانية هذه الوزارة كي تستطيع إعطاء العاطلين دخولا شهرية كخطوة أولى وتتمكن أيضا من تزعم المشاريع الاجتماعية التي تمكنها من حل عشرات المشكلات حلا علميا وليس تلفيقيا (كما يحدث الآن). وإن لم يحدث هذا فسوف يكثر نصب المشانق وكل فرد سوف يصنع مشنقته الخاصة ويصيح: هذه المشنقة لي لوحدي !. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة