بشكل مغاير عن بقية أيام السنة، يستنفر الشباب العزاب والمبتعدون عن أسرهم طاقاتهم وإمكانياتهم المختلفة خلال شهر رمضان، ويشحذون ذاكرتهم لعلها تجود بمقادير طبق أو طريقة عمل وجبة في سبيل سد جوعهم بعد عناء يوم طويل من الصيام والعمل تحت درجات حرارة مرتفعة. العزاب في رمضان يجبرون على تغيير أنماطهم الحياتية المتباينة ودخول معترك الطبخ وإعداد المأكولات الرمضانية، وعادة ما تكون هذه المأكولات خفيفة وذات مكونات ومقادير بسيطة وخالية من التعقيد في مشاهد يومية ولقطات لا تخلو من حس الطرافة والدعابة بين الشباب الجياع. وفي حال لم يتمكنوا من إعداد وجباتهم سيكون مصيرهم الوقوف على باب مطعم بخاري للاستعانة بالكبسة التي يعتبرونها آخر الحلول. يقطن علي السلمي في شقة مع أربعة من أصدقائه ممن أجبرتهم ظروف العمل في السكن بعيدا عن أسرهم، وخلال رمضان يوزعون مهمات الطبخ فيما بينهم، فهناك من يعد الطعام وآخر مخصص لإعداد المشروبات الباردة، فيما يتوزع الباقون لشراء المواد الغذائية الناقصة وغسل الأواني. يقول: «نصادف في كل يوم مواقف طريفة ومضحكة عند البدء في إعداد الأطعمة الرمضانية، فمرة تحترق الطبخة كليا ولا نستطيع أكلها، وأخرى لا نقدر على استساغة طعمها في الوقت الذي يؤكد فيه معدها أنها من أفضل ما طبخ في حياته، وفي بعض الأحيان ينسى الطباخ بعض المقادير والمكونات مما يجبرنا على الأكل عنوة لسد جوعنا». ويعتبر خالد الغامدي أيام شهر رمضان من أجمل الأيام التي تحمل مابين طياتها لحظات مميزة تعلق في ذاكرة الأصدقاء طويلاً، «خاصة تلك التي نعيشها أثناء إعداد الأطعمة التي غالبا ما تنتهي بتوجهنا إلى أحد المطاعم لشراء الأكل ومحاولة إعداد الطبخة بشكل جيد في المرة المقبلة». أما سمير فاضل فيقول: إن علاقته بالمطبخ في الأيام العادية لا تتعدى دخوله لشرب الماء أو أخذ أواني الطعام فقط، «لكن في رمضان نضطر لدخول المطبخ لإعداد المأكولات وهو الأمر المتعب والحرج، خصوصا أننا لا نستطيع شراء الأغذية بشكل يومي من المطاعم». ولكن معظم الشباب العزاب يفضلون الإفطار سويا وإعداد الأطعمة بشكل جماعي، ومنهم من يحرص على تخصيص يوم للإفطار في البحر والتمتع بنسيمه العليل وأجوائه الجميلة في رمضان.