1- ربّما.
ربّما
في مكانٍ بعيدٍ
سيحدثُ أن يلتقي نهرٌ
بفتاةٍ تسيلُ على جانبيهِ
وتهمسُهُ
لتذكِّرهُ إنها الماءُ.
ربما
في صباحٍ بعيدٍ
سيحدثُ أن تصطفي
جدَّتي حجراً وتلوّنهُ
لتقول له:
أنتَ بعلي
فنمْ فوق صوتي.
إذن في مساء بعيدٍ
سيحدثُ أن أتأمَّلَ في (...)
الأيام
تأتي أيامٌ
لا نلمسُ فيها شيئاً،
لا نسمةَ ضوء تأتي
لا رفّة أنملةٍ
أو جلبة عينٍ
وضجيج حواجب،
لكأن الاحساس تكلّسَ
لكأن مشاعرنا تتحجّر بالتدريج وتثقلُ،
والصمتُ كذلك
أضحى يترسبُ في الاقداحِ،
كذلك بات الطبعُ
يصيرُ إشاراتٍ
أحياناً يتأوّلُ،
تأتي (...)
في سن الثامنة عشرة تجليات شكلت مفترقاً في سياق حياتي، اي انها عزلت سنوات طفولتي وصباي لتدخلني في مرحلة حياة جديدة، هذه الحياة كما اتخيلها الآن وأنا في اواخر الاربعينات ظلت تحمل سمات من طيش ونزق وصخب الطفولة والصبا. وبقيت شرارات وحمولات طيفية تسم (...)
الملجأ
خيرٌ لي
أنْ أُبصرَ
ما يحدثُ تحت الأرضِ
والمسهُ بالرؤيا.
خيرٌ لي
وأنا أتجوَّلُ
في البستانِ
الأنصاتُ الى الجذرِ
ورنَّتهِ في أعماقِ التربة.
خيرٌ لي
أنْ اسمعَ هفهفةَ الريحِ
على الزهرة.
خيرٌ لي
أنْ أتذوَّقَ فيءَ العصرِ بأهدابي.
خيرٌ لي
أنْ أجلسَ (...)
* يحدث أن
يحدثُ أنْ
ينتحرَ العطرُ
ببستانٍ أسمرْ
يحدثُ أنْ ترمي دودةُ قزٍّ
قمصاناً زاهيةً لي
يحدث أنْ
يخرجَ حلزونٌ أشقرْ
كي يتمشّى في مطرِ الليلةِ
فوق سياج المنزل
يحدثُ أنْ يحترقَ الثلجُ
وتنشطرَ الشمسُ على العتبةْ
يحدث أنْ
تظهرَ سيّدةٌ في طرفِ (...)
"حانة القرد المفكر" عنوان غريب أليس كذلك؟ لكن الغرابة التي يستدرجها الشاعر العراقي المعروف سعدي يوسف، تستند دائماً الى أمور مهجوسة ومحسوسة وهي غرابة من يعرف طعمها ونكهتها، ولا تتأتى هنا دون سند. وفي هذه المجموعة لا يزال الشاعر سعدي يوسف جوّاب آفاق (...)
كان ظل الشاعر الكبير محمود درويش كبيراً على خريطة الشعر الفلسطيني، لا بل تعداها ليشمل مساحة واسعة من خريطة الشعر العربي، فكيف بشعراء فلسطينيين ظهروا في زمن محمود درويش، وتمكنوا بفضل قوة موهبتهم وتنوّع ثقافتهم والطاقة المعرفية التي اكتسبوها خلال (...)
في عالم عربي محاط بالسواد والعنف والأعمال البربرية التي تتنافى وعالم الأنوار الذي حققته الحداثة، أجد بيروت، كلما زرتها، بقعة ضوء كريستالي شفاف. بيروت الأنوار والكتاب والحداثة- هي أيضاً- لم تعد تنجو من محاولات الخدش والدسيسة والتآمر على جمالها. تآمر (...)
طيلة حياتي الأدبية التي تجاوزت الأربعين عاماً، لم ألتقِ بشاعر متجرّد، زاهد، متصالح مع نفسه مثل الشاعر سركون بولص. إنه مثال الشاعر الحقيقي الذي كان سائداً في الحِقب الرومنطيقية والرمزية، أي الشاعر الخالص والصافي، المكتفي بالشعرية وحدها. يعيش وكأنّه (...)
دَرَجَ الشاعر العماني سيف الرحبي منذ سنوات، على الكتابة المفتوحة والنص المتجول بين النصوص، نصوصه هو ونصوص غيره، متخذاً من عباراتهم وآرائهم علامات تضيء تضاريس نصه. ففي هذه الكتابات نجد البيت الشعري القديم، والحكمة البوذية، واللمحة اليابانية التي (...)
لا تُنسى تلك الترجمات الرائدة التي قدمها الشاعر فؤاد رفقة من الشعر الألماني، وبالأخص تانك الترجمتين الدقيقتين، وهما مختارات من شعر ريلكة وهولدرلن، وقد صدرتا عن دار «النهار» نهاية الستينات، لتضيفا الى المكتبة العربية عملين باهرين لعملاقين من عمالقة (...)
لم يكن أنسي الحاج شاعراً فريداً وحسب، بل هو أيضاً شخصية فريدة ونادرة، وقد تجسد ذلك منذ البداءة حين اليفاع والصبوات الأولى والخطوات البديئة، تلك المقرونة بحس التمرد ونقض الراسخ والمتعارف عليه. باكراً صاحبه هاجس الانتقال من القيود الى منفسح من هواء (...)
كلما مسّني الشوقُ
أو هالني نبأٌ
في مواضي السنينِ
هببتُ وقلتُ: دمشقَ...
دمشقُ التي اتّجَرَتْ
بالنجوم الى الصين والتبْتِ
حيثُ طريقُ الحريرِ،
دمشقُ التي سوَّقتْ
قمراً لسمرقندَ
شمساً لآسيا،
دمشقُ التي أبرَدَتْ
في البريدِ النهاوندَ
همسَ البياتِ
وساقتْ (...)
كلما مسّني الشوقُ
أو هالني نبأٌ
في مواضي السنينِ
هببتُ وقلتُ: دمشقَ...
دمشقُ التي اتّجَرَتْ
بالنجوم الى الصين والتبْتِ
حيثُ طريقُ الحريرِ،
دمشقُ التي سوَّقتْ
قمراً لسمرقندَ
شمساً لآسيا،
دمشقُ التي أبرَدَتْ
في البريدِ النهاوندَ
همسَ البياتِ
وساقتْ (...)
ظهر حسب الشيخ جعفر في مرحلة الستينات من القرن الماضي شاعراً مجدداً، من جبلة خاصة، وظلّت فرادته كامنة في كونه شخصية نهلت من كلاسيكيات الشعرية العربية والأجنبية، مقرونة بحداثة متقدمة مطبوعة بالابتكار، وهذا ما حيّده عن جيل الستينات واختطّ له مساراً (...)
ظهر حسب الشيخ جعفر في مرحلة الستينات من القرن الماضي شاعراً مجدداً، من جبلة خاصة، وظلّت فرادته كامنة في كونه شخصية نهلت من كلاسيكيات الشعرية العربية والأجنبية، مقرونة بحداثة متقدمة مطبوعة بالابتكار، وهذا ما حيّده عن جيل الستينات واختطّ له مساراً (...)
ذات صيف ساخن من تموز يوليو عام 1975 كنت مسافراً من بغداد في الطريق البري في احدى حافلات شركة الاقتصاد المنطلقة من منطقة الصالحية في قلب بغداد في اتجاه دمشق، ومن ثَمّ الى بيروت، قائماً بزيارة خاصة الى البحر، هذا البحر الذي كنت قرأت عنه مدائح الشاعر (...)
ذات صيف ساخن من تموز يوليو عام 1975 كنت مسافراً من بغداد في الطريق البري في احدى حافلات شركة الاقتصاد المنطلقة من منطقة الصالحية في قلب بغداد في اتجاه دمشق، ومن ثَمّ الى بيروت، قائماً بزيارة خاصة الى البحر، هذا البحر الذي كنت قرأت عنه مدائح الشاعر (...)
حلمتُ أنني ذاهبٌ
في قطار الصباحِ إلى حَلبٍ
وطيور القطا
خلف نافذةٍ في القطار ترافقني
تستديرُ إليّ
وتلقمني أنجماً ونسيماً
أتتْ به من وراء الجبالِ...
وأذكرُ أني مررتُ بحمصَ
بسوق القماشِ
وعطارها المتواري وراء الأريجِ
مررتُ بأشياخها الساهمينَ
تدور التبوغ (...)
حلمتُ أنني ذاهبٌ
في قطار الصباحِ إلى حَلبٍ
وطيور القطا
خلف نافذةٍ في القطار ترافقني
تستديرُ إليّ
وتلقمني أنجماً ونسيماً
أتتْ به من وراء الجبالِ...
وأذكرُ أني مررتُ بحمصَ
بسوق القماشِ
وعطارها المتواري وراء الأريجِ
مررتُ بأشياخها الساهمينَ
تدور التبوغ (...)
حكاية أولى
لم أنسَ تلك اللحظة، من ضحى أحد الأيام الخريفية في أواسط السبعينات، عندما دخلت القاصة بثينة الناصري الى مقهى البرلمان في شارع الرشيد وقالت لنا نحن الجالسين من الأدباء، سبعينيين وستينيين وحتى خمسينيين، ألم تسمعوا باعتقال عبد الستار ناصر، (...)
حكاية أولى
لم أنسَ تلك اللحظة، من ضحى أحد الأيام الخريفية في أواسط السبعينات، عندما دخلت القاصة بثينة الناصري الى مقهى البرلمان في شارع الرشيد وقالت لنا نحن الجالسين من الأدباء، سبعينيين وستينيين وحتى خمسينيين، ألم تسمعوا باعتقال عبد الستار ناصر، (...)
يُفاجأ زائر بغداد بعد عشر سنين على سقوط النظام، بهذا الحجم الهائل من الخراب والدمار والتآكل الذي ينخر في شكل ممنهج ومنظم، مفاصل الحياة العامة ومرافقها في عراق الاحتلال من القوى الغاشمة، عالمية وإقليمية، ومن السدنة الجدد الذين يلعبون بمصير المواطن (...)
حَيْرَة أبي العلاء
حجرٌ بكى
بمعرّة النعمانِ،
ناعورُ المدينةِ
يرفضُ الدورانَ في الدمِ،
لا مياهَ هنا
ولا حطبٌ لهذا المصطلى
لنرى الشواظ
وسِقْط زندهِ
لا لزوميّاتِ للأمكنةْ
في حضرة المتواترِ من شبقٍ
إلى المحو المسدّدِ
من بداةٍ
من برابرةٍ
ومن سَلفٍ عطيل (...)