مسارعة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لزيارة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور بمعنى مباركة العملية السياسية التي يطرحها الانقلاب الذي حصل على حكم الإخوان المسلمين لا تلفت النظر إلى محاولة إظهار موقف أردني جريء وسريع في دعم التحولات الجارية في المشهد المصري، وفقط، لكنها زيارة تقرأ سياسيا من زاوية مغايرة تماما تهدف في النهاية إلى ترتيب أوراق جميع الأطراف المعنية بعملية السلام في المنطقة والانطلاق مجددا بالمفاوضات المرتبطة بملف الصراع العربي الإسرائيلي. الأوراق اختلطت بمشروع جون كيري الأخير في المنطقة لإنعاش عملية السلام، وينبغي حسب المعلومات أن تترتب وفي أسرع وقت ممكن وقبل نهاية شهر سبتمبر المقبل المرتبط بأجندة توقيت لقاء جنيف الثاني للملف السوري. الأردن لم يكن يملك مالا كالكويت والسعودية والإمارات حتى يقدمه للحكم الحالي في التجربة المصرية.. لذلك كان الملك أول زعيم يزور القاهرة في ظل الرئاسة المؤقتة ويلتقي أركانها، في خطوة دعم معنوية ولوجستية لن تقف عند هذه الحدود كما يقال في أروقة القرار الأردنية. مصر الجديدة الخالية من نفوذ الأخوان المسلمين أصبحت مطلبا مفصليا وحيويا للأردنيين ولكل الأطراف الساعية لاستقرار عملية السلام في المنطقة ويمكن ببساطة ملاحظة أن جناح "الاعتدال" العربي الدائم، ممثلا بالأردن والسعودية والإمارات، كان دائما يعمل مع الزاوية الرباعية وهي مصر في عهد الرئيس حسني مبارك، الأمر الذي يبرر خطوة مصالحات أردنية مصرية سريعة وانفتاح السعودية ومنظومة الخليج ماليا على النظام الجديد في مصر. كما يلاحظ السياسي المخضرم عدنان أبو عوده بأن شيئا ما يجري ترتيبه في المنطقة وهو على الأرجح الشيء الذي تطلب زيارة كيري للمنطقة خمس مرات على الأقل في وقت قصير، كما تطلب لاحقا تعيين مبعوث رسمي لعملية السلام والمفاوضات والتمهيد لنقلة عملاقة من المفاوضات. الشيء الذي يتم الترتيب له متعلق بوضوح بتسارع نبضات التسوية على صعيد عملية السلام والصراع والخطوط العريضة التي اتفق عليها جون كيري مع محمود عباس تعطي منظومة الخليج العربية دورا بارزا في تمويل ما يسميه كيري ب"الحل التاريخي للصراع". وهذا التسارع يتطلب برأي الكثير من المحللين تحقيق ثلاث قفزات سريعة تتمثل في ترتيب العلاقة بسرعة مع المؤسسة الحاكمة في مصر حاليا والأردن، مع دفع الأردنيين حصريا ولو نسبيا للاسترخاء ماليا، وتمكينهم من تجنب خيار إفلاس الخزينة، والقفزة الثالثة هي محاصرة حركة حماس في قطاع غزة. وفقا للاحتمالات التي يمكن استنتاجها من سياقات الدبلوماسية الأردنية، فحركة حماس ستعزل وتخضع لحصار عسكري مصري قاس جدا بالتعاون مع وزير الدفاع الجنرال عبد الفتاح السياسي. والهدف من خنق غزة مجددا وحصرها اقتصاديا ومنع دخول السلاح والإسمنت وحتى الغذاء والدواء إليها هو إجبار حركة حماس على عدم اعتراض المسار الجديد لإطلاق عملية المفاوضات وهي عملية ستنجو هذه المرة ولأول مرة تحت غطاء التزام المجموعة العربية بأمن إسرائيل. الأردن بدوره ينبغي أن يرتاح قليلا اقتصاديا في ضوء المخطط الجديد لمشروع كيري عبر تمكينه من خيارات الحصول على كميات من الغاز الإسرائيلي إذا تغيب أو أستمر الغاز المصري بالتغيب بسبب المشكلات الأمنية وتفجيرات الأنابيب في سيناء. في مسألة الغاز، ومع عدم وجود ما يفيد بتعاون قطر مع عمان، يشير الأردنيون بين الحين والآخر، إلى أن إسرائيل وفي حالات الطوارئ يمكنها أن تساعد في جزئية الغاز على أن الحصة الأردنية من الأدوار في سياق مشروع كيري حصة وفيرة وأكيدة، فعمان هي الطرف الذي سيجلب المجموعة العربية في قيادة مبادرات عربية تعمل على تأمين أمن إسرائيل. وعمان ستكون محطة أساسية في استقبال ووداع المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين، وستحظى بحصة أساسية من تمثيل مصالحها عندما يتعلق الأمر بقضايا المياه واللاجئين والقدس، والأهم ستعود للعب دور بارز إقليما وسياسيا عبر رعاية مؤسسة الأمن الفلسطينية بعد الاتفاق على صياغة معادلة كونفدرالية.