شرع الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، بتنفيذ خطة لإحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، المتوقفة منذ سنوات. وقال مصدر رفيع في الديوان الملكي الأردني، ل «اليوم»، إن «الأردن دشن الاثنين (أمس) خطة، وضعها بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين». وبين المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن الخطة تتضمن «عقد لقاءات منفردة مع أطراف فلسطينية وإسرائيلية، تسبق إطلاق المفاوضات بين الجانبين مجددا». وأشار إلى أن «الخطة تستند إلى فكرة إطلاق مفاوضات غير مباشرة في المرحلة الأولى بين الجانبين، تنتقل تاليا إلى مفاوضات مباشرة، بهدف إيجاد حل دائم للصراع، يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967». وفي خطوة تأتي بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية والأردنية، التقى العاهل الأردني أمس الاثنين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي وصل العاصمة الأردنية ليل الأحد في زيارة لم يعلن عنها مسبقا. وقال بيان للديوان الملكي الأردني، إن «الملك عبد الله الثاني ومشعل بحثا ملفي المصالحة الفلسطينية وجهود إحياء عملية السلام». وقال العاهل الأردني وفق البيان، إن «الاعتراف الأممي، الذي تحقق بحصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، يعد خطوة أساسية على طريق استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه، خصوصا إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني». وبحث عبد الله الثاني ومشعل سلسلة اللقاءات، التي أجراها أخيرا مع عدد من الأطراف المؤثرة في عملية السلام، إقليميا ودوليا، لحثهم على بذل الجهود لإعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإخراج العملية السلمية من دائرة الجمود، ووضع إطار زمني واضح لإحراز حل الدولتين، الذي يعد السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. وقال مشعل إن «هناك درجة عالية من التفاهم والتقارب ونحن حريصون على المزيد من التنسيق مع القيادة الأردنية». وأضاف إن الموضوع الرئيس في اللقاء كان القضية الفلسطينية، ومستقبلها خاصة في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية، والانتخابات الأميركية، وفي ظل الجمود الذي تعاني منه القضية والمنطقة عامة، مشيرا أن اللقاء تناول أيضا موضوع المصالحة ومختلف القضايا في المنطقة. ويعد لقاء عبد الله الثاني – مشعل أمس الثالث خلال أقل من عام، بعد قطيعة سياسية تامة بين الجانبين، بدأت عام 1999 بإغلاق مكاتب حركة حماس في الأردن، وإبعاد قادتها. وفي اليوم السابق على لقاء عبدالله الثاني – مشعل، التقى العاهل الأردني الأحد وفد اللجنة الأمريكية – اليهودية، وبحث معه «العمل على الخروج من دائرة الجمود وإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفقا لحل الدولتين، الذي يشكل السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط». وشدد اللقاء، وفق خبر بثته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا»، على «ضرورة تكثيف الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام، وصولا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، تعيش إلى جانب إسرائيل بأمن وسلام». وحضر لقاء ملك الأردن واعضاء اللجنة الأمريكية اليهودية السفير الأمريكي في عمان ستيوارت جونز. وفي موازاة ذلك، تأتي الخطة الأردنية في أعقاب تسريبات إعلامية، مصدرها عمان ورام الله، حول مشروع ل «وحدة كونفدرالية» بين الأردن والكيان الفلسطيني، لا تحظى بشعبية لدى الأردنيين والفلسطينيين. وتتجنب الأطراف الرسمية، الأردنية والفلسطينية الحديث بشأن الكونفدرالية، إلا أن التسريبات تؤكد أن «أمرا ما يحاك خلف الكواليس». وقالت مصادر مطلعة، في تصريحات متطابقة ل «اليوم»، إن «ترتيبات صامتة تؤسس لصيغة وحدوية، بين الأردن ودولة فلسطين، من شأنها أن تفضي إلى إقامة كيان كونفدرالي بين الجانبين». وكان العاهل الأردني قد نبه، في كلمة له خلال انعقاد منتدى دافوس الجمعة، إلى «أفول حل الدولتين في النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي». وينوي الأردن ودول عربية وأوروبية التوجه إلى واشنطن، في فبراير ومارس المقبلين، ليبلغوا الإدارة الأمريكية ب «ضرورة المشاركة الفعلية في عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، وفق الملك الأردني. ويأتي لقاء عبدالله الثاني – مشعل متزامنا مع «فتور جهود المصالحة الفلسطينية»، و»تأزم علاقة القصر الأردني والأجهزة الرسمية بجماعة الإخوان المسلمين الأردنية»، و»قلق من إفرازات الربيع العربي، الذي بات يؤسس لمحور ممتد يشمل مصر وقطر وتركيا وحركة حماس»، فضلا عن «القلق الأردني من نتائج الصراع الدائر في سورية ووصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم فيها على استقرار الأردن».