ما هو الشراب الوطني لتركيا وماذا يفترض أن يكون؟ ولماذا؟ كان هذا السؤال محور النقاشات في تركيا طوال اسبوع او يزيد، كان حول اللبن والبيرة والراكي، بعد ان لفت رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان أنظار الكثير من رجال الفكر والإعلام المحلي والإقليمي وربما الدولي، بعد قوله «الشعب التركي يفضل مشروب العيران المصنوع من اللبن والخالي من الكحول كمشروبٍ وطني» مضيفًا «إن جده طالب بجعل العيران (اللبن) المشروب الوطني في تركيا حتى يكون للأمة التركية جيل سليم الصحة» وبغض النظر عن ردود الفعل الشعبية والضجة التي أثارتها التصريحات في الجلسات الخاصة والجامعات وبرامج التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي (خاصة تويتر)، والتى غلب على بعضها الطابع الهزلي خاصة من مؤيدي أحزاب المعارضة والذين قال بعضهم ساخرًا: «الشعب التركي نشيط لكن رئيس الوزراء يريد ان يسقي الشعب التركي لبنًا ليتخدر وينام»، وهناك من المحايدين مَن طرح التساؤل حول أحقية الشاي التركي والقهوة التركية بشرف المشروب الوطني التركي، حيث لا يخلو أي بيت تركي منها ليوم واحد. العارفون بحقيقة التحوّل التركي يعلمون أن تصريحات رئيس الوزراء لها من العُمق التاريخي والسياسي والنفسي مما هو أبعد ما يمكن تفسيره على أنه مقارنة بين (بيرة أتاتورك المحرّمة والضارة ولبن أردوغان الحلال والمفيد)، فإثارة القضية تمثل مرحلة تاريخية جديدة في تاريخ تركيا الحديث. العارفون بحقيقة التحوّل التركي يعلمون ان تصريحات رئيس الوزراء لها من العُمق التاريخي والسياسي والنفسي مما هو أبعد ما يمكن تفسيره على أنه مقارنة بين (بيرة أتاتورك المحرمة والضارة ولبن اردوغان الحلال والمفيد) فإثارة القضية تمثل مرحلة تاريخية جديدة في تاريخ تركيا الحديث والتي ستحتفل في العام 2023م بمرور مائة عام الجمهورية التركية. بالعودة لما قبل العام 1923م نجد أن ما قام به مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك من الناحيتين العسكرية والسياسية استثنائي بجانبيه الإيجابي والسلبي، حيث إن الجانب الإيجابي إنقاذ تركيا من الاحتلال والتقسيم والذي جاءت به نصوص معاهدة سيفر عام 1920م، وكذلك براعة اتاتورك في دحر القوات اليونانية والأجنبية الأخرى وصولًا لتحرير ازمير واسطنبول، ووصولًا الى إعلان الاستقلال الوطني، إلا أن الجوانب السلبية كانت كثيرة، فأتاتورك حارب التاريخ وعادى الجغرافيا وأنكر اختلاف اللغات والأعراق، حيث ترّك كل الاعراق الذين يعيشون في تركيا، وحاول نقل تركيا الى الغرب جبرًا وقطع كل ما يتصل بالدين والتاريخ والثقافة التركية بواسطة الترهيب غالبًا والترغيب أحيانًا، وربما لم يتعرّض شعب لتغريب متعمّد، كما حدث للشعب التركي، حيث تم تغيير أحرف اللغة واللباس وقوانين الزواج والميراث ودعم التحرر بشكلٍ مباشر وقوي، وهو ربما أول قائد في التاريخ يغيّر الاذان للصلاة من اللغة العربية الى اللغة التركية، وأخيرًا وليس آخرًا اعتماد البيرة كشراب وطني وتشجيع الجميع لشرب البيرة، فبالعودة للأرشيف الاعلامي والمدرسي في اوائل الجمهورية كانت وزارة الصحة التركية تقوم وبتوجيه وإشراف شخصي من اتاتورك بدعم إعلانات في الصحف والمجلات تؤكد أن البيرة مفيدة لأن فيها بروتينات وعلى سبيل المثال صورة كانت توزع في مدار الاطفال وفيها صور بيض وحليب وخبز وسمك ولحم وزيت ومكتوب في الاعلان (نصف كأس من البيرة يغني عن كل ما ذكر سابقًا) وكان من المألوف إظهار صور لأطفال يشربون البيرة في حديقة أتاتورك والهدف بالطبع تشجيعهم على شرب البيرة. تركيا تتغيّر ،انها تعود للدين وللتاريخ وللجغرافيا، إنها ترحّب بالخليجيين للتملك في تركيا بعد منع استمر 75 عامًا، وليس صدفة ان اكبر مشروع استثماري يتملك نصفه عرب وخليجيون يحمل رقم 1453 وهو تاريخ فتح القسطنطينية.