يقول غان يان: التقاليد الثلاثة الكبرى في العصر الحديث: دمج التقاليد الثلاثة، وإعادة ظهور الحضارة الصينية من جديد وهو ما يحتم دراسة تجربة الصين الثقافية وغيرها من التجارب الثقافية والحضارية في سبيل تحقيق الآمال والتطلعات. إن تجربة الأحياء الثقافية لتكون مصادر للدخل وكذلك كأداة لإبراز البعد الحضاري ومصادر دخل للاقتصاد الوطني تعد في غاية الأهمية ففي الصين أعلن مؤخراً عن افتتاح المرحلة الاولى لمشروع منطقة حدائق ماولونغ للابداعات والابتكارات الثقافية والتي تبلغ قيمة انتاجها السنوية المخططة 16 مليار دولار ما يحتم إعادة قراءة ما يمكن أن تحقق الثقافة من مداخيل مالية للاقتصاد الوطني. في الولاياتالمتحدة بمفردها يبلغ عدد الأحياء الثقافية 90 حيا ثقافيا موزعة في الولايات، وحول العالم تحوي تجارب مميزة للأحياء الثقافية، حيث أنها تعد وسيلة هامة لإبراز تنوع الدول ثقافياً وكذلك مرصدا للسياحة وقاصدي الإبداع حول العالم إضافة لكونها مصدر دخل للأجيال وفرصة لإقامة المعارض المختلفة. تتنوع اهتمامات الأحياء الثقافية بتنوع الهدف من إقامتها أما عنا نحن فربما من الأفضل أن تبادر أمانات المدن بتخصيص مواقع لأحياء ثقافية داخل المدن الرئيسية كمرحلة أولى وعلى أن تشمل مساحات مخصصة للمسارح ودورا للسينما وأكاديميات للفنون الجميلة إضافة إلى قاعات مخصصة للعروض الزائرة ومزادات للفنون والمعارض الفنية والتبادل الثقافي إضافة إلى متاجر وفنادق ومقاه ثقافية وغيرها على أن تأخذ الطابع التراثي للمنطقة لتكون من عناصر الجذب والأهم من كل ذلك تحقيق مداخيل مالية تعزز من فرص العمل للأجيال وعلى ان يكون تشغيلها بغرض تحقيق مستوى تشغيل ذاتي كمرحلة أولى ومن ثم يمكن البحث عن مصادر دخل لخزينة الدولة كمرحلة ثانية في الأجل المتوسط. إن الشواهد التي تؤكد نجاح تجربة الأحياء الثقافية متى تم تشغيلها بطريقة جيدة عديدة فالحي الثقافي في هونج كونج على سبيل المثال نجح في استقطاب أكثر من 22 مليون زائر سنوياً والفعاليات الثقافية المنفذة فيه في تطور ففي العام 2001 نفذ الحي الثقافي 10 معارض في العام وبلغت قيمة تذكرة الدخول 450 دولارا بينما في العام 2011 نفذ الحي الثقافي 65 معرضا وبلغت قيمة تذكرة الدخول للمعرض 3000 دولار كل ذلك يحتم من أمانات المدن في المملكة ووكالة الوزارة للشؤون الثقافية تقييم التجارب الدولية المختلفة في سبيل تطوير واقع الثقافة وإدخالها لعجلة الاقتصاد الوطني. إن المطلوب الآن العمل على إعداد دراسات جدوى أولية لأهمية تدشين الأحياء الثقافية ومن ثم يتم تمويل مثل هذه الأحياء عبر خزينة الدولة أو من خلال أي نموذج استثماري آخر يكون القطاع الخاص شريكا في التنفيذ، كل ذلك يحتم علينا تقييم واقع الثقافة السعودية بشكل عاجل لتكون الثقافة مصدرا للدخل وتطوير مسارات التنمية لتحقيق آمال وتطلعات الأجيال في فرص عمل كريمة فماذا أنتم فاعلون؟