من مسلسل “الحاج متولي" إلى مسلسل “الزوجة الرابعة" تتكرّر الصورة النمطية للرجل الفحل والمرأة الدجاجة! هذان المسلسلان ذكرتهما كأمثلة فقط، في حين أنّ الشاشات الفضائية مليئة بهذه النوعية من المسلسلات والأفلام التي تُركز على أنّ المرأة مُجرّد جسد، والرجل مجرّد فحل، كلُّ همّه في الحياة اصطياد الفريسة. وهذه الأعمال لا تُظهر صورة دونية للمرأة فقط، بل كذلك للرجل، الذي يظهر على هيئة تُشبه شكل “الديك" الذي يجمع حوله النساء وكأنهن دجاج لا همّ لهن سوى الظّفر بهذا الديك! الفكر الإنساني أكبر وأسمى من أن يكون مقتصراً على هذه الاتجاهات، التي تؤثر سلباً على ذهن المشاهد، وقد تزرع في داخله الرغبة لتقليد أنموذج الرجل الديك، باعتبار أنه يعيش حياة ممتعة تتناكف لأجله النساء وتتقاتل لرضاه! في حين أنّ الواقع مليء بالنماذج الإنسانية التي ترتقي بنفسها وفكرها وغرائزها عن مستوى - العشش - الحيوانية، ونماذج تختلف عن أنّ المرأة مُجرّد تابع وذلك بتحجيم تفكيرها في اتجاه واحد لا يخرج عن الرجل والغريزة. بالإضافة إلى أنّ اهتمام المرأة بالرجل أمر جميل ومطلوب من كل زوجة، كما هو مطلوب من الزوج القيام به، إلاّ أنّ الاهتمام والحرص على الطرف الآخر هو مفهوم أشمل وأوسع من حصره باتجاه يسيء للإنسان، ويعزز من الممارسات والأفكار السلبية في المجتمع، مثل إظهار تعدُّد النساء في جانب المتعة، وكأنّ المرأة لم تُخلق إلاّ لهذا، في حين أنّ من يعود إلى القرآن الكريم يجد أنّ مفهوم التعدُّد ظهر لغاية إنسانية هي رعاية الأيتام وحمايتهم، مع ذلك لم نرَ عملاً واحداً يُركز على هذه الاتجاهات النقية، وإظهارها للمشاهد كقيمة وتوعية. في الأعمال التلفزيونية والسينمائية العربية، قليلاً ما نرى أنموذج المرأة المعتزّة بذاتها، أو الرجل الذي يُدرك معاني مؤسسة الزواج، التي تقوم على طرفين كل منهما يُكمل الآخر، وأنّ هذه المؤسسة عبارة عن حياة شاملة لا مجرّد غرائز جنسية، وحاجات أولية، مما يُفرز نتائج سلبية وتداعيات تُقلل من قيمة الإنسان، وتُحجّم فكره وتطلُّعاته. هناك صور لم تظهر في هذه الأعمال، وهي الحقيقة الغائبة في أنّ المرأة ليست مجرّد أداة وتابع، إنما هي الأم والزوجة والابنة، وهي المرأة العاملة التي تكدح وتسهر لأجل بيتها ومجتمعها، وهذه الصورة يجب أن تظهر مجسّمة بواقعها المعاش، حيث ما لاحظته في بعض الأعمال إبراز المرأة الكادحة على أنها مقهورة وخانعة، أو متسلّطة وشريرة. وهذا فيه تجاهل واضح لمكانة المرأة التي لم يغفل عنها ديننا، بل إنّ الله سبحانه وتعالى، خصها بسورة كاملة هي سورة النساء، وفي هذا إشارة واضحة لمكانتها في هذا الدين. أنا لست ضد إظهار النماذج السلبية سواء للمرأة أو الرجل في الأعمال الدرامية، لأنّ طبيعة الحياة تحمل الخير والشر، السعادة والتعاسة، الجمال والقبح، وغيرهم من المتناقضات التي تملأ النفس البشرية، وهنا يظهر الفكر بتغليب الجانب الإيجابي على السلبي، لكنني في الوقت ذاته أرفض أن تكون المرأة مجرّد سلعة في هذه الأعمال، وكذلك الرجل لا يقل عنها، وكل هذا لأهداف تسويقية، ولو أنّ القنوات الفضائية أحجمت عن شراء هذه الأعمال وعرضها، فإننا مع الوقت سنتخلّص من مشاهدة شكل المرأة الدجاجة والرجل الديك!