بعضنا يصور المواطن السعودي كما لو كان ملاكاً محصناً ضد أي خطيئة. أضحك أحياناً حينما يأتي «سعودي» بما يخرج عن المألوف «السعودي» فيسارع بعضنا بالتعليق: أصله ليس سعوديا! وقبل تجريده من «سعوديته» لرأي قاله أو موقف اتخذه، وجب أن نسأل: من قال إن السعودي معصوم عن الخطأ؟ ولماذا نفترض أن يكون السعوديون نسخة واحدة من بعضهم البعض؟ كثيراً ما سمعت: «مستحيل سعودي يسوي كذا». ولماذا مستحيل؟ السعودي يصيب أحياناً ويخطئ أحياناً. ينجح ويفشل. يخطط ويتهور. يصدق ويكذب. وهو – قبل أي شيء – إنسان يأكل ويشرب ويفرح ويحزن ويمرض ويموت. ولو مارسنا عنصريتنا الكريهة ضد صاحب أي رأي لا نتفق معه وقلنا «هذا أصله غير سعودي» فمن إذاً يبقى سعودياً؟ ولو جاء «سعودي» الأصل والفصل، ومن صلب هذه الأرض أباً عن عاشر جد، وقال كلاماً لا يليق أو فعل فعلاً مشيناً لبحث البعض في شجرة عائلته لعلهم يجدون «فرعاً» في تلك الشجرة العريقة ليستخدمه حجة لإخراجه من الشجرة المقدسة! ثم يقال: هاه: أرأيتم: أصله غير سعودي؟ كم مرة سمعنا أحدهم يؤكد: «مستحيل سعودي يفعل كذا أو يقول كذا». يا جماعة الخير، السعودي في أول النهار وآخره إنسان له زلاته وله حسناته. وهو ينتمي لمجتمع ضخم وفيه حراك ثقافي وتجاري مهم. إنه مجتمع متنوع في أقاليمه وتجاربه. من الظلم اختزاله في موقف أحمق أو كلمة جاهلة. لكن الأسوأ أن نبحث عن أعذار عنصرية – أو ذات رائحة عنصرية – ونحن ننفي «أصل المواطنة» عن كل من خرج عن المألوف أو قال كلاماً خارج سياق المحترم. و«الفرد» الذي يمارس ممارسة بذيئة – بالقول أو الفعل – إنما يمثل نفسه فلماذا تسعى القبيلة كلها لتبرئة نفسها مما فعله أو قاله فرد من أفرادها؟ ألم يعلمنا ديننا الكريم أنه «ولا تزر وازرة وزر أخرى»؟ أخيراً، يا أخي «السعودي»: لا تكن كمن أراد أن يكحلها فأعماها!