حينما طلب مني رئيس تحرير “الشرق” ألا أتجاوز 250 كلمة في هذه الزاوية سألته: وماذا يمكن أن أكتب في 250 كلمة؟ قال: ألست تكتب في تويتر جملة قصيرة لا تتجاوز 140حرفاً؟ وأضاف: إننا في وقت لاتفضل الناس فيه قراءة الأعمدة الطويلة. عندها توقفت عن مفاوضاتي من أجل مساحة أكبر وتأملت حالة لغتنا في عصر تويتر: كيف أصبحنا نعد الحروف حرفاً حرفاً. بالإنجليزية تأتي النصيحة عادة: “مباشرة نحو الفكرة”. ومرة سُئلت في مقابلة عن الفرق بين الكتابة بالعربية والإنجليزية وكان الجواب: ما أقوله في صفحة بالعربية أستطيع أحياناً قوله في جملة واحدة بالإنجليزية. في تويتر نتعلم كيف نختصر المعلقات الطويلة من أجل فكرة واحدة. أم إنها مسألة ثقافية أن نلف وندور، بين السطور وفوقها، من أجل التعبير عن فكرة بسيطة؟. المؤكد عندي أن قنوات التواصل الاجتماعي تلعب دوراً مهماً في صناعة خطابنا الجديد. هناك جيل جديد يتعلم اليوم الكتابة بالعربية على تويتر والفيسبوك. قنوات أسست لثقافة جديدة تختصر الجمل الطويلة وتركز على الفكرة من دون لف أو دوران. هذا بدوره – مع الوقت – سيسهم في تشكيل وعي لغوي جديد. وما على “حُرَّاس” اللغة القدامى سوى الاعتراف بأن أجيالاً عربية جديدة تمتلك أدوات جديدة تصنع من خلالها خطابها ووعيها. إنها تنتمي لثقافة تبحث عن “زبدة” الحديث لا عن “معلقات” طويلة كي تصل إلى فكرة بسيطة. باختصار: اللغة الحية تتكيف مع ثقافة عصرها وتتفاعل مع تقنياته. ولهذا يمكن القول: إن قناة مثل تويتر تسهم في “تهذيب” اللغة من شوائب”الثرثرة” وتثبت أن اللغة العربية قادرة على التجديد والتفاعل الإيجابي مع معطيات عصرها.