الخوارج كلمة تاريخية حملت من السواد ما يعصف بأي نهار.. وقد أطلقت على مجموعة خرجت على الإمام علي.. ولكنه على الرغم من خروجهم عليه قال كلمته المفعمة بالعفو والتسامح «لقد طلبوا الحق فأخطؤه» الأمر الذي دفع المفكر جمال البنا إلى القول «هذا موقف لا يحدث إلا في أرقى مجتمع ديمقراطي». وقد أخرجت الأديبة الصحفية عبلة الرويني هذه الكلمة من كهفها التاريخي وغسلت سوادها حين أطلقتها على كوكبة من الشعراء الذين حملوا جمرة التبشير بالمستقبل والخروج من الأسوار السياسية و الاجتماعية الشائكة التي تحاول إيقاف التاريخ.. وهذه الرؤية صيرت كلمة الخوارج كلمة مشعة بالدلالات النبيلة وزرعت منها زهرة في كل قلب يلتهب بالحنين إلى التغيير. الكلمة الآن بمعناها القديم والجديد أصبحت ماضيًا.. الآن بزغت موجة ثالثة هم الخوارج حقًا.. إنهم الشباب الذين رأيناهم عبر الفضائيات يتلقون الرصاص بقلوبهم في ميدان التحرير والنيل وعاشقوه ينظرون إليهم بذهول. التاريخ كان ثرثارًا في تكرار درس واحد على أذان المستبدين والسماسرة هو أن الكراسي تتهاوى في الرياح الشعبية.. ولكن هذا الدرس لم يفهمه أحد من الطغاةهؤلاء الشباب لا يعرفون ماكسمليان روبسبير ولا جورج واشنطن ولا يعرفون لنين ولم تمر عليهم أسراب التنظيرات وقطارات الأوهام السائرة بلا قضبان هم فقط يريدون ما خرجوا إلى الدنيا وهم يمتلكونه فطريًا وسلب منهم يريدون الحرية. مصر تزخر بالمفكرين والفئات الطامحة إلى استرداد كرامتهم من مخالب الاستبداد والفساد.. ولكن نشاطهم لم يخرج عن الإطارات القديمة كانوا غير مصغين إلى ما قاله ماركس «على الفلاسفة تغيير العالم لا تفسيره» كانوا يدينون بفوهات الكلمات ما يحدث ثم يقفون «في انتظار جودو». تلك الأساليب اللفظية الانتظارية ماتت الآن لقد حررت الإرادة العامة نفسها من إغماد الخوف وأوهام النظر إلى سحاب سوف يأتي بفعل التاريخ وحده.. الإرادة العامة الآن هي إرادة شابة عذراء لم ترهن خطوها بالسير على دروب معبدة.. بل هي التي تشق طرقها الجديدة غير المعروفة لمن ينطلق خطوهم من الكتب. التاريخ كان ثرثارًا في تكرار درس واحد على أذان المستبدين والسماسرة هو أن الكراسي تتهاوى في الرياح الشعبية.. ولكن هذا الدرس لم يفهمه أحد من الطغاة.. لذلك أبدع الشباب الآن درسًا آخر. ماذا قلت يا عمنا؟ قلت: «ليس هما ما عاق عنه الظلام» أهذا كل ما لديك؟ لقد خرج الآن من يقول: «ليس وطنا ما عاق عن تغييره الرصاص».