زيلينسكي يضع قائدًا جديدًا لحماية دونيتسك من القوات الروسية    تعادل إيجابي يصعد بسلوفاكيا ورومانيا إلى دور 16 من بطولة أوروبا    عبدالعزيز بن سعود: جهود «الداخلية» مستمرة في التصدي بقوة وصرامة لكل ما يهدد أمن الوطن واستقراره    تحسين للمشهد الحضري بالنبهانية    المملكة ضيف شرف بمعرض سول للكتاب    المفتي يستقبل الشثري    أمير القصيم يستقبل المسؤولين والمواطنين بالجلسة الأسبوعية    انطلاق منافسات بطولة آسيا للسنوكر 2024 غدا بالرياض    الفريق المشترك للتحالف يفند مزاعم استهداف مواقع مدنية في صعدة مأرب    رئيس كينيا يعتزم عدم التوقيع على قانون الضرائب الجديد إثر الاحتجاجات العنيفة    سمو محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في مركز خدمة ضيوف الرحمن بالمحافظة    النائب العام يلتقي السفير القطري لبحث سبل التعاون في المجالات العدلية والقضائية    بر الشرقية توزع أكثر من 28 طن لحوم أضاحي على 2552 أسرة    بحث سبل التعاون الإحصائي بين المملكة والعراق    أمير تبوك يستقبل مدير محطة الخطوط السعودية بالمنطقة    المملكة تتيح التأشيرة الإلكترونية لحاملي تذاكر كأس العالم للرياضات الإلكترونية    قطاع ومستشفى البرك يُفعّل حملة "التوعية بأضرار التبغ"    القضاء الإداري يسمي رؤساء محاكم ويقر حركة التنقلات    سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا    أمين سر الفاتيكان من بيروت: عقد داخلية تمنع انتخاب الرئيس    وزير الاقتصاد والتخطيط يبحث مع وزير الاقتصاد الماليزي تعزيز التعاون الاقتصادي    اكتشاف نقش أثري ثنائي الخط في قرية علقان بتبوك    مواجهات في رفح.. ومزاعم إسرائيلية عن تهريب أسلحة    أرامكو و سيمبرا تعلنان عن اتفاقية لحقوق ملكية وشراء الغاز الطبيعي المُسال من المرحلة الثانية لمشروع بورت آرثر    استمرار الحرارة الشديدة بالشرقية والرياض    148 عينة غذائية غير صالحة للاستهلاك بالمدينة    النفط يرتفع رغم قفزة مفاجئة بالمخزونات الأمريكية    مطار الملك خالد الدولي الأول عالميًا في الالتزام بمواعيد الرحلات    القيادة تهنئ رئيس جمهورية مدغشقر بذكرى استقلال بلاده    جوليان أسانج حط في أستراليا بعد الافراج عنه    "بر الرياض" تحتفل بنجاح أبناء المستفيدين.. وتكريم خاص لخريجي الثانوية    أمير حائل يشيد بنجاحات موسم الحج    السر وراء الشعور بألم المعدة أثناء السفر    «اتحاد الغرف»: لا اختلاف في كميات عبوات الألبان    الرياض وبكين.. علاقات ممتدة    «هيئة النقل» تحتفي ب2100 بحّار سعودي في يوم البحارة    وزير الدفاع الصيني يستقبل سمو وزير الدفاع ويعقدان جلسة مباحثات رسمية    شباب جازان يتعرفون على فن "الزيفة"    هل اختراع العزلة هو السبيل للهروب من ثقل الأفكار؟    الأمير خالد بن سلمان يبحث تعزيز التعاون العسكري والدفاعي مع الصين    سقيا الحجاج والزوار بخير ماء على وجه الأرض    النصر يعلن رحيل حارسه وليد عبدالله    «إكس» تتيح البثّ المباشر بمقابل مادي قريباً    التخصصي ينظم مؤتمر دعم الدورة الدموية للجسم    حكايات إيسوب السعودية 2    ياصاحبي بوصيك ياواف الاشبار    تياترو    أمير تبوك يكرم المشاركين في أعمال الحج بحالة عمار    أمير الرياض يستقبل منتسبي « تراحم» والقسم النسوي بالإمارة    الجنديات السعوديات في موسم الحج    القنصل الصيني يشيد بنجاح موسم الحج    رحيل الأخوال    نهاية «حج بلا تصريح».. الرسالة وصلت!    سباليتي: لو كنت خائفاً لامتهنت وظيفة غير التدريب    عصام حجاوي: نحرص على المشاركة في كبريات سوق الدولية للإنتاج    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُنهي معاناة شاب مع «جنف مضاعف» استمر لسنوات    المجلس الصحي: إيقاف البلاغات الورقية في حالات الوفاة    موقف رونالدو من مواجهة جورجيا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنت صحوياً.. وصحوت

هربت من كتابة هذا المقال 22 عاما لا لشيء، إلا لأنه يتعلق بمرحلة شديدة الحساسية من حياتي حاولت جاهدا نسيانها، والبدء من حيث انتهت مساوئها ببناء جديد يرتكز على حسناتها، والخروج منها بأقل الممكن من الخسائر.
كنت مثل معظم أبناء جيلي؛ تأثرت في مطلع الثمانينيات الميلادية بما يسمى تيار الصحوة، وانضممت مع مجموعة من زملاء الدراسة ضمن المجموعات (إياها) التي كانت في البداية تتدارس القرآن، ثم الحديث، ثم المواضيع الدينية، وصولا إلى السياسية وضرورات التغيير؛ بدعوى أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، وأن التغيير القادم سيكون على أيدينا نحن أبناء ذلك الجيل من شباب تلك الفترة التي أعقبت مرحلة حساسة وأحداثا مهمة على الصعيد الوطني في نهاية السبعينيات الميلادية.
بعد أربع سنوات من انضمامي للتيار الصحوي، انتقلت عام 1985م، من مدينة أبها للدراسة في جامعة البترول والمعادن في الظهران، وكانت نقطة تحول حقيقية في حياتي؛ فقد التقيت في الجامعة بمجموعة من الطلاب ما زلت أعتقد حتى اليوم بأنهم الأكثر تطرفا بين كل من قابلت في حياتي، وكانت المجموعات المنظمة شائعة في حينه، وكأنما تدار في جميع المناطق بنفس الآلية والتنظيم، وشاءت الأقدار أن يسكن معي في الغرفة نفسها شاب خلوق جدا من المجموعة نفسها التي انضممت لها، كان يسافر للجهاد (تيرم دراسي) ويعود للدراسة الفصل الذي يليه وهكذا، حتى صدر قرار فصله من الجامعة.
في تلك الفترة، ركزت كثيرا على قراءة الكتب الدينية بمختلف فروعها، حتى كان بعض الزملاء يسمونني (سوسة الكتب)، لم أكن أستمع للمحاضرات ولا الأشرطة، وكنت أدافع عن الشيخ علي الطنطاوي (يرحمه الله)، وأستمتع وما زلت بسماع القرآن بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وكنت أرفض السفر إلى أفغانستان وأجاهر برأيي أنني لا أعتقد أنه يستوفي شروط الجهاد الإسلامي.
كانت هذه السلوكيات والآراء التي تشكلت لدي نتيجة القراءة المستفيضة، بعيدا عن الاستسلام المطلق لمنظري مشايخ الصحوة ورؤاهم، مصدر إزعاج كبير للمجموعات الكثيرة التي كانت تملأ الجامعة حينذاك، حتى وصل الأمر ببعضهم لوصفي ب(المرتد)، فالطنطاوي من وجهة نظرهم متساهل مفرط يقول بما ليس في الدين، وعبد الباسط عبد الصمد يتاجر بالقرآن، وأنا متخاذل عن الجهاد محرض على انصراف الشباب عنه.
وبعد ثلاث سنوات من الصراع المرير معهم، قررت ترك الجامعة والانتقال إلى جامعة الملك سعود عام 1988م، وقررت التخلي عن كل سلبيات الصحوة، وهجر كل الأشخاص الذين كانوا يربطونني بها، لكنهم لم يتركوني وشأني واستمرت محاولاتهم لإعادتي عن (ردتي) -من وجهة نظرهم-، ولم يتركوني وشأني إلا بعد ما يقارب العام من المحاولات اليائسة، واخترت لنفسي منهجا معتدلا يستقي معرفته الدينية من الكتاب والسنة وأمهات الكتب.
لا أنكر أنني خسرت الكثير في تلك الفترة مما لا تتسع مساحة المقال لسرده، وكنت قد قررت الصمت ومحاولة نسيان تلك الفترة وكأنها لم تكن يوما، ولكنها كانت ثماني سنوات صعبة جدا ولا يمكن أن تبرح الذاكرة بسهولة، وما زلت أعتبرها جزءا مهما من تكوين شخصيتي، حتى بعد أن شارف العقد الرابع أن ينتصف بي في مشوار العمر.
ما حرضني على تذكر تلك الفترة والكتابة عنها الآن؛ هو ما أراه وأقرأه الآن من رفض لاعتدال رموز مشايخ الصحوة الذين تراجعوا عن أفكارهم السابقة من قبل بعض المتشددين، ومحاولات النيل من أصحاب الأراء الوسطية، والانقلاب 180 درجة ضد كل من يفتي أو يطلق رأيا بعكس ما يريدون ولا يوافق هواهم.
هؤلاء المتطرفون الجدد ليسوا سوى امتداد لتطرف وتشدد صحوة الثمانينيات التي أفرزت لنا الإرهاب الذي لم يستثننا من أجندة الموت والتفجير والقتل المسوغ -من وجهة نظرهم- من خلال آراء وفتاوى التكفير التي ما زالت تنفث سمومها فكرا ظلاميا ضالا في عقول فئة مغرر بها من شبابنا.
والواقع يقول بأننا لا بد أن نكون استوعبنا درس صحوة الثمانينيات وعواقب صمتنا عليها جيدا، وتعلمنا ألا نصمت على بقاياها التي بدأت تصحو الآن، فالخطر القادم في ظل التقنيات الحديثة سيكون أعظم بلا شك، والعواقب ستكون أكثر فداحة، ولا بد لنا جميعا أن ننتبه، أخطأنا مرة في السابق وكانت كافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.