بالأمس القريب وقعت عيناي على صحيفة «اليوم» الصادرة يوم الإثنين، كان التقرير يتحدث عن «اختتام اللقاء التحضيري للحوار الفكري، الذي يسبق اللقاء الوطني الثامن للحوار الفكري بمحافظة القطيف». لم أستطع إكمال التقرير، فلقد أخذتني صورة نشرت مع التقرير إلى مدارات أخرى بعيدة تماما عن القراءة وإن كانت تصب في اتجاه «الحوار الوطني»، أعني في اتجاه الوطن. كان يطل علي من الصورة شيخان جليلان: حسن الصفار وسلمان العودة، وكانت ابتسامتهما صادقة وجميلة، فصنعت لي تلك الابتسامات حلما بهيا. لو أن محبي الصفار والعودة تبادلوا نفس تلك الابتسامة الصادقة والجميلة والمليئة بالحب، ألن يصبح المستقبل جميلا؟ لا تجعل عاطفتك تجيب على هذا السؤال يا صديقي، فالعاطفة غريزة تتهيج سريعا وتخبو بنفس السرعة التي تهيجت بها، دع عقلك يمتلك زمام المبادرة ويبحث عن إجابة؟ العقل لن يخذلك حين يمضي في بحثه، فهو سيبحث عن خلاصك، وسيكتشف أن خلاصك لا يمكن له أن يحدث بالكراهية أو جعل الجميع يشبهك، أو يكونوا على مزاجك ومواصفاتك أنت. ثمة أسطورة إغريقية تتحدث عن بطل إغريقي اسمه «رسيس» (إن لم تخني الذاكرة)، هذا البطل الإغريقي كان لديه سرير، وكان السرير مقياسا للإنسان الحقيقي بالنسبة له، إن كان الإنسان أقصر من السرير، حاول أن يشده ليصبح بحجم السرير، وكان لا ينتبه لألم ذاك الإنسان فيشده أكثر إلى أن يتمزق. إن كان أطول من السرير، هبط بسيفه على جسد ذاك الإنسان الطويل ليجعله بحجم السرير، وهكذا مضى يضع البشر على السرير، إلى أن أصبح وحيدا، لأن لا أحد يشبهه، ولا أحد بمقاس سريره، هو كذلك «رسيس» يريد الجميع على مقاس مزاجه سريره. والأوطان يا صديقي لا يمكن لها أن تكون كسرير «رسيس» لأنها لن تتسع لكل هذا التنوع البديع. صديقي.. سيسأل ذاك العقل نفسه: هل يمكن للأوطان أن تنمو بالكراهية؟ وسيكتشف أن الأوطان تنمو بالحب.. بالحب فقط. ذاك الحب الذي وشت به ابتسامة الشيخين الجليلين، سلمان العودة وحسن الصفار، اللذين أطلا علي من الصورة ليصنعا لي حلما بهيا. هذا الحلم يمكن له أن يصبح واقعا حين نجعل العقل يتحكم بمشاعرنا؛ لأنه سيرفض فكرة أن تكره إنسانا لا تعرفه ولم تلتق به، وقيل لك كما قيل له أنكما ولدتما أعداء. التوقيع: صديقك