صديقي.. هل تذكر قصة النبي إبراهيم عليه السلام، حين دخل للمعبد، وراح يكسر الأصنام إلى أن انتهى عند كبيرهم ووضع الفأس على كتفه ومضى. عندما وصل القوم إلى المعبد، أذهلهم ما حدث بمقدساتهم، وتهامسوا من فعل هذا؟ أظنك تعرف نهاية القصة، وكيف وضع في النار عليه السلام، لكن المعجزة حلت، فأصبحت النار بردا وسلاما. بعد قرون جاء سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ليحطم الأصنام من جديد في مكة، ولكن بطريقة مختلفة عن إبراهيم عليه السلام، جاء لمكة وهو يمتلك دين المنطق الذي يحقق العدل للإنسان في هذه الحياة والقوة. ما الذي تقوله لنا هذه الرحلة في نمو عقل الإنسان؟ ربما لأن الإنسان في العصور القديمة لم ينتبه لأعظم معجزة خلقها الله، وأعني العقل، لم يعمل عليه ويطوره، فكان العقل البشري في العصور القديمة أشبه بعقل طفل لم ينضج، ويملك خيالات كثيرة، فاحتاج للمعجزات، ثم جاءت وصايا سيد الخلق لأتباعه بألا تهدم معابد وكنائس البشر، لأن هدم مقدسات الآخرين توصلهم للكراهية، كراهية أي إنسان مهما كانت أفكاره نبيلة وصادقة ومطورة للمجتمع. هل يمكن لنا عبر هذه الجولة التاريخية السريعة أن نستخلص أنت وأنا فكرة ما، سأقول لك ما الذي استخلصته أنا؟ إن الأصنام يا صديقي ما هي إلا أفكار توارثتها الأجيال، وتعودوا عليها، فأصبحت جزءا من كيانهم وتركيبتهم، والمساس بها أشبه بالمساس بالإنسان نفسه. وإلغاؤها بطريقة إبراهيم عليه السلام، أي تحطيمها بالفأس، يعني إلغاء الإنسان نفسه. فهذه الأفكار / العادات / الأصنام لم تعد أشياء مستقلة عن الإنسان، إنها تتغلغل وتلتصق وتشكل وجود هذا الإنسان، لهذا يحارب بقسوة وعناد ليس من أجل أفكاره فقط، بل ووجوده أيضا. صديقي.. لا تحاول أن تجعل أفكارك فأسا تحطم فيها أفكارهم، دع الإنسان يهدم عاداته البالية، لا تهدمها أنت؛ لأن النار لن تكون بردا وسلاما عليك، فالمعجزات لم تعد تأتي كثيرا، ولم يبق لنا الآن سوى قانون الله الذي وضع به الكون، وعليك أن تفهم هذا القانون، وعليك أن تشرح أفكارك دون هدم أفكارهم، وإلا ستحرقك نار الكراهية، وإن كانت أفكارك نبيلة ومنطقية. إني مؤمن إيمانا تاما، بأن أي أمة تحتاج لأبطال هي أمة ضعيفة وقابلة للاحتلال، والضعفاء عادة ما يحولون «البطل» إلى رمز أغريقي وهمي، فيصدق البطل أنه لا ينطق عن الهوى، فيعذب كل من يخالفه الرأي. يقول أحد الحكماء: «أطامح إلى المجد أنت؟ إليك النصيحة: كن حرا، وفي الوقت المناسب تنازل عن المجد»، لماذا يريد أن نتنازل عن المجد؟ يجيب الحكيم: «عن ماذا تبحث؟ تريد أن تصبح عشرة؟ تريد أن تصبح مائة؟ تبحث عن أتباع؟ إذن ابحث عن أصفار». وحين تحول الأفراد إلى أصفار، هذا يعني أنك ستحولهم إلى لا شيء، ولأنهم لا شيء لن يخوضوا حروبك. فكر بهذا جيدا، حتى تعرف كيف تخوض حربك. التوقيع: صديقك S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة