مشاركة النساء السعوديات في منتدى المرأة العربية والمستقبل، والذي عُقد في بيروت الأسبوع الفائت، كانت مشاركة لافتة وتدعو حقيقة للفخر والتباهي، إذ إن من بين الشخصيات النسائية التي تم تكريمها الدكتورة سهير القرشي، وهي عميدة كلية دار الحكمة، كما حضرت العالمة الدكتورة خولة الكريع وشاركت في الجلسة المخصصة للحديث عن التعليم والمناهج في العالم العربي، وتحدثت بكل منطقية وحيادية إذ اعترفت بوجود بعض الآراء الدينية داخل المناهج، والتي فيها شيء من التطرف أو يتخللها بعض المفاهيم التي تعزز النظرة الدونية للمرأة، لكن في الوقت ذاته لا ترى الدكتورة خولة الكريع أن هذه هي مشكلة المناهج فقط، بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في نقاش نتائج هذا التعليم، ومع ذلك فإنها كسيدة سعودية قد تعلمت ودرست في مدارس حكومية، كما دخلت كلية الطب في جامعة الملك سعود، وهي جامعة أيضا حكومية، ومع ذلك وصلت إلى منصب رئيسة لمركز أبحاث الموروثات البشرية لمكافحة السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض. من خلال تجربة الدكتورة خولة الكريع وغيرها من التجارب التي حققت نجاحاً سعودياً ملحوظاً استدارت له رقاب العالم ذهولاً، ولنا مثال آخر على ذلك، الدكتور عبدالله الربيعة، الذي وصلت شهرته إلى العالم برمته بعد نجاحه المتواصل في عمليات فصل التوائم السيامية، وهو كذلك ابن هذه البلد وتربى فيها وتعلم في مدارسها، وغيرها وغيره الكثير، مما يحدو بنا لأن نتوقف أمام أنفسنا وننظر لوضع التعليم نظرة موضوعية بعيداً عن النظرتين المعتادتين، وهي إما جلد الذات والتقليل والتسفيه من هذه المناهج، وإما المديح والتلميع غير المنطقي، وكلا تلك النظرتين تدعونا لأن نتوقف مع أنفسنا مرة أخرى، فإن كانت تلك المناهج قد أثمرت مُخرجاتها عن هذه النماذج المتميزة، فإننا الآن في وقت وزمنٍ يختلف عن سابقه، والتغيير والتعديل هو مطلب حضاري لنتواكب مع متطلبات هذه المرحلة. في جلسة أخرى، جاءت تحت عنوان: "أمور الجنس ووسائل الإعلام" شاركت خلالها الصديقة الجميلة والروائية المبدعة الدكتورة بدرية البشر، كانت مشكلة هذه الجلسة من وجهة نظري هي إدارتها، حيث حرص القائمون على هذا المنتدى على استقطاب بعض الوجوه الإعلامية المشهورة، وهذا جيد، حيث أدار هذه الجلسة الإعلامي طوني خليفة، وهو المتخصص بالبرامج الفنية، المشكلة في نظري أن بعض الإعلاميين الذين أداروا الجلسات لم تكن لديهم أي خلفية لا من قريب ولا من بعيد عن بعض الشخصيات التي شاركت معهم، مما يوقعهم في مطب الأسئلة غير المنطقية والبعيدة كل البعد عن الشخص الموجه له السؤال، من هذا ما حصل عندما وجه طوني خليفة لبدرية البشر سؤالاً لم يكن في محله، حيث قال: هل سبب هجرتك من السعودية كتاباتك الجنسية؟ مما يدل على أن الزميل لم يقرأ للزميلة أي إنتاج سواء كان روائياً أو مقالاً من مقالاتها التي تُنشر ثلاث مرات في الأسبوع في صحيفة الحياة، فمن يعرف كتاباتها سيتأكد من أنها لم تقترب أبداً من (التابو) الجنسي. بدرية البشر كانت أذكى بكثير من طوني خليفة الذي استخدم معها نفس الأسلوب الذي يستخدمه مع الفنانات في برامجه، فهو لم يدرك لحظتها أنه يتحدث مع شخصية لها وزنها العلمي والثقافي، وتوقع أن تقع في شباك أسئلته كما تقع الفنانات! أجابته: أنا اخترت الابتعاد، لأني كنت أبحث عن بيئة ثقافية أخرى وهذا من حقي، أيضا تحدثت عن أزمة الفهم مع المرأة وأن هذه الأزمة ليس لها أي علاقة بالدين الإسلامي، شكراً بدرية فقد كنت فخورة بكِ وأنتِ تتحدثين، وشكرا لكل السعوديات سواء المشاركات أو الحاضرات، لأنكن في كل محفل تبرزن وتلفتن الأنظار، كما ذكرت لي إحدى الأخوات اللبنانيات، قائلة بكل تلقائية: "إحنا بنفتخر فيكن يا نساء السعودية".