جميلُ أن يعبر الشاعر عن هموم ومعاناة الآخرين وأن يحاكي ما يدور حوله بتصويره للزمان والمكان وأحوال الناس, فلا شك أن الشاعر مرآة للمجتمع وربما كان شاهدا على العصر بتصويره للزمان وأحوال أهله. وقديماً قالوا بأن الشعر ديوان العرب. ولكن اعتقاد البعض بأن الشعر الحقيقي مرتبط بأهمية الموضوع وأن قيمة الشعر نابعة من قيمة القضية التي يطرحها, أدى إلى تفشي ظاهرة مواكبة الشعراء الشعببين للأحداث الإقليمية والعالمية في ما يشبه الحمى لكتابة القصائد السياسية بتسارع وكم هائل من النصوص المحتوية على النزر اليسير من الشعر والتي بالكاد تسد رمق عشاق الشعر. بعملية مسح سريعة لما يطرح على الساحة من الشعر السياسي نلاحظ ارتفاع وتيرة التذمر واليأس وطغيان نبرة الاستسلام على الخطاب الشعري والنظرة السلبية للواقع, أضف إلى ذلك الألفاظ غير اللائقة من لعن وسباب وكلمات هابطة لا تليق بنا كمسلمين وعرب لنا قيمنا وشمائلنا الكريمة فهذه النصوص في الغالب عبارة عن محاولات لتحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة بأسلوب سطحي وصياغة سردية منظومة على قافية ووزن. ومع التقدير لصدق مشاعر الجميع وحسن نواياهم ولكن ما يهمنا هو مخرجات العقول ونتاج القرائح إذا سلمنا بأن الشاعر يريد فعلا أن يكون مرآةً لأمته وشاهداً على عصره. هذه القراءات السياسية الشعرية نابعة أحيانا من أفهام وعقول شعرائها وأحيانا من بيئة الشاعر التي تشكل قناعاته وميوله, وهنا مكمن الخلل. فالسياسة متاهة ودروبها ملتوية وشائكة, ولها رجالها وخبراؤها العارفون بخباياها والقادرون على فهم أسرارها. فمن جهة: ليس هناك في السياسة عدو أو حليف دائم، فحليف الأمس هو عدو اليوم وربما حصل العكس. ومن جهة أخرى طرق المواضيع السياسية لا يخلو من محاذير وإحراج لسياسات الدولة مع الآخرين وتعد للخطوط الحمراء المتعارف عليها عرفا وقانونا. وربما كان هذا من أسباب عزوف كثير من الشعراء الكبار عن هذا النوع من القصائد إلا ما ندر وعلى حذر شديد, فكم من شاعرسجل موقفاً أو مدح أو ذم في قصيدة أو بيت قاله في لحظة حماس أو تحت تأثير تعبئة عامة للمشاعر ثم رجع بعد حين لمناقضة كلامه وعلى قولتهم «رقع يا مرقع». وبعملية مسح سريعة لما يطرح على الساحة من الشعر السياسي نلاحظ ارتفاع وتيرة التذمر واليأس وطغيان نبرة الاستسلام على الخطاب الشعري والنظرة السلبية للواقع, أضف إلى ذلك الألفاظ غير اللائقة من لعن وسباب وكلمات هابطة لا تليق بنا كمسلمين وعرب لنا قيمنا وشمائلنا الكريمة. فقدوتنا ونبينا العظيم وإن كان قد دعا على بعض الكفار المحاربين في حادثة أو حادثتين إلا أنه كما ورد في الحديث الصحيح: «لم يكن سباباً ولا فحّاشاً ولا لعّاناً» صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.