رفض خبراء عقاريون وصف المساحات البيضاء الموجودة داخل النطاق العمراني بمدن المملكة وعلى رأسها مدينة الرياض بأنها مخزون استراتيجي عمراني بمنظوره الإيجابي مشيرين إلى أن الأمر يحتاج إلى معالجة فعالة للهدر الذي تتسبب به على المستوى الاقتصادي عموما . وأكدوا على أن هذا له مردود سلبي على نمو الاستثمارات في قطاعات مهمة كالعقار والإسكان والخدمات التي تضخ الحكومة مليارات الريالات خلال السنوات القادمة . وقد أظهرت دراسة استعمالات الأراضي التي قامت بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض, عن زيادة مساحة الكتلة العمرانية لمدينة الرياض إلى حوالي 1295كم2 بنسبة زيادة بلغت 6 بالمائة عن الدراسة السابقة التي أجريت في عام 1430ه. وأظهرت الدراسة أن النمو قد تركّز في أطراف المدينة وخصوصاً في الاتجاهين الشمالي، والشمالي الشرقي، في الوقت الذي لا تزال فيه الأراضي غير المطورة البيضاء تمثل الجزء الأكبر من مساحة حدود حماية التنمية في المدينة بنسبة 78 بالمائة وهو ما يمثل مخزوناً استراتيجياً عمرانياً للمدينة. من جهته علق عضو هئية التدريس بجامعه الملك فهد للبترول والمعادن عضو مجلس ادارة شركة سمو العقارية الدكتور إبراهيم القحطاني بقوله: »المساحات البيضاء الموجودة داخل المدن وخصوصا الكبيرة منها هي عبارة عن تراكمات لممارسات وسلوكيات يتخذها كبار العقاريين نتيجة عدم وجود تنظيم معين أو قوانين تحكم السوق فالأمر متروك على غاربة». وأضاف :»لو أخذنا صورا فضائية من خلال «قوقل آيرث» للنطاق العمراني المحدد لصدمنا من حجم الأراضي البيضاء غير المستغلة والتي يحتكرها القليل من كبار المستثمرين ولفترات زمنية غير محددة». الاحتكار الحاصل هو السبب الرئيس وراء وجود مثل هذه الظاهرة السلبية التي تحتاج لوقفة صادقة لاستشعار مدى الحاجة لإدخال هذه المساحات الشاسعة في نطاق الأراضي المستغلة حفاظا على المصلحة العامة مع مراعاة حقوق الملاك بتقنين العملية وعدم فتح المجال لتخزين الأراضي لمجرد التخزين وسط نطاق عمراني مكتمل الخدمات وبمواقع استراتيجية في كثير من الأحيان». وتابع:»الاحتكار الحاصل هو السبب الرئيس وراء وجود مثل هذه الظاهرة السلبية التي تحتاج لوقفة صادقة لاستشعار مدى الحاجة لإدخال هذه المساحات الشاسعة في نطاق الأراضي المستغلة حفاظا على المصلحة العامة مع مراعاة حقوق الملاك بتقنين العملية وعدم فتح المجال لتخزين الأراضي لمجرد التخزين وسط نطاق عمراني مكتمل الخدمات وبمواقع استراتيجية في كثير من الأحيان». وأشار القحطاني إلى ضرورة العمل على وقف الهدر الحاصل حاليا والذي يستنزف خزينة الدولة ويؤخر حصول المواطنين على مساكن مريحة فقال :»هناك مشكلة حقيقية يجب على الجهات ذات العلاقة الوقوف عليها وإيجاد حلول ناجعة ، وللعلم ان هذه الأراضي البيضاء لا تتداول لسببين وهما ، إما ارتفاع أسعارها أو ممارسات احتكارية لن نستطيع السيطرة عليها بدون وضع قوانين واضحة». وأشار إلى انه قد تم استعراض عدة استراتيجيات لكبح هذا الارتفاع في أسعار الأراضي ومن ذلك فرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن وهناك استراتيجية أخرى وهي تحديد نسبة استقطاع من أراضي المخططات أي الأراضي البيضاء لصالح المرافق الحكومية والخدمات التي يحتاج إليها كل مخطط ، وذلك من خلال ربط نسبة الاستقطاع بالفترة الزمنية لبقاء المخطط بدون تطوير . وعادة ما تكون هذه النسبة في المخططات السكنية 33 في المائة من مساحة المخطط أما بالنسبة إلى الفرق في نسبة الاستقطاع في حالة التأخير ، فتحول ملكيتها إلى وزارة الإسكان كغرامة على صاحب المخطط جراء تأخيره في تطوير المخطط. من جانبه قال الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور إحسان بو حليقة :»هناك نظرية استراتيجية تقول إنه مقابل متر مربع بناء مقابله متر مربع ارض فضاء لتكوين مخزن استراتيجي عمراني، ولكن ما نراه في مدننا مؤشر غير جيد ويبعث على القلق ، حتى أصبحت الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني ظاهرة مزعجة تحتاج لوقفة الجهات ذات الاختصاص بوضع قوانين تنظم القضية:» وأضاف :»نحن نعاني من أزمة سكن خانقة تتفاقم بشكل متسارع يوجب على الجميع تقنين عملية امتلاك المساحات الشاسعة وتركها بيضاء داخل النطاق العمراني الذي يكلف الدولة المليارات من توفير الخدمات من مياه وصرف صحي وكهرباء وشوارع وغيرها ما يضاعف الخسارة المترتبة على ذلك:» وتابع :»كل دول العالم لديها تنظيمات واضحة لتملك الأراضي داخل النطاق العمراني يجعل من الأجدى للمستثمرين والملاك تصريف هذه الأراضي بالدفع بها للسوق للاستفادة منها». وقال المستثمر الصناعي علي القحطاني :»السوق يعيش حالة اختناق فالطلب على الأراضي بجميع أنواعها سواء كانت تجارية أو صناعية أو سكنية أو خدمية ، وما يتوفر في السوق من أراض لا يتناسب فعليا مع حجم الطلب العالي والمتنامي». وتابع :»المشكلة أن خطوات معالجة المشكلة بطيئة وغير متوازنة وتحتاج إلى تنسيق بين الجهات ذات العلاقة والمستثمرين عموما سواء كانوا تجار عقار أو مالكين بوضع نظام شامل يجمع بين العقوبات والحوافز ، ما سيكون له أثر جيد على المدى المتوسط والبعيد لإدخال هذه المساحات المهملة في السوق العقاري وتحقيق الهدف المنشود وهو استقرار الأسعار بموازنة العرض والطلب». الجدير بالذكر أن الدراسة أشارت إلى أن عدد استعمالات الأراضي في المدينة بلغ 1.530.000 استعمال ، بزيادة 8 بالمائة عما كانت عليه في عام 1430ه، شكل الاستعمال السكني منها، النسبة الأكبر بنسبة تصل الى حوالي 45 بالمائة وقد بلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية 903.499 وحدة بزيادة بلغت 10 بالمائة خلال العامين الماضيين، فيما شكّل الاستعمال الصناعي نسبة 6 بالمائة فالاستعمال التجاري بالنسبة نفسها، فالخدمات المهنية والأعمال بنسبة 4 بالمائة فالاستعمال الصحي والتعليمي والثقافي والمساجد والترويحي والحدائق وبقية الاستعمالات . وكانت دراسة استعمالات الأراضي قد غطت مساحة 5900 كم2 حتى كامل حدود حماية التنمية، وذلك بزيادة بلغت نحو 500 كم2 عن المساحة المغطاة في الدراسة السابقة لعام 1430ه .