اختلفت أراء العقاريين حول مقترح فرض رسوم على الأراضي البيضاء، فقد اعتبره البعض ضروريا لإعادة التوازن للسوق التي تعاني أصلا من شطط الأسعار ،فيما رأى آخرون أن هذا المقترح في حال تطبيقه سيعمل على زيادة الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة وسيؤثر سلبا على الاستثمار في القطاع العقاري ومجالات الإنشاء والتعمير. تنظيم وضع الأراضي غير المطورة يعيد التوازن للسوق العقاري (اليوم) وكان مجلس الشورى قد أقر مؤخرا فرض رسوم سنوية على الأراضي البيضاء غير المطورة وطالب وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعداد لائحة تنظم آليات فرض الرسوم على الأراضي الواقعة ضمن النطاق العمراني. ويرى خبراء أنه رغم الميزات المهمة التي يوفرها القرار إلا أنه بدون تفاعل العقاريين معه، سترجح كفة السلبيات ويصبح عبئا على القطاع، خاصة وأن هناك متطلبات أخرى كثيرة لتنظيم السوق لم تتحقق بعد، وهذا القرار بمثابة أداة ضمن أدوات كثيرة يفتقدها العقاريون للعمل بشفافية ووضوح.
ويؤكد عبد المحسن حسن القحطاني نائب رئيس مجلس إدارة شركة ركاز العقارية أن فرض الرسوم قد يسهم في التقليل من الآثار السلبية لارتفاع الأسعار ضمن النطاق العمراني الذي يشهد ارتفاعات غير مبررة، و ينبغي أن يسهم في استثمار أراضي المدن والكشف عن الأراضي غير المملوكة داخل النطاق العمراني. وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار يحتاج إلى آليات وأدوات تكبح جماحها في ظل عدم إقرار الأنظمة العقارية، وارتفاع الطلب الذي لا يجد عرضا يعادله ويحقق التوازن المطلوب، وبالنظر إلى كثير من المدن الرئيسية فإن هناك مساحات شاسعة غير مستغلة جيدا وبعضها مجهول الملكية، مما يجعل القرار حافزا لإظهار المالكين وإخضاع الأراضي لتثمين فعلي وواقعي، فالأسعار ارتفعت إلى أرقام عالية رغم عدم تمتع بعض الأراضي بالخدمات والميزات التنافسية التي تجعل القبول بها منطقيا، وعبر عن أمله بأن تسارع وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعداد لائحة تنظم الآليات اللازمة لتطبيقه. وأضاف القحطاني أن هناك مساحات كبيرة في محيط المدن غير مستغلة رغم الحاجة لها بعد التطورات الأخيرة الخاصة بالمساكن وإطلاق مشروع خادم الحرمين الشريفين لبناء مئات الآلاف من الوحدات السكنية، مما يعني استثمار أي أرض متاحة لتحقيق هذا الهدف حتى الانتهاء من مشكلة الإسكان، مؤكدا على أن وجود مثل هذه المساحات دون استغلال بالتأكيد يعطل استثمارها ويتسبب في ارتفاع الأسعار.
من جانبه أكد رجل الأعمال محمد آل مسبل وجود خلل في معادلة العرض والطلب بسبب شح المساحات المستخدمة في أعمال وأنشطة التطوير العقاري، رغم توفر المساحات البيضاء داخل وحول المدن، مشددا على أهمية المزيد من الضوابط التي تعمل على تنظيم السوق وتسهم في تقديم خدمات احترافية منظمة. ارتفاع الأسعار يحتاج إلى آليات وأدوات تكبح جماحها في ظل عدم إقرار الأنظمة العقارية، وارتفاع الطلب لا يجد عرضا يعادله ويحقق التوازن المطلوب، وبالنظر إلى كثير من المدن الرئيسية فإن هناك مساحات شاسعة غير مستغلة جيدا وبعضها مجهول الملكية. وأضاف «رغم أن القرار إيجابي في المساهمة في حصر الأراضي غير المعروفة الملكية، إلا أنه ليس متوقعا أن يعمل فورا على ضبط الأسعار بل قد يؤدي في البداية إلى رفع غير مبرر بتأثيره على نفسيات المتعاملين في السوق، لأنه كما ذكرت هناك اختلال في معادلة العرض والطلب وفجوة تسمح لصغار العقاريين خاصة في تمرير أسعار مرتفعة عطفا على دفعهم لهذه الرسوم». لكن آل مسبل بدا مقتنعا بأن هذه الرسوم ضرورية سواء اتفقنا أو اختلفنا عليها، ورآها في النهاية إجراء ضروري لتنظيم السوق وتأكيد الملكية وتثبيت الأسعار الحقيقية ومنع المضاربات العشوائية التي يستفيد منها قلة من العقاريين على حساب المصلحة العامة». وتابع «لا بد من إتباع قرار فرض رسوم إجراءات ولوائح أخرى ضابطة للسوق تساعد على تحقيق التوازن للمعادلة العقارية المختلة بسبب غياب الأنظمة والإجراءات الرسمية الملزمة للجميع».
من جانبه قال رجل الأعمال محمد سعد السبيعي أن هناك أراض خام واسعة في المدن الكبيرة وتحتاج إلى استثمارها بدلا من تعطيلها دون الاستفادة منها، و من مزايا القرار أنه سيحرك الدورة الدموية لهذه الأراضي غير المستغلة والمطورة، ويسمح بالتحرك لتوظيفها في برامج ومشروعات التطوير العقاري. ويؤكد السبيعي إن هناك كثيرا من اللوائح المطلوب تفعيلها في القطاع العقاري، بقوله « إن كنا نعاني من ارتفاع الأسعار وأزمة سكنية وخلل في العرض والطلب فإن مثل هذا القرار يفيد في التحرك باتجاه تنظيم الأمور وتسوية المشكلات العقارية العالقة، وإن كنت غير متفائل بسرعة الاستجابة وتراجع الأسعار إلى المستويات المنطقية والمناسبة للقيم الحقيقية للوحدات العقارية ومن بينها الأراضي». ويوضح أن هناك إيجابيات كثيرة في القرار ينبغي الاستفادة منها وعدم السماح بحدوث انتكاس في أسعار الأراضي ، لأنه بمجرد دخول الأراضي الموجودة في النطاق العقاري في العملية التطويرية يجب دمجها فورا في معايير التثمين والحاجة التنموية لها في السكن أو الاستثمار . فيما أكد عقاري بارز – فضل عدم ذكر اسمه – أن الوقت الحالي غير مناسب لفرض رسوم على الأراضي البيضاء . وقال « لا أعتقد أن فرض الرسوم خيار مناسب للتحفيز الاستثمار في الوقت الذي يعاني القطاع فيه من العديد من المشاكل كضعف البنية التحتية وعدم اكتمال منظومة الأنظمة والتشريعات». وتابع» يجب وضع حوافز تشجع المستثمرين لتطوير السوق العقاري وليس فرض رسوم تزيد من إرهاق الملاك «.