دخلت طهران على خط الصراع بين أجنحة الميليشيات والقوات الانقلابية على شرعية اليمن، وذلك بفرض رؤيتها على زعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي؛ الذي ترك لها الحق في اتخاذ كل قرارات الشأن الداخلي لإدارة انقلابه على الشرعية، مانحا إياها حق تسيير كل تحركات ميليشياته العسكرية والتنظيمية والسياسية. «اليوم» تتناول في هذا الجانب، كواليس صراع الأجنحة الميليشياوية الحوثية، ودور المخلوع صالح في الصراع، والتحرك الإيراني لفرملة محاولات صالح الاستئثار بقرار الميليشيا عبر جناح «صالح الصماد» و«المجلس السياسي» الذي يعد مشروعا للمخلوع وفكره. رضا نظام الملالي البداية من نهاية الصراع بين جناحي الميليشيا؛ والذي يمثل احد اطرافه محمد علي الحوثي ومحمد عبدالسلام، بينما الطرف الثاني صالح الصماد ويوسف الفيشي، ف«محمد علي الحوثي» هو ابن عم زعيم الميليشيا واحد مراكز النفوذ داخل الحركة، ويحظى برضا نظام الملالي في طهران ومعه في هذا الجناح محمد عبدالسلام رئيس وفد الميليشيات لمفاوضات الكويت وجنيف، وهو المتحدث باسم زعيم الميليشيا ايضا ومبعوثه الخارجي. الجناح الثاني هو «صالح الصماد» رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي، ورئيس الجمهورية المعين من قبل تحالف الانقلابيين مؤخرا، ومعه يوسف الفيشي المبعوث الخاص الداخلي لزعيم الميليشيا. والصماد لا يعتبر مصدرا لثقة دوائر صنع القرار في طهران، ومعه الفيشي الذي أبدى علانية انتقاده لطهران مطلع العام، لأنها على حد قوله تستثمر حرب اليمن، دون الإيفاء بوعودها لدعم الميليشيات بالسلاح والمال بالشكل المطلوب. وظهر الصراع بين قطبي الميليشيا للعلن بعد اعلان المجلس السياسي، ونجاح جناح الصماد في اقناع عبدالملك الحوثي بتتويج التحالف مع المخلوع بتشكيل مجلس حكم بديل لما يسمى باللجنة الثورية العليا، والتي يرأسها محمد الحوثي زعيم الجناح الآخر، وبالفعل تمت عملية حل اللجنة الثورية وتشكيل المجلس السياسي كمجلس حكم انقلابي بتزكية برلمانية غير شرعية من قبل نواب حزب المخلوع صالح، بل وأدى «الصماد» اليمين أمام نواب حزب المخلوع. وبعد تشكيل المجلس عمد المخلوع الى تقديم ممثل الميليشيات الحوثية ليكون رئيسا للمجلس، رغم ان بنود تشكيل المجلس تنص على ان الرئاسة دورية وقوام المجلس مناصفة، وهذه الخطوة قصد بها المخلوع أن الصماد كقيادي ميليشياوي سيتمكن من العمل على انهاء اذرع وادوات ما تسمى اللجنة الثورية في مؤسسات الدولة، واعادة إدارة الانقلاب عبر حزب المخلوع، لما له من سيطرة على البرلمان ولو بصفة غير شرعية أو دستورية. وحصل ما سعى اليه المخلوع، وتمت عملية حل اللجنة الثورية وغادر محمد الحوثي القصر الجمهوري الذي تسلمه رئيس المجلس السياسي، وتم سحب كل صلاحيات اللجنة الثورية الانقلابية، واصبحت قرارات التعيين تصدر من المجلس السياسي الجديد، كسلطة انقلابية قامت على انقاض اللجنة الثورية وتم اسقاط الاعلان الدستوري ايضا الذي اصدره الانقلابيون عقب سقوط صنعاء. ويرتبط الصماد بعلاقة قوية مع المخلوع بدأت منذ وصوله صنعاء مستشارا للرئيس هادي قبل إسقاطها، حينها كان المخلوع يدير سياسة الميليشيات في كواليس الصراع السياسي مع الرئيس هادي قبل سقوط العاصمة، وكان الصماد هو حلقة التنسيق بين طرفي الانقلاب الميليشيات الحوثية وصالح وحزبه ومساعديه. تحركات المخلوع صالح ومحاولاته السيطرة على عملية ادارة الانقلاب من العاصمة عبر قيادات حوثية لم تلق قبولا لدى طهران ومخابراتها؛ التي لا تثق بالمخلوع صالح، وتعمل منذ 2013 على تذويبه وحزبه ضمن الدائرة الحوثية. توجيهات مع رفض إيراني عقب تعليق مشاورات الكويت وعودة الوفد الانقلابي إلى سلطنة عمان، بدأ الصماد ومجلسه السياسي ممارسة دوره على منافسه اللدود داخل الحركة الميليشاوية موجها الوفد بعدم الالتقاء بالمبعوث الأممي ولد الشيخ إلا في صنعاء، في محاولة للضغط على التحالف لفتح المجال الجوي لعودة وفد الانقلابيين الى اليمن من ناحية، وإثبات أن قرار المجلس السياسي ملزم وان اللجنة الثورية انتهت من ناحية أخرى. المخابرات الإيرانية لم تنتظر، ووجهت عبر ذراعها المسؤول عن ملف اليمن والمتواجد في لبنان، الوفد الحوثي في السلطنة برفض التوجيهات القادمة من صنعاء من الصماد والمجلس السياسي والمخلوع صالح، وتم بالفعل استدعاء الفريق الحوثي لزيارة بيروت ومنها الى العراق لعقد اجتماعات مع عناصر إيرانية سياسية ومخابراتية وعسكرية ودينية. ووضعت طهران محددات عمل الميليشيات الحوثية ومنها عودة عمل ما تسمى باللجنة الثورية، واعطاء رئيسها محمد الحوثي دور الرجل التنفيذي الأول، واضعاف المجلس السياسي تدريجيا لإنهاء دوره التنفيذي. ورفض الجانب الإيراني ايضا تعيين نجل شقيق المخلوع صالح وقائد الحرس الخاص للمخلوع سابقا العميد طارق محمد عبدالله صالح قائدا للحرس الجمهوري، وهو المقترح الذي رفعه الصماد لزعيم الميليشيا عبدالملك الحوثي الذي بدوره ارسله للملالي في ايران. وفي آخر ظهور اعلامي له قبل أيام، أكد عبدالملك الحوثي استمرار ما تسمى باللجنة الثورية والعمل الثوري، في اشارة لتراجعه عن دعم المجلس السياسي. وخرج نجل شقيق صالح وقائد حراسته العميد طارق صالح عن صمته بالدعوة لمواجهة من سماه الطابور الخامس، والنزول للمؤسسات وتشجيع العمل المؤسسي والقانوني في إشارة لرفض عودة ممثلي اللجنة الثورية التي سبق ان تم حلها باتفاق المجلس السياسي. كما اتهم نشطاء حزب المخلوع ومحمد الحوثي بالسعي لإشعال فتنة وحرب بين صنعاء وصعدة في وقت حرج، وذلك بالتنصل عن الاتفاقات المبرمة مع عبدالملك الحوثي في اشارة الى المجلس السياسي. ميليشيات الحوثي، سربت ما يشبه التعميم حمل اتهاما واضحا بالخيانة لحزب المخلوع وفريقه في مشاورات الكويت، وذلك بُعيد زيارة أعضاء في وفد حزب صالح لواشنطن واجراء نقاشات من اجل الضغط على التحالف لوقف الحرب على الانقلابيين. ورغم محاولة صالح كسب ود دولة الملالي من خلال تسليم الميليشيات الانقلابية ترسانة ومنظومة صواريخ سام 2 وصواريخ بالستية أخرى، أشرف خبراء إيرانيون على نقلها الى صعدة، الا انه فشل في نيل ثقة طهران التي تستخدمه كورقة محدودة الدور. الدور الإيراني في اليمن تجاوز حدود التحالف مع ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، إلى الوصاية الكاملة على الانقلابيين وفرض أجندتها، وحتى قبول ورفض التحركات الداخلية للميليشيات سياسيا وعسكريا وتنظيميا ايضا.