أن تتحدث عن القدس، غير ان تكون في القدس. وأن تصلي في المسجد الاقصى غير أن تكون امام وخطيب المسجد الذي باركه الله وبارك حوله وجعل منه مسرى النبي العربي محمد صلّى الله عليه وسلّم وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. فكيف حين تستمع الى الشيخ الجليل وهو يتحدث بمرارة الفلسطيني المحتل وغيرة رجل الدين عن معاناة اهل القدس واختناق الاقصى بممارسات الصهاينة المغضوب عليهم من رب العالمين؟! كيف تشعر وأنت ترى العتب على العرب والمسلمين في كلام الرجل والحسرة في عيونه وهو يحدثك عما سيؤول اليه الاقصى طالما بقي العرب منشغلين في فتن ايقظها الصهاينة انفسهم وصولا الى تنفيذ مخططاتهم الشيطانية وادعاءاتهم ان الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الاقصى الذي لا يدافع عنه الآن الا المرابطون والمرابطات من ابناء القدس والخليل والارض المقدسة؟! لقد وصلت الوقاحة بالاسرئيليين ان يقيموا حفلات ماجنة في باحات وعلى بوابات الاقصى، وآخرها قيام عاهرات منهم بالرقص شبه عاريات عند احدى بوابات المسجد. والى حد ان يحجز المتطرفون مواعيد لاقتحامه ولتقوم شرطة الاحتلال بحمايتهم. اضافة الى منع المصليات الفلسطينيات من دخول المسجد الا وفق اوقات محددة. ويرى خطيب وامام المسجد الاقصى الشيخ عكرمة صبري ان المخطط الإسرائيلي بالنسبة للتقسيم الزماني ليس جديداً، لكنه محفوظ في الأدراج، وقد بدأوا في المرحلة الاولى منذ أكثر من أربع سنوات، عندما تحالف ارييل شارون مع اليمين اليهودي المتطرف، ونجح برئاسة الوزارة شريطة أن يسمح لهم بالصلاة في الأقصى، وفشل في ذلك، وقام بعمل دعاية لنفسه عندما اقتحم الأقصى عام 2000 ما اشعل الانتفاضة الثانية، جاء بعده ايهودا أولمرت الذي أيضاً تحالف مع اليمين الإسرائيلي، وطلبوا منه مقابل اشتراكهم في حكومته أن يسمح لهم بالصلاة في الأقصى وفشل، الآن تحالفوا مع نتنياهو، والذي بدوره يريد أن يظهر نفسه بأنه رجل دولة وقادر على أن ينفذ الوعود التي قطعها لليمين المتطرف، وما خدم نتنياهو في هذا الصدد الخلافات العربية والصراعات الدموية بين العرب، اذ انه قبل تفجر الخلافات والصراعات العربية كان نتنياهو مهزوزاً وكادت حكومته أن تسقط عدة مرات، والذي ساعده وقوّاه هو ما يحصل في اليمن وسوريا والعراق ومصر، فهذا الوقت يعتبره نتنياهو مناسباً له، فالاسرائيليون يبحثون عن الظرف الذي يخدمهم، فعندما رأوا أن هذا الظرف مناسب وهذه الصراعات تخدم الاحتلال بطريق مباشر أو غير مباشر، بحسن نية أو سوء نية، بقصد أو من دون قصد فقد استغلها نتنياهو لينفذ وعوده للمتطرفين. لقد حاولوا مراراً أن يفرضوا التقسيم الزماني وفشلوا، ولجأوا إلى الكنيست الإسرائيلي للتشريع، وهذا الاقتحام يفسح لهم المجال بأن يصلوا في باحات الأقصى، أيضاً فشلوا، ثم بدأوا يقومون بأعمال استفزازية لجس النبض وليروا ردود الفعل، ففي اسبوع واحد وعلى التحديد أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، أربعة أيام، وضع الاحتلال والشرطة الإسرائيلية يدهم على الأبواب الخارجية للاقصى وأغلقوها باستثناء ثلاثة أبواب، ليتحكموا بالدخول والخروج ومنعوا النساء المرابطات من الدخول من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الحادية عشرة، وهذه الفترة حساسة ولذلك يحاول الاحتلال أن ينفرد بها في المسجد الأقصى، ويريد الاحتلال أن تكون باحات المسجد فارغة من المسلمين والمسلمات، حتى تتهيأ لهم الفرص في أن يؤدوا صلواتهم التلمودية بكل يسر وبشكل علني وجهري. إن وجد الاحتلال ردود فعل قوية فانه سيتراجع، وإن لم يجد ردود فعل فسيستمر في إجراءاته ليكون موضوع التقسيم الزماني واقعاً ميدانياً. نحن بحاجة إلى تضافر الجهود الدبلوماسية والسياسية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي حتى يتراجع عن إجراءاته العدوانية لأن السكوت معناه القبول بالأمر الواقع، وهذا الأمر الخطير الذي يهدف إليه الاحتلال، وكنا سابقاً نقول إن الأقصى في خطر، لأننا نستشرف المخططات الاحتلالية المعدة للتنفيذ في الأوقات المتلاحقة، والآن نستطيع القول إن الأقصى في خطر حقيقي وواقعي، ولا بد من التحرك وعدم السكوت لهذه الإجراءات العدوانية. ولمواجهة المخطط الاسرائيلي فان أهل القدس وإخوانهم في فلسطين 48 ادركوا الخطورة وشعروا بأنهم في الميدان وحدهم، فكثفوا وضحوا ودافعوا عن الأقصى، لأنهم لم يجدوا سندا وظهيرا حقيقيا لهم، فلا بد أن يكونوا هم في الميدان، ويضحوا بحياتهم، فحصلت الاعتقالات والإبعادات، ورأينا على شاشات التلفزة كيف يقومون بضرب النساء والاعتداء عليهن، هذا الوضع هو وضع شاذ فعلاً ووضع خطير، وهذا هو الظرف المناسب لهم لمواصلة احتلال الاقصى ومواصلة البحث عن الهيكل المزعوم، وحين نقول اقتحاما يعني أن الذي يأتي إلى البيت يأتي بدون إذن صاحبه، فالمقتحم هو معتدٍ، أما الزائر فهو الذي يدخل البيت بإذن صاحبه، فما يحصل من قبل اليهود المتطرفين هم مقتحمون لأنهم يدخلون بقوة السلاح ويدخلون بحماية الشرطة الإسرائيلية وليسوا زائرين. سبتمبر ليس فقط شهر بداية الخريف والورق الاصفر بل ايضا شهر المناسبات اليهودية والاعياد لديهم ومنها نزول التوراة، وقبل ذلك خراب الهيكل، حيث تزيد في هذه المناسبات وتيرة تصعيدهم واستفزازاتهم في القدس وبخاصة في المسجد الاقصى. وحول الجدل القائم حول جواز زيارة المسجد الأقصى للمسلمين وهو في قبضة الاحتلال وهل تعتبر الزيارات تطبيعا مع العدو ام لا، يعلن الشيخ عكرمة صبري أنه يقف ضد التطبيع لكنه يرى أن الأمة انشغلت بقضايا لا تنقذ القدس كتحريم زيارتها أو إباحتها، لافتاً أن المقدسيين يتألمون حينما ترصد المليارات لليهود في حين يحرم المسلمون من إدخالها. وهل سيأتي يوم يهدم فيه اليهود المسجد الاقصى استشهد الشيخ صبري بقول بروفيسور وعالم آثار اسرائيلي «لقد عملت 25 سنة في البحث عن آثار يهودي تحت وحول الاقصى الا انني لم احد أي اثر». هناك في فلسطين يحفر اليهود ليبحثوا عن آثار لهم غير موجودة، وهنا في ارض الرافدين تدمر داعش كل اثر لحضارات موجودة منذ آلاف السنين! أي زمن هذا الذي نعيش فيه وأي أعداء للامة نواجه؟!