كما توقع المراقبون والمحللون فإن المليشيات الحوثية وقوات صالح أسقطت الهدنة الأخيرة لوقف إطلاق النار، وهو انهيار جديد يضاف إلى سلسلة من الانهيارات السابقة حيث تعودت تلك المليشيات والقوات على إسقاط كل الهدن التي من شأنها فتح الأمل لعودة الاستقرار والأمن والهدوء الى ربوع اليمن ووقف نزيف الدماء في مساع حميدة وحثيثة لايجاد مخرج آمن يعيد اليمن إلى طبيعته من جديد. لقد انهار صمود الهدنة التي أعلنتها الأممالمتحدة من خلال تكثيف المتمردين الحوثيين وقوات صالح أعمالهم العدوانية ضد المقاومة الشعبية الموالية للشرعية اليمنية لتستمر الأزمة اليمنية قائمة ويستمر نزيف الدماء وتستمر حالة الحرب على حالها دون التوصل إلى حلول ناجعة وقاطعة لأزمة ليست معقدة لو رضخ الحوثيون وقوات صالح لواقع عقلاني يعيد الاستقرار إلى اليمن وينهي حالة النزاع القائمة. كان من المفترض أن تستمر الهدنة الجديدة حتى أواخر شهر رمضان الا أن الحوثيين وقوات صالح خرقوها كما هو الحال مع سائر الهدن السابقة لتستمر الأزمة وتتصاعد المواجهات على الأرض بين القوات الموالية للشرعية وبين المتمردين الساعين لإبقاء الوضع على ما هو عليه من التأزم والتعقيد رغم أن الأممالمتحدة حصلت على الضمانات الكافية من الحوثيين وقوات صالح الا أن الهدنة الجديدة اخترقت ومزقت أوراقها. وبسقوط الهدنة فإن الأحياء السكنية في عدن وبقية البؤر المتوترة في اليمن تتعرض لقصف المتمردين ليسقط في أعقابها من يسقط من الأطفال والنساء وكبار السن ويعاني المدنيون الأمرّين من استمرار القصف والاقتتال بين المتمردين والقوات الموالية للشرعية، والخسران المبين يتضح جليا بين صفوف المتمردين من خلال تمكن المقاومة الشعبية الموالية للسلطة الشرعية من تحقيق انتصارات متلاحقة على الأرض. القفز على الهدن المعلنة من قبل الأممالمتحدة ليس في صالح المتمردين، فالمقاومة ما زالت تحكم سيطرتها على العديد من المناطق اليمنية، وقوات التحالف ما زالت تكبد المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وكان الأولى للمليشيات الحوثية وقوات صالح أن تصغي لصوت العقل وتقبل بالهدنة الأخيرة لتسوية النزاع القائم في اليمن وحقن دماء الأبرياء، غير أن الأمور ازدادت تدهورا بنقض تلك الهدنة والقفز على مسلماتها. وليس من الأسرار القول إن القوات الشعبية الموالية للشرعية اليمنية تحكم سيطرتها على مختلف المناطق وتضيق الخناق على المتمردين، وكان من المفترض أن ترفع الهدنة الجديدة المقترحة من الأوضاع الانسانية المتدهورة في سائر مناطق اليمن لاسيما «عدن» غير أن نقضها لم يسمح بتحسين تلك الأوضاع فازداد الأمر تعقيدا، فالحوثيون مازالوا يعترضون على قوافل المساعدات الانسانية ويمنعون وصولها للمتضررين من الحرب. سفن برنامج الغذاء العالمي مازالت عالقة قبالة عدن، ومازال اليمنيون يعانون من أوضاع انسانية صعبة في ظل خرق المتمردين للهدنة الأخيرة وسائر الهدن السابقة، فالمساعدات الانسانية لا يمكن أن تصل الى المدنيين المنكوبين من الأوضاع الحالية في ظل استمرارية القتال والقصف، فثمة اشتباكات عنيفة ومتواصلة في بعض محافظات اليمن تحول دون وصول المساعدات الانسانية وتحول دون وقف نزيف الدماء على أرض اليمن السعيد. الاشتباكات مازالت تزداد ضراوة بين المتمردين والمقاومة الشعبية، ويبدو أن الوضع سيظل على حاله إلى وقت الاعلان عن دحر المليشيات الحوثية وقوات صالح في ضوء العمليات الناجحة التي ينفذها رجال المقاومة وفي ضوء مايحققه طيران التحالف العربي من ضربات موجعة وغارات جديدة ضد مواقع المتمردين، فأعمال المقاومة والغارات الجوية سوف ترسم المشاهد الأخيرة لانهاء الأزمة اليمنية العالقة. وفي ظل خرق المتمردين للهدنة الأخيرة ولكل الهدن المماثلة فان الحل الوحيد لانهاء الأزمة اليمنية يكمن في الضربات الموجعة التي تشنها قوات التحالف من جانب ويشنها رجالات المقاومة الشعبية من جانب آخر، ويبدو أن المتمردين لا يصغون الا لصوت الرصاص وليس لديهم الاستعداد لسماع صوت العقل والرضوخ لمعطياته، فقد استمرأوا العنف، واستمرأوا فرض سيطرتهم على أرض مازالت تلفظ مخططاتهم وأساليبهم العدوانية.