دخلت الأندية السعودية المحترفة لاسيما الكبيرة منها في نفق مظلم وباتت مهددة بإشهار إفلاسها في أي وقت؛ نتيجة تراكم الديون التي ما زالت ترزح تحت وطأتها منذ سنوات مضت والناجمة عن توقف دعم بعض أعضاء الشرف الداعمين، وفشل إداراتها في إيجاد مداخيل ثابتة يمكن من خلالها تسيير أمورها والوفاء بالتزاماتها المالية من مقدمات عقود ورواتب للاعبين والعاملين داخل أروقتها. فمنذ إقرار نظام الاحتراف وضعت الأندية نفسها في موقف محرج خصوصا في السنوات الأخيرة، بعد أن أهملت قطاع الفئات السنية وبدأت تنافس بعضها على جلب اللاعبين الجاهزين من أندية أخرى لتدعيم صفوفها مقابل مبالغ مالية يبالغ فيها كبدت خزائنها ملايين الريالات في الوقت الذي كان فيه دخول القطاع الخاص كشريك استراتيجي في المجال الرياضي على استحياء، وهو ما زاد الأمور تعقيدا حتى باتت الأندية تحت خط الفقر وعلى حافة الهاوية رغم المبالغ المالية التي تدخل خزينة كل ناد من شركة عبداللطيف جميل الراعي الرسمي للدوري وكذلك من شبكة قنوات PRO sports mbc الناقل الرسمي للمسابقات المحلية. فتلك المداخيل إلى جانب بعض المداخيل الإضافية التي تحصل عليها بعض الأندية من الشركات الراعية الأخرى كشركة موبايلي الراعي الرسمي لناديي النصر والهلال وشركة الخطوط القطرية الراعي الرسمي للنادي الأهلي لا تفي بالغرض وتعتبر "فتاتاً" قياسا بحجم المصرفات الكبيرة والمبالغ التي تنفقها في كل عام، وتشمل تعاقداتها مع الأجهزة الفنية والطبية واللاعبين المحليين والأجانب فضلا عن رواتبهم الشهرية ومكافآت الانتصارات والبطولات والتي تتخطى حاجز ال150 مليون ريال سنويا. فالهلال الذي يعتبر أكثر الأندية دخلا عطفا على توقيعه لحزمة من العقود مع عدد الشركات الاستثمارية مطلع الموسم الفائت إلا أنه أنهى موسمه وهو مدين بأكثر من 81 مليون ريال، في حين أضحى الاتحاد على فوهة بركان؛ نظرا لتجاوز ديونه 130 مليون ريال ساهم فيها بشكل مباشر غياب عقود الرعاية التي من شأنها تخفيف حجم تلك الديون التي أنهكت كاهله، في الوقت الذي اضطر فيه الشباب لبيع عقود عدد من نجومه الذين كان آخرهم الدولي نايف هزازي الذي انتقل للنصر مقابل 27 مليون ريال للشباب ومليونين تنازل عنها اللاعب لمصلحة ناديه السابق. ورغم أن ناديي النصر والأهلي لم يكشفا عن حجم الديون إلا أنهما ليسا بمعزل عن بقية الأندية السابقة، فالديون ما زالت تحاصرهما خصوصا الأهلي الذي اعتذر رمزه وداعمه الحقيقي الأمير خالد بن عبدالله قبل أيام عن جميع المناصب الرسمية، قبل أن يلحق به رئيس النادي الأمير فهد بن خالد ويعلن استقالته من منصبه، في حين ما زال الأمير فيصل بن تركي رئيس النصر يبذل جهودا مضنية لتقليص حجم الديون وجدولة بعضها. وكانت لجنة الاحتراف باتحاد الكرة قد وضعت في الموسم الماضي سقفا أعلى لعقود اللاعبين المحليين وحددته بمليونين وأربعمائة ألف يتقاضها اللاعب في الموسم، قبل أن تفرض على الأندية بدءا من الموسم الجديد تسديد رواتب اللاعبين بموجب حوالات بنكية وجعلتها شرطا أساسيا لتسجيل اللاعبين الجدد سواء محليين أو أجانب، وهو الأمر الذي سيجبر الأندية على تسليم اللاعبين رواتبهم المتأخرة لكي يتسنى لها قيد اللاعبين الجدد. وهذه الأزمة الطاحنة التي طوقت جميع الأندية دون استثناء ما زال القائمون على الرياضة يبحثون لها عن حلول جذرية، وربما تشهد المرحلة المقبلة إقرار نظام الخصخصة الذي قد يكون بمثابة طوق نجاة ويساهم في انتشال بعضها من مستنقع الديون.