في مشهد يعكس حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، واصلت إسرائيل تصعيد غاراتها الجوية مستهدفة هذه المرة مستشفى الأهلي في مدينة غزة. ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، استهدفت غارة جوية إسرائيلية، المستشفى الأهلي الواقع شمال قطاع غزة، مما أجبر المرضى والطاقم الطبي على إخلائه تحت القصف. وأسفر الهجوم عن وفاة مريضة خلال عملية الإجلاء بعد تعذر تقديم الرعاية الطبية لها في ظل الفوضى. مطالب التحقيق ورغم إصدار إسرائيل بيانًا تزعم فيه استهداف مركز قيادة لحماس داخل المستشفى، مستخدمة ما وصفته ب«الذخائر الدقيقة»، إلا أنها لم تقدّم أدلة ملموسة على وجود نشاط عسكري داخل المنشأة الطبية، وهو ما نفته حركة حماس جملة وتفصيلًا، مطالبةً بتحقيق دولي مستقل في الهجوم. كما أن الهجوم قوبل بإدانة شديدة من أبرشية القدس. النظام الصحي وأكد مدير مستشفى الأهلي، الدكتور فاضل نعيم، تلقي المستشفى تحذيرًا قبل الغارة، لكنه شدد على أن القصف ألحق أضرارًا جسيمة بقسم الطوارئ والصيدلية والمرافق المحيطة، مؤكدًا توقف المستشفى مؤقتًا عن العمل. وقد نُقل المرضى إلى مستشفيات بديلة، أبرزها الشفاء، والقدس، والهلال الأحمر. وقالت منظمة «المساعدة الطبية للفلسطينيين» إن هذا القصف هو الخامس الذي يتعرض له المستشفى منذ بداية الحرب، ليبقى السؤال مفتوحًا: هل تحوّلت المستشفيات في غزة إلى أهدافٍ ثابتة ضمن إستراتيجية عسكرية؟ مسيرة تدمير ومنذ اندلاع الحرب، تحوّلت المرافق الصحية في غزة من ملاذات آمنة إلى أهداف عسكرية، فيما وصفته منظمات دولية ب«انتهاك ممنهج للقانون الإنساني الدولي». مجازر متتالية ولم يتوقف القصف الإسرائيلي عند مستشفى الأهلي. فبعد ساعات من الهجوم، شنت طائرة حربية غارة على سيارة مدنية في دير البلح وسط القطاع، ما أدى إلى مقتل سبعة فلسطينيين على الأقل، من بينهم ستة أشقاء وصديقهم. وكان الأشقاء يعملون في جمعية خيرية لتوزيع الطعام على المحتاجين. وفي هجوم منفصل على مبنى بلدي في دير البلح، قُتل ثلاثة آخرون. كما استهدفت الغارات مدينة خان يونس، موقعة المزيد من الضحايا. وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مركز قيادة آخر لحماس في دير البلح، دون ربطه بالغارة على السيارة، مشيرًا إلى أنه يحقق في الواقعة. أرقام ثقيلة وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، أكدت وزارة الصحة في غزة مقتل 11 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين. ومع استمرار الهجمات التي انطلقت منذ السابع من أكتوبر 2023، ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى أكثر من 50 ألفًا، بحسب الوزارة، التي أشارت إلى أن أكثر من نصف الضحايا هم من النساء والأطفال. وفي المقابل، تؤكد إسرائيل أن عمليتها العسكرية جاءت ردًا على هجوم حماس في أكتوبر، الذي أودى بحياة 1200 إسرائيلي، واحتجاز 250 رهينة، أُطلق سراح معظمهم في صفقات مؤقتة. ممرات تتقلص وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الغارات، أعلنت إسرائيل اكتمال إنشاء ممر موراج العسكري، الذي يفصل مدينة رفح عن بقية أجزاء القطاع، تمهيدًا لعمليات توغل جديدة. كما أشار وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أن العمليات العسكرية ستتوسع قريبًا، داعيًا سكان غزة إلى إخلاء «مناطق القتال». محطات رئيسية من التدمير الممنهج للمستشفيات: • مستشفى الشفاء – مدينة غزة: تعرض المستشفى الأكبر في القطاع لمداهمات متكررة وقصف مباشر، ما أدى إلى تدمير أجزاء واسعة منه وتوقفه عن العمل لأسابيع. • مستشفى ناصر – خان يونس: في فبراير 2025، شنت إسرائيل هجومًا داميًا على المستشفى، أسفر عن قتلى وجرحى واندلاع حريق ضخم، رغم الاكتظاظ الشديد داخله بالمرضى. • مستشفى القدس – تل الهوى: حُوصر المستشفى لفترات طويلة، وقُطع عنه الوقود والإمدادات الطبية، مما أجبر الطواقم على إجراء عمليات دون تخدير أحيانًا. • الهلال الأحمر والمستشفيات الميدانية: لم تسلم هي الأخرى، حيث تم استهداف سيارات الإسعاف ومراكز الإسعاف الأولي، ما أدى إلى مقتل وإصابة طواقم طبية أثناء أداء مهامهم. إحصائيات صادمة • منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38 في غزة، وأخرجت 80 مركزًا صحيًا عن الخدمة، إضافة إلى تدمير 136 سيارة إسعاف، مما أدى إلى شلل كبير في قدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.