تبدأ الحياة الزوجية وفي نية الزوجين أن يتعارفا أكثر واكثر ويبدأ الحوار وتتقافز الأسئلة وما هي إلا اشهر قلائل حتى يبدأ الصمت يزحف بينهما كضيف ثقيل سرعان ما يتسلط وتصبح ساعات اللقاء تحت سقف المنزل ساعات من الصمت المطبق لتسير الحياة وفق روتين محدد وفجأة يشعر أحدهما بالاختناق ويصرخ في وجه الآخر لماذا لا تتكلم؟ بدورنا حملنا هذا السؤال إلى مجموعة من الأزواج لنتعرف عن قرب على الأسباب من وجهة نظرهم. أسئلة وطلبات فقط سميرة تقول بأسى: تزوجنا بعد فترة خطبة دامت ستة اشهر كنا نقضي فيها ساعات طوالا في الحديث وعن حياتنا المقبلة والتخطيط لها وعن موضوعات أخرى عامة كان زوجي لبقا هادئا لا يكثر من الكلام ولكنه لم يكن صامتا وبعد الزواج بدأ حديثه معي يقل أكثر واكثر فهو يأتي ليتناول غداءه وأثناء ذلك يتحدث كل منا بالقليل جدا .. جدا عن يوم العمل بعد ذلك ينام.. ويصحو.. يتصفح الجرائد ويستلم جهاز الريموت وينسى نفسه.. وما يدور خلال هذا الوقت بعض الطلبات أو الأسئلة مثل أريد الشاي.. هل رأيت الكتاب الفلاني .. أطفئي الأنوار.. تأكدي من إغلاق الباب ومرت سنوات ونحن على هذه الحال ربما أثر أكثر أني لم انجب حتى الآن .. لقد بدأت اختنق فعلا وابحث عن حل فلا أجد سوى الخروج إلى منزل أهلي أو مع صديقاتي لأتحدث فقد مللت الصمت. الشك أما نادية(ام رائد) فقالت: نحن بالفعل غرباء.. ندور في المنزل بحركة مرسومة لم تتغير.. هو في مكتبه وأنا بين الأولاد مذاكرة .. تمريض .. إشراف على وجبات الغداء والعشاء ومتابعة حتى النوم.. يخرج من مكتبه نتعشى معا دون أي كلام نحن نسمع فقط صوت المضغ وطقطقة الملاعق على الصحون, قد يسأل بعد أن ينتهي عن الأولاد ودراستهم وقد لا يسأل .. تتوقف الحركة بالنوم هذا هو باختصار يومنا الغريب ان هذا الزوج الصامت كان قبل بضع سنوات يتصف بالمرح الذي يدفعه لقول الحكايا التي تحدث في الكتب أو خارجه ويبدع في سرد تفاصيلها.. غاب كل هذا وأصبحت أعاني صمته ولا أبالغ ان قلت اني أخاف منه واشك في انه يجد غيري ليتحدث معه كما كان في السابق. أين ثرثرة النساء؟ وعلى عكس كثير من الرجال وجدنا ان (خالد .ص) يشتكي من صمت زوجته قائلا: زوجتي هادئة جدا وقليلة الكلام ولكي أتحدث معها في موضوع ما فلابد ان ابدأ بالسؤال ثم تعطيني الإجابة لتتوقف بانتظار السؤال التالي هذه عن تفاصيل يومها في العمل وعلاقتها الاجتماعية بل ومشاعرها أيضا.. لقد تعبت أتمنى يوما أن تفاجئني وتقول: هل تصدق أن فلانة حدث لها كذا وكذا انتظر أن أرى في زوجتي ما يقوله الرجال عن الثرثرة النسائية فلا أجد.. المشكلة اليوم أنني توقفت عن توجيه الأسئلة وتوقفت هي عن الكلام إلا للضرورة وحول متطلبات الحياة اليومية ولكني اشعر وكأني أعيش وحدي لولا ضجيج الأطفال من حولنا. الحياة نشرة أخبار بدءا من الساعة 8 مساء لحظة دخول زوجي الى البيت ينقطع عن الحياة معنا ليعيشها مع التليفزيون انه يسمع نشرة الأخبار في كل القنوات ثم يبحث عن البرامج التي ترضيه ثم الفيلم الذي يقضي معه سهرته لا كلام ولا غيره.. إن الأمر يصل أحيانا إلى حد أني اخرج في بعض الزيارات التي يعلم عنها ثم أفاجأ بأنه يتصل بي ليسألني أين ذهبت, كنت أريد العشاء ولم أجدك نعم.. لا تتخيلي أن هذه مبالغة.. لقد حدث هذا الأمر اكثر من أربع مرات. الوضع يزعجني جدا.. وعندما حاولت الحديث عنه في هذا الموضوع قال لي: ليس هناك من جديد يستحق ان نتحدث فيه فحكايات زميلات عملك واحدة لا تتكرر وحكايتي مع المراجعين في المكتب كذلك فماذا تريدين ان نقول؟! نخرج إلى المطاعم نأكل بصمت نرتاد الأسواق بصمت.. كل محاولاتي للتعليق على بعض الأمور هنا أو هناك من أجل فتح باب الحوار بيننا يوصده بكلمات قليلة ومقتضبة تقفل كل الأبواب في وجهي. الشكوى واحدة سواء من قبل الرجل أو المرأة. فصمت أحد الطرفين مزعج جداً للطرف الآخر وقد يتطور الأمر إلى مشكلة كبرى وحقيقية تستدعي التوقف من أجل الكشف عنها وتتبع أسبابها.. فالحياة يستحيل أن تستمر بالشكل المريح في إطار من الصمت المطبق.. معظم الزوجات كن يكررن عبارة زوجي.. لم يكن هكذا في بداية الزواج مما يعني أن التحول إلى الصمت أمر طارئ استجد بفعل الركون لاستمرارية الحياة وتكرار الصور اليومية فيها ولكن الحقيقة أن الأمر على هذه الصورة يتحول فعلاً إلى مشكلة تندرج تحتها مشاكل أخرى لم يناقشها الزوجان بسبب هذا الصمت ومن أجل تلك الحالات أجريت عدة دراسات على نماذج زوجية صامتة قدم بعدها الباحثون الوسائل التي تعين الزوج أو الزوجة على كيفية التعامل مع الطرف الصامت ومنها:- نصائح للزوجين @@ التعامل مع الطرف الآخر بالأسلوب نفسه ليتعرف الثاني على نفسه وكأنه يرى تصرفه في مرآة صافية أمامه وهذا بحد ذاته يكشف إن كان الزوج يتعمد هذا الصمت أو أنه يغرق فيه دون شعور منه وبعد ذلك يأتي دور المعالجة. @@ الاستمرار في محاولة جذب انتباه الطرف الصامت إلى ما يريد الطرف الآخر وذلك بتكريس الجلسة بالكامل للحوار أو تبادل الحكايات مثل الجلوس بعيداً عن التليفزيون أو غرفة المكتب المنزلية. @@ على الزوجين أن يعرفا أن هذا الصمت هو شكل مهذب لمشكلة أكبر وهي الانفصال العاطفي بينهما وهنا يقع العبء على الطرف المتضرر بالبحث عن الوسيلة المناسبة لتجديد المشاعر والعواطف حفاظاً على جو أسري صحي للزوجين والأبناء على حد سواء. @@ يرى كثير من الرجال أن أسباب صمتهم ناشئة من انشغال الزوجات بواجباتهن تجاه الأبناء وهنا يحدث الانفصال بينهما في ذلك الجانب. @@ على الزوجين أن يكفا عن توجيه الاتهامات لبعضهما فتلك مشكلة مشتركة عليهما أن يقوما بتحليلها ودراسة أسبابها والاشتراك في الحل الذي يتطلب التغيير تدريجياً.