قراءة في الخطاب الملكي    سوق المجلس التراثي بشقراء يواصل استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني 94    التزامات المقاولين    الذكاء الاصطناعي يقودني إلى قلب المملكة    ماكرون: الحرب في لبنان «ليست حتمية».. وفرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين    قصيدة بعصيدة    حروب بلا ضربة قاضية!    دراسات على تأثير غطاء الوجه على صحة الإناث..!    الخلود يحقق انتصاره الأول على حساب الوحدة بهدف في دوري روشن للمحترفين    ديفيد رايا ينقذ أرسنال من الخسارة أمام أتلانتا    هدف متأخر من خيمينيز يمنح أتليتيكو مدريد على لايبزيغ    جوشوا ودوبوا يطلقان تصريحات التحدي    مصادرة صوت المدرجات    النصر وسكّة التائهين!    شرطة الرياض: القبض على مواطن لمساسه بالقيم الإسلامية    أدب تختتم ورشة عمل ترجمة الكتاب الأول بجدة    52 غارة إسرائيلية تستهدف جنوب لبنان    دوري روشن: الخلود يعود بفوز هام من ارض الوحدة    جازان: إحباط تهريب (210) كيلوجرامات من نبات القات المخدر    أمانة الطائف تكمل استعداداتها للإحتفاء باليوم الوطني 94    صحة جازان تدشن فعاليات "اليوم العالمي لسلامة المرضى"    الاستثمار الإنساني    ابتكاراتنا ملهمة    سَقَوْهُ حبًّا فألبسهم عزًّا    النصر يرد على أنباء تحكم رونالدو في قرارات النادي    فريق طبي بتجمع جازان الصحي ينجح في إعادة السمع لطفل    هيئة الأفلام تطلق النسخة الثانية من "منتدى الأفلام السعودي" أكتوبر المقبل    نائب أمير جازان يطلق البرنامج الدعوي "انتماء ونماء" المصاحب لليوم الوطني ال 94    محافظ الأحساء: الخطاب الملكي يحمل حرصا شديدا على حماية هويتنا وقيمنا    أكثر من 5 ملايين مصلٍ يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    الكويت ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارًا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة    مجمع إرادة بالرياض: سلامة المرضى أولوية لدينا نظراً لطبيعة المرضى النفسيين ومرضى الإدمان    الغذاء والدواء: لا صحة للادعاءات المنتشرة حول فوائد مشروب جذور الهندباء    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    الرياض تحتضن القمة والمعرض السعودي للبنية التحتية الثلاثاء المقبل    البروفيسور فارس العنزي يحصد لقب الشخصية الأكثر تأثيراً في النشر العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية    ارتفاع أسعار الذهب    أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء    فريق بحثي سعودي يطور تكنولوجيا تكشف الأمراض بمستشعرات دقيقة    أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بالبرد وتؤدي لجريان السيول على 5 مناطق    حضن الليل    «التعليم»: تخصيص بائع في مقاصف المدارس لكل 200 طالب    المواطن عماد رؤية 2030    أحياناً للهذر فوائد    إلى جنَّات الخلود أيُّها الوالد العطوف الحنون    وفد من الخطوط السعودية يطمئن على صحة غانم    سموه رفع الشكر للقيادة.. وزير الثقافة يُثمّن تسمية مجلس الوزراء ل "عام الحِرف اليدوية"    د. حياة سندي تحصد جائزة المرأة الاستثنائية للسلام    المهندس الغامدي مديرا للصيانة في "الصحة"    العواد إلى الثانية عشرة    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 7,922 رجل أمن من مدن التدريب بمناطق المملكة    اليابان تحطم الأرقام القياسية ل"المعمرين"    تعزيز التحول الرقمي وتجربة المسافرين في مطارات دول "التعاون"    الأمير سعود بن مشعل يشهد اجتماع الوكلاء المساعدين للحقوق    سلامة المرضى    كلام للبيع    كسر الخواطر    هيئتا الأمر بالمعروف في بلجرشي والمخواة تفعّلان برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجدار" عدوان يزيد الكراهية والانهيار ويمنع حق تقرير المصير الفلسطيني
المملكة تحث محكمة العدل الدولية على تقديم رأي استشاري بشأن جدار الفصل في فلسطين المحتلة:
نشر في اليوم يوم 25 - 02 - 2004

أكدت المملكة العربية السعودية أن الجدار العازل الذي تقيمه اسرائيل في الضفة الغربية غير قانوني ويتناقض مع القانون الدولي وليس له أي مبرر قانوني ووصفته بأنه عمل استفزازي وعدواني وغير متكافئ.وأيدت المملكة ابداء محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيا استشاريا في موضوع اقامة اسرائيل للجدار العازل وتداعياته القانونية.وأبدت المملكة خلال مرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية التي تنظر قضية الجدار العازل الذي تقيمه اسرائيل على أجزاء من الاراضى الفلسطينية المحتلة وقدمها المندوب الدائم للمملكة لدى الامم المتحدة السفير فوزى بن عبدالمجيد شبكشي معارضتها لفكرة أن الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن موضوع الجدار يتعارض مع مسعى التفاوض بهدف تحقيق السلام في الشرق الاوسط عبر خريطة الطريق مؤكدة أن القبول بهذا الرأي لن يؤدى الا الى المزيد من الانهيار لعملية السلام.
ورأت في الرأي الاستشاري للمحكمة في قضية الجدار مساهمة في هدف القضاء على الارهاب وتحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة.
وأفادت بأن اسرائيل تعمل منذ عام 1967م على تعزيز موقفها وتغيير الوضع على الارض وأن الجدار أحد الامثلة الحديثة على ذلك.
وحذرت من أن الجدار سيمنع قيام دولة فلسطينية قادرة على الحياة ويمنع كذلك حق تقرير المصير ويزيد من الكراهية التي تؤدى الى المزيد من العنف.
وبشأن التخوف من الارهاب وجعل ذلك مبررا لاقامة الجدار أكدت المملكة مجددا ادانتها الارهاب بكافة أشكاله والتزامها بمحاربته ..
وركزت على أهمية العمل من أجل معالجة الدوافع والاستفزازات التي تؤدى الى الارهاب.
وتناولت المرافعة موقف المملكة واهتمامها بانجاح خريطة الطريق من أجل الوصول الى السلام المنشود .. وأشارت الى مبادرة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز من أجل تحقيق السلام في الشرق الاوسط التي أقرتها وتبنتها قمة بيروت العربية.
وفندت المملكة بتوسع مع ابداء المعارضة لفكرة أن الرأي الاستشاري للمحكمة في قضية التداعيات القانونية للجدار العازل سيكون متداخلا مع خريطة الطريق وسيؤثر سلبا عليها وأن على المحكمة بالتالى الامتناع عن اعطاء رأيها في الموضوع.
نص المرافعة الشفهية
وفيما يلي كامل مرافعة المملكة أمام محكمة العدل الدولية:
السيد الرئيس السادة أعضاء المحكمة، انه لشرف كبير لى أن أقف أمامكم اليوم. وهذه هى المرة الاولى التي تقدم فيها المملكة العربية السعودية مرافعة شفوية لمحكمة العدل الدولية.
واننى ممتن بشدة لهذه الفرصة لتقديم موقف بلادى أمام هذه الهيئة الموقرة.
لقد حصلت على شرف تمثيل بلادى كمندوب دائم للامم المتحدة. واننى أعترف بأننى اليوم في وضع مختلف .. وسأبذل قصارى جهدى لتقديم تعليقات في الاطار القانوني.
وكما تدرك المحكمة فان المملكة العربية السعودية قد قدمت بيانا مكتوبا بشأن الموضوع للمحكمة. ونحن واعون تماما ببساطة لواجبنا بعدم تكرار ما قيل هنا، كما أننا مدركون أيضا لضغوط الوقت بالنسبة للمحكمة وحقيقة وضع النقاط المتشابهة التي أعرب كثير من الاطراف عنها هنا.
وهكذا فانه في اطار الوقت الممنوح لي اليوم فلن أدلي ببيان شامل يجيب عن كل النقاط التي أثيرت والتي نختلف معها وسندع بياننا المكتوب يعبر عن وجهة نظرنا الشاملة. وبدلا من ذلك فسأقترح معالجة نقطة خلاف واحدة تمت اثارتها.
رأي مغلوط
وهذا الخلاف يتعلق بتقدير المحكمة ويتمثل الخلاف في ان الرأي الاستشاري بشأن الموضوع يتعارض مع مسعى التفاوض بهدف تحقيق السلام في الشرق الاوسط والذي يسمى اليوم بخريطة الطريق. ونحن نختلف مع هذا الرأي بشدة ونعتقد أنه رأي مغلوط لان القبول به لن يؤدى الا الى المزيد من الانهيار لعملية السلام. وأملا في الرد على هذا الرأي فسوف نقدم للمحكمة معلومات كما نصت عليها الفقرة 66 من وضع المحكمة. وهذه مسئوليتنا هنا .. ولا شك أن هذا ليس جدالا ولكنها قضية معقدة، الا أنه قبل أن أبدأ فانني أرغب في تقديم ثلاث ملاحظات أولية.
ثلاث ملاحظات
أولا .. نسجل ملاحظة بشأن الوضع غير العادى للطلبات المقدمة للمحكمة.
فمن ناحية .. لم تحاول أي دولة أو طرف آخر تحدث بهذا الشأن الى ايجاد مبرر قانوني لجدار الفصل الذي تبنيه اسرائيل. ومن الناحية الاخرى .. فان بعضا منا نحن الذين تحدثنا أمام المحكمة قدم القضية في اطار قانوني بشأن وجود تداعيات قانونية لجدار الفصل أو الحاجز مهما كانت تسميته ومن هنا ولاحقا فاننى ببساطة سأشير اليه باسم الجدار وأن هذه التداعيات تنشىء من الاستنتاج بأن الجدار غير قانوني. ونظرا لانه لم يجادل أي طرف في هذا فاننا نعتقد أن استنتاجنا صحيح.
وبالطبع فان مجموعة من الدول تجادل في أن المحكمة يجب ألا تقدم أي رأي استشاري في المسألة كما طلبت الجمعية العامة للامم المتحدة. والجدال الذي يقدمونه هو ببساطة الجدال الذي قدم في قضايا اخرى لطلب رأي استشاري للايحاء بأن القضية غامضة أو أن المحكمة ستكون في خطر الحكم المسبق على المفاوضات أو الابتعاد عن اختصاصها القضائى. ومثل هذه المجادلات فشلت في الماضى أمام هذه المحكمة. وفي الوقت نفسه فانه من الملاحظ أن المرء يجد أن هذه الدول نفسها تقول بالرأي البديل فهم يرون أن المحكمة يجب ألا تدلى برأي .. ولكنهم يستمرون في تأكيد موقفهم من جوهر الموضوع في الوقت الذي تشرع فيه المحكمة في ابداء الرأي. وهذه ليست القضية هنا.
مثال توضيحي
فعلى سبيل المثال .. ففي قضية أسلحة الدمار الشامل جادلت سبع دول في بيانات مكتوبة بأن المحكمة يجب ألا تعطى رأيها. ومن هذه الدول قدمت ست دول رأيا بديلا انظر بيانات مكتوبة لكل من الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا وروسيا وفرنسا وهولندا والمانيا عن شرعية استخدام دولة للاسلحة النووية في صراع مسلح في القضية المقدمة من جانب منظمة الصحة العالمية الى المحكمة لطلب الرأي الاستشاري. وفي القضية الحالية فان نفس الدول الست قدمت للمحكمة بيانات مكتوبة مرة أخرى تجادل بأنه يتعين على المحكمة عدم ابداء رأي استشاري ولكنها هذه المرة بفعلها ذلك لم تقدم رأيا بديلا. وقد أعطيت نسخة من ملاحظاتى المعدة سلفا للمحكمة تحتوى على الاقتباسات ذات العلاقة.
وهكذا فان الرأي البديل لم يقدم هنا. والدول التي تجادل في أنه يتعين على المحكمة ألا تمارس سلطتها لتقديم رأي استشاري في المسالة لا تجادل في البديل لو أن المحكمة فعلت .. ان على هذه الدول أن تجد أساسا قانونيا للجدار ومن ثم عدم وجود تداعيات قانونية مضادة. والسؤال الذي سأسأله هو لماذا لا والاجابة ببساطة هو أن الجدار لا يمكن الدفاع عنه من الناحية القانونية.
وكثير من الدول التي أخذت في بياناتها المكتوبة موقفا أنه يتعين على المحكمة ألا تبدى رأيا استشاريا في المسالة سبق أن أدانت الجدار في مكان آخر. وقد فعلوا ذلك في تصويتهم الحاسم لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة أي. اس 1. 13 أكتوبر 2 ..3م الذي يطالب اسرائيل بوقف بناء الجدار والتخلى عنه وقالت انه يتناقض مع القانون الدولي.
وضع غريب
ولهذا فان المحكمة في وضع غريب. فمعظم الدول تقريبا التي تقدم مرافعات مكتوبة أمام المحكمة سبق أن اتخذت موقفا بأن الجدار غير قانوني. الا أن بعض هذه الدول تعتقد أنه لا يتعين على المحكمة أن تبدى رأيا استشاريا في الموضوع المعروض أمامها لانهم يقولون أن ذلك سيعوق عملية التفاوض.
وفي رأينا أن هذا تعليق مؤسف على طبيعة الامور. فهناك عملية تفاوض تلقى تأييدا دوليا. وأحد الاطراف في المفاوضات الجانب الاسرائيلي لديه الفرصة ويواصل تعزيز موقفه بصورة متعمدة ويغير من الوضع على الارض لصالحه. وهو يفعل ذلك منذ عام 1967م .. والجدار هو أوضح مثال حديث على ذلك. ولم يتم عمل شىء بشأنه وذلك على الرغم من أن كل الدول تقريبا تقول انه خطأ. ومهما كانت بلاغة حديث اللجنة الرباعية فانها لم تفعل شيئا لجعل اسرائيل تعتقد أن هناك نتيجة عكسية لاخذها المزيد من الاراضى الفلسطينية. وحتى الآن الرأي الذي قدمته هو أنه يتعين على الجمعية العامة أن تمنع المحكمة من ابداء الرأي في التداعيات القانونية للجدار .. ذلك الجدار الذي في اعتقادنا سيمنع قيام دولة فلسطينية قادرة على الحياة ويمنع حق تقرير المصير ويزيد الكراهية التي تؤدى الى المزيد من العنف.
سيدي الرئيس .. السادة أعضاء المحكمة .. هذا الاتجاه القائل بأنه لا يتعين على المحكمة الحديث عن هذه المسألة لا يعنينا. ولو لم تأخذ المحكمة التي تمثل أعلى جهاز قضائى دولى موقفا واضحا من القانون لارشاد الجمعية العامة بشأن طلب محدد من هذا الجهاز في الوقت الذي تتقدم فيه المفاوضات فليس من الصعب فهم المزيد من التردى في الفوضى والتأجيل.
المسألة الثانية
والمسألة الاساسية الثانية التي يتعين على التطرق اليها تتعلق بالمخاوف من الارهاب.
من المهم أن السجل يوضح أن المملكة العربية السعودية تدين الارهاب بكل أشكاله. ونحن ملتزمون بمحاربة الارهاب. ونحن طرف في الاتفاقيات الدولية والاقليمية وتبنينا قرار مجلس الامن الدولي رقم 1373 لعام 2001م. ومع ذلك فاننا سبق أن قلنا في كثير من المحافل انه ليس كافيا مجرد ادانة الارهاب ومحاربة الارهاب. فلو أراد انسان هزيمة الارهاب فانه يتعين عليه أيضا معالجة الدوافع والاستفزازات التي تؤدى الى الارهاب.
وكما قال وزير خارجيتنا صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل العام الماضى في أثناء المناقشة العامة في الجمعية العامة للامم المتحدة وأنا أنقل عنه هذا الجهد الدولي الموجه ضد الارهاب لن يقضى على هذه الظاهرة اذا تم التعامل معها بدون معالجة جذورها ... والوضع المتردى للشعوب التي تعانى الاضطهاد والظلم أو تلك التي تعانى الاحتلال وعدم قدرة المجتمع الدولي لسبب أو لآخر على ايجاد حلول عادلة لهذه المشاكل هو الذي يوجد البيئة التي يستغلها الاشرار وهذا جزء من قضية الارهاب.
النقطة الثالثة
والنقطة الاساسية الثالثة هي التأكيد على الدور البناء والاهتمام السعودي بانجاح خريطة الطريق. وفي الحقيقة فان خريطة الطريق تشير بصفة خاصة الى مبادرة صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبدالعزيز ولي العهد التي تبنتها قمة بيروت العربية في مارس 2 ..2م والتي تنص على قبول اسرائيل كجار يعيش في سلام وأمن في اطار تسوية عادلة ومنصفة.
وخريطة الطريق تشير الى المبادرة السعودية باعتبارها عنصرا حيويا في الجهود الدولية للتشجيع على سلام شامل على كل المسارات. وأي دارس لهذا الصراع سيعترف بأن هذه المبادرة تشمل خطوة هامة نحو السلام. ونحن نقبل دولتين تعيشان جنبا الى جنب في تناغم بناء على تسوية متفاوض عليها.
وهكذا سيدي الرئيس .. والسادة أعضاء المحكمة، فإن انتقادنا للجدار لا يمكن النظر اليه على أنه دعم للارهاب أو تقويض لخريطة الطريق. وعلى العكس فاننا نعتقد أن الرأي الاستشاري بشأن القضية سيساهم في هدف القضاء على الارهاب وتحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة.
المبادرة والخريطة
الا أنه وقبل الاستمرار في القاء الضوء على أهمية خريطة الطريق في المرافعة المقدمة للمحكمة والاهمية المعطاة للمبادرة السعودية في خريطة الطريق .. فانه من المهم أن يكون واضحا بجلاء ما تم تقريره في مبادرة قمة بيروت وقد صيغ الاقتراح السعودى في خطاب صاحب السمو الملكي ولي العهد الامير عبد الله وأنقل عنه قوله: الهدف الوحيد المقبول لعملية السلام هو انسحاب اسرائيلي كامل من كل الاراضى العربية المحتلة وانشاء دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين. وبدون التقدم نحو هذا الهدف فان عملية السلام تكون ممارسة للعبث ولعبا بالكلمات وتضييعا للوقت وهو الامر الذي يديم موجة العنف.
وهذا هو ما تم اقتراحه .. وأنا أقتبس مرة أخرى الامن والعلاقات الطبيعية بالنسبة لاسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من كل الاراضى العربية المحتلة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين.
وهذا الاقتراح تم تبنيه بالاجماع وكما لوحظ فقد تمت الاشارة اليه على أنه عنصر حيوى في خريطة الطريق.
تفنيد قانوني
وأعود الآن الى ردنا على الرأي القائل بأن الرأي الاستشاري للمحكمة في قضية التداعيات القانونية للجدار سيكون حكما مسبقا أو معوقا أو متداخلا مع خريطة الطريق وهكذا فانه يتعين على المحكمة الامتناع عن اعطاء رأيها. وسأرد بالنظر في هذا الرأي من خمس وجهات نظر مختلفة.
وبداية .. فانه يمكن فحص هذا الرأي مما يمكن أن يطلق عليه وجهة النظر القانونية. ومن الصعب بالنسبة لنا فهم كيف أن رأيا استشاريا من هذه المحكمة سيتم ابلاغه للجمعية العامة وهو رأي غير ملزم سيعوق في الحقيقة المفاوضات بين طرفين كما زعمت اسرائيل ودول أخرى عديدة. فالرأي الاستشاري هو رأي قانوني .. والجمعية العامة تعتقد أنه سيكون مفيدا في مداولاتها. ولا نستطيع أن نتعامى عن حقيقة أن الغرض من طلب الجمعية العامة لهذا الرأي هو تقديم النصيحة لها في أدائها لعملها. ويتضمن هذا العمل الاهتمام بحقوق الانسان وتقرير المصير ناهيك عن الحديث عن السلام والامن الدولي. ان حقيقة أن الشعب الفلسطينى حرم من ممارسة حق تقرير مصيره لعقود كثيرة يمثل اهتماما مشروعا للجمعية العامة.
والمفاوضات التي تدعو اليها خريطة الطريق لا تجرى في فراغ. واهتمام الجمعية العامة ليس جديدا. وقد تجاهلت قوة الاحتلال في الاراضى الفلسطينية بما فيها القدس وما حولها القرار تلو القرار الصادرة من كل من الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن.
فبالنسبة لمجلس الامن ..
.. بداية من القرار 242 في عام 1967م وبعد ذلك القرار 338 في عام 1973م يطالبان بانسحاب اسرائيل من الاراضى المحتلة في حرب عام 1967م.
.. ثم القرار 252 في عام 1968م الذي يعتبر كل الاجراءات الادارية والتشريعية والاعمال المتخذة من جانب اسرائيل بما فيها نزع الملكية والمصادرة بهدف تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة ولا يمكنها تغيير هذا الوضع.
.. في قراره 446 في عام 1979م قرر مجلس الامن أن سياسة وممارسات اسرائيل في انشاء مستوطنات في الاراضى الفلسطينية والعربية الاخرى المحتلة منذ عام 1967م ليست لها شرعية قانونية وتمثل عقبة خطيرة في تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل.
.. كما قرر في القرار 452 لعام 1979م أن سياسة الاستيطان الاسرائيلية تشمل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م.
والقائمة مستمرة وتشمل قرار مجلس الامن الدولي رقم 465 لعام 198.م التي تشير بصفة خاصة الى سياسات الاستيطان الاسرائيلية باعتبارها انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة.
انه يبقى على الاطراف التفاوض بشأن حلولها الخاصة .. ولكن من المشروع تماما بالنسبة للجمعية العامة الطلب من المحكمة رأيا استشاريا بشأن التداعيات القانونية للجدار في اطار هذه القرارات ومبادىء القانون الدولي الاخرى وكذلك من المشروع للمحكمة أن تمارس اختصاصها وتعطى رأيها.
انسجام في الاستشارة
ووجهة النظر الثانية التي أعرضها تبحث في هذه المسألة بتسلسل زمنى على مدى العامين الماضيين في ضوء الرأي المقدم في البيان الاسرائيلي المكتوب بأن طلب الجمعية العامة غير مناسب في ضوء تبنى مجلس الامن لخريطة الطريق في قراره رقم 1515 والمراجعة الزمنية للعامين الماضيين تظهر أن طلب الجمعية العامة للرأي الاستشاري يتفق ومسئولياتها ولا يتناقض مع مسئوليات مجلس الامن. والبيان الاسرائيلي المكتوب في الفقرة 2 3 تقول ان قرار مجلس الامن الدولي رقم 1397 الصادر في 12 مارس 2002م يضع أجندة لمبادرة اللجنة الرباعية.
وبالطبع فان تلك المبادرة التي نشأت من عملية مدريد والتي تجسدت في الخطة التي تسمى الآن خريطة الطريق. وطبقا للفقرة 116 من البيان الاسرائيلي المكتوب فان حكومة اسرائيل وافقت على انشاء الجدار في الشهر التالى مباشرة. وفعليا فان البناء بدأ في شهر يونيو من نفس العام.
في أثناء عامي 2002 و2003م أصدرت اللجنة الرباعية بيانات في أعقاب اجتماعاتها سجلت تقدمها. وفي بيان الرباعية بتاريخ 17 سبتمبر 2002م يمكن للمرء رؤية خريطة الطريق الكاملة. وفي الحقيقة فانها لم يتم تقديمها رسميا لاسرائيل وللسلطة الفلسطينية حتى 30 أبريل 2003م وظلت حتى 19 نوفمبر 2003م حتى أصدر مجلس الامن الدولي قرارا تبنى فيه خريطة الطريق.
وهذه الكلمة العملية (تبني) تعني كل شيء. ففي عامي 2002 و 2003م كان يتم تشجيع خريطة الطريق والعمل بشانها وتفسيرها. وهكذا وفي نهاية 2003م كانت خريطة الطريق هى محور الجهود الدبلوماسية بشأن هذا الموضوع .. ولكن وحتى قبل تبنى مجلس الامن لها في نوفمبر 2003م كانت قابلية نجاحها موضع شك.
رد على المذكرة الاسرائيلية
تصور المذكرة الاسرائيلية المكتوبة المسرح كما لو كان مجلس الامن الدولي في 19 نوفمبر 2003م قد اتخذ اجراء بالغ الاهمية. وكما لو أنه قد اكتشف خريطة الطريق. بدلا من التبنى البسيط لشىء كان محورا لعمل دبلوماسى لمدة اكثر من عام. والمذكرة الاسرائيلية تمضى أكثر في وصف الجمعية العامة بالنذالة لطلبها هذا الرأي الاستشاري منذ أسابيع قليلة فقط. وكما لو كانت الجمعية العامة قد سعت لاستباق واغتصاب سلطات مجلس الامن. وتؤكد اسرائيل أن طلب هذا الرأي الاستشاري يعد تجاوزا لسلطات الجمعية العامة.
السيد الرئيس .. السادة أعضاء المحكمة ... ان تاريخ بداية خريطة الطريق ليس 19 نوفمبر 2003م. ولو كان الامر كذلك فان خريطة الطريق نفسها تكون متناقضة داخليا لانها تدعو الى عملية مدتها ثلاث سنوات تكتمل بحلول عام 2005م. ان خريطة الطريق هى جهد تفاوضى يعود الى أوائل عام 2002م حظيت بتبنى مجلس الامن مؤخرا فقط.
وفي ضوء تأكيدات اسرائيل بأن أعمال الجمعية العامة تعد خروجا على سلطتها القانونية فانه من المفيد الاشارة الى ما حدث بخصوص الجدار في عامي 2002م و 2003م.
فمنذ موافقة الحكومة الاسرائيلية على الجدار الى تبنى مجلس الامن الدولي للقرار 1515 الصادر في 19 نوفمبر 2003م أصدرت اللجنة الرباعية ستة بيانات. والبيان الاخير هو الوحيد الذي يشير الى الجدار الذي كان في ذلك الوقت مجرد نية في انشائه ومن ثم فقد أعربت اللجنة فقط عن قلق عام. الا أنه وطوال تلك الفترة كان هناك دليل متزايد على الازمة الانسانية التي خلقها الجدار وعلى الادراك المتزايد بأن حقيقة ضم أراض جديدة من جانب اسرائيل تحدث على الارض والقلق المتزايد بشأن الجدار سيجعل من المفاوضات مستحيلة. ومع ذلك فان مجلس الامن الدولي لم يتصرف ولا اللجنة الرباعية تصرفت لاقناع اسرائيل بتغيير الموقف.
ومع ذلك وفي ضوء القلق المتزايد نظر مجلس الامن الدولي في 14 اكتوبر 2003م في مسودة مشروع قرار تدين فقرة تمهيدية منه كل أشكال العنف والارهاب والدمار في حين أن الفقرة الاساسية تقرر أن بناء اسرائيل سلطة الاحتلال لجدار على الاراضى المحتلة متجازوا خط الهدنة لعام 1949م يعد غير قانوني طبقا لنصوص القانون الدولي ذات الصلة ويجب وقفه والتخلى عنه.
ولم يتبن مجلس الامن الدولي مشروع القرار ولكن في النقاش حوله لم يقل أحد أن النتيجة القانونية لمشروع القرار المهزوم خاطئة.
ثمار الرأي الاستشاري
وفي اطار هذا الفشل في التعليق على مشروعية الجدار ومن ثم لحماية خريطة الطريق اثمرت الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة الدعوة لهذا الطلب للرأي الاستشاري. وهكذا فان مراجعة الاحداث الاخيرة تظهر أن عمل الجمعية العامة ليس انحدارا وليس عملا غير مسؤول .. انه يركز على الجدار الذي يدمر السلام. ولا شك أن هذا التسلسل الزمنى يشير الى أن خريطة الطريق ستتضرر لو لم يتم اعطاء الرأي الاستشاري.
نتحول الان الى النقطة الثالثة من وجهة نظركم المتعلقة بالجدال أن الرأي الاستشاري سيؤثر سلبا على خارطة الطريق. ان هذه النظرة تنظر للموضوع بنظرة عملية وتاريخية. لنكن واضحين ان خارطة الطريق عبارة عن عمليات تفاوض. ان المجتمع الدولي يدعمها وهذا أمر جيد. ولكن لا يمكننا اغفال حقيقة أن هناك مبادرات تفاوض مدعومة جيدا متعلقة بهذه المشكلة منذ اكثر من 40 عاما. انى لا اقول ذلك لأثير الشكوك حول التزامنا بخارطة الطريق ولكن للتأكيد أن خارطة الطريق ترى لما هى عليه.
لقد واجهت المحكمة من قبل جدال ان الرأي الاستشاري قد يضر بحساسية المفاوضات. لقد واجهت مثل هذا الجدال قبل عشرة أعوام في قضية الاسلحة النووية. في فقرة 17 من ذلك الحكم قالت المحكمة اقتبس ان المحكمة مدركة بغض النظر عما تكون استنتاجاتها في أي رأي يمكن أن تصدره. وما بعد ذلك تأثير الرأي مسالة تقدير. سمعت المحكمة مواقع مضادة متقدمة وليس هناك أدلة واضحة يمكنها من خلالها تفضيل وتقييم واحد عن الاخر. بما أن الامر كذلك .. المحكمة لا تستطيع اعتبار هذا العامل كسبب مقنع لرفض ممارسة اختصاصه نهاية الاقتباس .. ان المملكة العربية السعودية تعتبر أن هذه الاسباب نفسها تنطبق هنا.
ماذا يحدث الآن؟
سيدي الرئيس .. السادة أعضاء المحكمة .. ان الجدال بأن عمل شيء اليوم ربما يضر شيئا غدا هو ما يميز الحياة الدبلوماسية. انه ربما يكون صعبا أن تجد دبلوماسية دولية متمرسة لم تقم بجدال. كما الحالة هنا من الطبيعى اننا نرغب في تجنب تسليط الضوء على ما يحدث الان.
ما يحدث الآن هو ان خارطة الطريق في خطر. ونعلم أن بعض أطراف اللجنة الرباعية اتوا الى المحكمة وهم يقولون لا تسلط الضوء على المشكلة. ونحن ندعم عمل هؤلاء الاعضاء ولكننا نعتقد انهم اساءوا فهم الوضع. لحسن الحظ ان عضوا آخر .. الامم المتحدة واحد اعضائها المختصين .. الجمعية العامة .. رغبوا في تسليط الضوء على المشكلة وما النتائج القانونية لاعمال اسرائيل. النتائج القانونية في ضوء الازمة الانسانية النتائج القانونية في تقرير المصير والنتائج القانونية للسلام والامن العالمى ليس فقط للفلسطينيين والاسرائيليين ولكن للدول اجمع والمؤسسات الدولية.
لماذا يجب تسليط الضوء على المشكلة. يجب تسليط الضوء عليها لان الجدار استفزازى ومتجاوز وعدوانى وغير متكافئ ونعتقد انه سيكون المسمار الاخير في نعش خارطة الطريق اذا لم يتم ايقافه حالا.
ان اللجنة الرباعية تعلم ذلك. ان بيانهم المشترك الاخير تحت عنوان (البيان الختامى للجنة الرباعية بتاريخ 26 سبتمبر 2 ..3 م) أشار إلى أنهم اعتبروا تطبيق خارطة الطريق كما توقف. وقالت اللجنة انه يجب وقف التوطين وابدت قلقها حول الجدار وتأثيره على خارطة الطريق. هذا كان موقف اللجنة في شهر سبتمبر العام الماضى. ما الذي حدث منذ تلك الفترة. منذ تلك الفترة ومجلس الامن يدعم خارطة الطريق ولكن بناء الجدار مستمر.
نسيج الحياة كما يسميه بيان مكتوب اصبح لا يطاق من قبل الفلسطينيين. ونعم استمرت موجة العنف.
أمثلة عن قضايا أخرى
سيدي الرئيس .. السادة أعضاء المحكمة .. ان حقيقة أن هناك رأيا استشاريا لجنوب غرب أفريقيا لربما نبه نظرات بعض الدول والمنظمات.على ضوء مسألة جنوب أفريقيا ان الرأي في القضية لا يمكن ان يكون قد صدر وذلك لم يمنع المحكمة. ان حقيقة قرار المحكمة بأن احتلال جنوب أفريقيا كان غير شرعى ربما ساعدهم في عمل ما هو صحيح. بالانسحاب .. ناميبيا اليوم دولة مستقلة.
ان مخاوف تواجد اسبانيا في الصحارى الجنوبية والمخاوف من تلك الدول في قضية الاسلحة النووية يتعلق بتأثير الرأي الاستشاري على القضايا الحساسة في العمليات الدقيقة أثبتت أنها ليست صحيحة.
ان المجادلة في الرأي الاستشاري يمكن أن تتسبب في نتيجة عكسية على دعم خارطة الطريق. هذا هو الرأي الاستشاري. انها ليست الزاما ولكنها ستطلع الجمعية العامة على رأي المحكمة في طرح المسألة.
قبل المضي قدما يجب أن اقول امرا عن دور اسرائيل في خارطة الطريق.
ان من اهتمامات خارطة الطريق الهجمات الارهابية التي تستهدف اسرائيل ولكن من اهتماماتها ايضا الاستفزازات التي يقوم بها الاسرائيليون نحو الفلسطينيين. ان خارطة الطريق ليس كما يرددها الاسرائيليون وثيقة بحروف كبيرة تقول ان اول خطوة هى القضاء على الاعمال الارهابية. ان ما تقوله خارطة الطريق اقتبس هنا يجب على المسؤولين والمؤسسات الفلسطينية وقف التحريض ضد الاسرائيليين. ويتبعها أيضا الاقتباس ويجب على المسؤولين والمؤسسات الاسرائيلية وقف التحريض ضد الفلسطينيين. ان تعهد الفلسطينيين يأتى في أول الصفحة ولكن هذا لا يعطى حرية لاسرائيل باستمرار استفزازاتها بما فيها بناء الجدار وحين يحكم به ان من المرضى أن المسؤولين والمؤسسات الفلسطينية نجحت في حربها ضد الارهاب.
الاستشارة تكسر الصمت
النقطة الرابعة لهذا الجدال أن خارطة الطريق يمكن ان تكون متحيزة اذا كان هناك رأي استشاري قادر على ازاحة الصمت المصاحب للجدال.
ان الصمت الذي اشير اليه هو قول .. لماذا تكون خارطة الطريق متحيزة اذا اعطت المحكمة رأيا استشاريا. انه بتفحص الكلمات نجد أن الجدال يراوغ عموما في بعض التعابير مثل يمكن أن يضر فعلا أو يمكن أن يقوض. ولكن هناك ببساطة زعما مشروطا بدون أي دعم معقول له. وغالبا ما تصاحب هذه المزاعم اشارات لخارطة الطريق كشيء يجب اعادة بدئه وليس كشيء حيوى ونشيط ومستمر. ان المطالبة باعادة بدء خارطة الطريق كما تطالب به دول الاتحاد الاوروبى شئ صعب وحساس وطويل المدى للمشكلة بدون شك ولكن ليس هناك سبب لجعلها صعبة من قبل الرأي الاستشاري.
نحن نوافق أن خارطة الطريق تحتاج الى تنشيط ولكن ليست هناك قواعد لتضمين ذلك برأي الاستشاري في قضية بناء الجدار أنه سيعيق ذلك.
النقطة الخامسة والاخيرة يجب على المحكمة الاعلان عن مواضيع هى تحت الدراسة والمناقشة على ضوء سياقها القانوني.
يجب التصدي لإسرائيل
سيدي الرئيس .. السادة أعضاء المحكمة .. يحتاج الموقف الاسرائيلي للاهتمام لانه سيتسبب في نتيجة عكسية وليس وفق القوانين الدولية. في الحقيقة ان ما تقوله اسرائيل من ان المحكمة يجب عليها عدم التطرق للجدار في ضوء وجود عدة حلول لمجلس الامن والجمعية العمومية للامم المتحدة ويجب على المحكمة عدم التطرق للمعاهدات التي تكون اسرائيل طرفا فيها يرتكز على حقائق مجهزة من قبل الامم المتحدة أو مؤتمر الاطراف المشاركين في تلك المعاهدة.
ان حقيقة أن مجلس الامن والجمعية العمومية ومؤتمر الاطراف في اتفاقية جنيف الرابعة تحدثت عن بعض القضايا الرئيسية في لب هذه المسألة.
ان تفحص المحكمة للجدار ليس موضوعا حساسا وليس استفزازيا لخارطة الطريق.
واذا كانت اسرائيل تعتقد أن مسألة تفحص الجدار استفزازية في ضوء حلول الامم المتحدة والقانون الدولي والمعاهدة فهذه هى المشاكل الحقيقية لتقدم السلام. ان اسرائيل تفضل العيش في عالم لا تتحدث فيه محكمة العدل الدولية عن هذه الاسئلة.
لقد استولت اسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية بالقوة عام 1967 ان استعمال القوة غير شرعى وفق ميثاق الامم المتحدة.
ولقد طالب مجلس الامن الاسرائيليين بالانسحاب بقراراته رقم 242 في 1967 ورقم 338 في 1973 ولكنه لم يحدث. في الاقليم الذي احتلته قامت اسرائيل بتحريك مستوطناتها بالقوة. وهذا غير شرعى وفق القانون الدولي بغض النظر عما يكون التبرير للاحتلال وهو ما أكده من قبل مجلس الامن في هذه الحالة لكن اسرائيل تجادل عكس ذلك.
بينما هى تحتل مناطق فلسطينية بالقوة تنكر اسرائيل الشعب الفلسطينى وحقوقهم الانسانية وتنكر أن القوة المحتلة تخضع للقانون الانسانى الدولي وتنكر التزاماتها في اتفاقية جنيف الرابعة بغض النظر عن قرارات مجلس الامن والجمعية العمومية ومعاهدة جنيف الرابعة المضادة.
اسرائيل حتى تأخذ قضية في بيانها المكتوب فهى تستعمل عبارة الارض الفلسطينية المحتلة المتضمنة القدس الشرقية وما جاورها في المحكمة.
سيدي الرئيس .. السادة اعضاء المحكمة .. ان المجتمع الدولي من خلال المؤسسات السياسية للامم المتحدة ومؤسسات أخرى تحدث عن هذه الامور في عدة مناسبات. وقائمة القرارات طويلة. لقد رفضت اسرائيل هذه النتائج واخذت تبحث عن أعذار لاخطائها. ولقد تحدت المجتمع الدولي بأخذها مواقع مضادة وعملت عليها. والان اسرائيل تقوم ببناء جدار. ان ما تبحث عنه اسرائيل لتفادى هذا الموقف هو استماعها للمحكمة تتحدث عن ارتباط النتائج القانونية للحائط الذي اخفق مجلس الامن والجمعية العمومية ومؤتمر الاطراف في اتفاقية جنيف الرابعة في فرضه أو تطبيقه مع نشاط اسرائيل في عام 1967 لضم الاراضى الفلسطينية المحتلة والقدس. اذا لم تنفذ اسرائيل هذه الالتزامات بغض النظر عن العيوب المسبقة للمؤسسات الدولية فليس هناك أمل لخارطة الطريق أو جهود السلام المستقبلية.
ملاحظات إلى المحكمة
ان المحكمة ليست في حاجة الى اتخاذ قرار في القضايا المتعلقة بخارطة الطريق في صيغتها الثالثة والتي تبدو مسألة جوهرية اضافة الى مسألة الحدود الفلسطينية عندما تتمكن المحكمة من الاجابة عن الاسئلة التي امامها في الوقت نفسة لاتكون متعارضة مع اهداف خارطة الطريق اذا ..
.. لاحظت المحكمة ان الجدار العازل يدخل ضمن المقاطعات التي احتلتها اسرائيل بالقوة منذ اكثر من 35 عاما والتي لم تنسحب منها كما طلب منها وفقا لقرار مجلس الامن رقم 242 الصادر عام 1967 والذي تبعه القرار رقم 338 والصادر في 1973 .. لاحظت المحكمة ان الجدار العازل يطوق ويمتد عبر المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية والتي تمت ادانتها بصفتها غير شرعية وفقا لقرار مجلس الامن رقم 446 من عام 1979 حيث يتعزز ويضم اراضي فلسطينية.
.. اذا ما لاحظت المحكمة ان الجدار العازل داخل وحول شرقى القدس يخرق قرار مجلس الامن رقم 252 في 1968م والذي اعتبر محاولة اسرائيل ضم شرق القدس غير شرعية.
.. اذا ما لاحظت المحكمة ان الجدار العازل هو خرق لواجبات القوة المحتلة وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة من عام 1949 والتي اسرائيل عضوة فيها وهو الامر الذي تم تأكيده وتكراره في مجلس الامن والجمعية العمومية في قرارت صادرة منذ اكثر من ربع قرن.
والان وهنا هل من الواضح بالنسبة للرؤية الاسرائيلية ان قرار مجلس الامن رقم 242 و338 لا يتطلب الانسحاب الاسرائيلي من الاراضى الفلسطسينية بالاضافة الى داخل وحول شرقى القدس وان المستوطنات قانونية بالكامل.
ان اسرائيل تصور الاحتلال وضم الاراضى الفلسطينية كمشكلة معقدة ولكنها ليست مشكلة معقدة باعتبارها شأنا قانونيا انما تصورها كمشكلة سياسية. ولكن الحكومة الاسرائيلية لم تقم بأي شىء سوى جعل المشكلة اكثر صعوبة.
ان اسرائيل تعتقد ان لديها الحق بامتلاك اراضى هذه المستوطنات بالقوة. كما ان اسرائيل تعتقد انها ليست معنية بالقوانين الدولية الانسانية في الاراضى التي تحتلها بشكل صاعق للقانون الدولي ورغبة المجتمع الدولي.
ان هذه النظرة من الممكن ان تمس بعض النقاط الاساسية في عملية اختبار ما اذا كانت هناك ظروف قانونية لبناء الجدار تضر باسرائيل ان الامر سيكون ضارا باسرائيل فقط اذا ما اصرت اسرائيل على اخذ حق خاص بها لتجنب نفس القوانين التي تلتزم بها غيرها من الدول.
المحكمة مرشد للأمم المتحدة
سيدي الرئيس .. السادة الاعضاء .. لايوجد ما يمنع المحكمة من ابداء رأيها .. لقد طرحت الجمعية العمومية تساؤلا شرعيا كما انها أصرت على طرح أكثر من سؤال. والسؤال ليس بغامض ولا مجرد .. والحقائق جلية.
ان قوانين المحكمة تلزم بتقديم رأي استشاري ما لم يكن هنالك اسباب تجبر على عدم القيام بذلك. وفي هذه القضية فان النقاش كان يدور على ان من الموانع هو خارطة الطريق والتي كما قيل يجب ان تستأنف والتي كما تعتقد بعض الدول ان ابداء المحكمة وجهة نظرها من الممكن ان تكون ضارة بخارطة الطريق. اننا نبحث عن اعطاء وجهة نظر مختلفة. اننا لا نعتقد بحقيقة ان هنالك مفاوضات تمنع المحكمة من ابداء وجهة نظرها.
وفي الختام دعونى اطرح واقدم تعليقا اخيرا .. في بيانها المكتوب اظهرت اسرائيل اصرارا طائشا من اجل اخافة المحكمة حيث تقول اسرائيل ان أي وجهة نظر من المحكمة من الممكن ان تشجع الارهابيين. والعكس هو الصحيح فان ابداء الرأي في هذه القضية لن يزيد الارهاب ولكن يقضى على خارطة الطريق ولكنه قد يعطى الامل بان حكم القانون سيكون محترما لدى الجميع.
ان قرارا من المحكمة سيكون مرشدا للجمعية العامة ومجهوداتها. كما انه سيعيد القانون المطبق على الجميع والذي يحمى الناس في المناطق المحتلة والذي يقود الى فض النزاع والسلام.
اننا نعلم جميعا ان قضية مثل هذه لن تحل في المحكمة واتمنى ان يتم حل هذه القضية يوما من خلال طاولة المفاوضات.
ان الحصول على قرار من المحكمة كمجال للمفاوضات يؤكد ان الجمعية العمومية يمكن ان تكون شيئا سيئا.
اخيرا وقبل ان اختم يجب ان اؤاكد انه وبالاضافة الى جميع القضايا المهمة فان الجدار في القدس الشرقية له اهداف اخرى فهو يجعل الوصول الى الامكان المقدسة مستحيلا للقادمين من اجل العبادة وهذا له اهتمام خاص بالنسبة للمملكة العربية السعودية كما يجب على الآخرين الاهتمام به.
شكرا سيدي الرئيس والسادة الاعضاء لحسن استماعكم وبهذا تنتهى كلمتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.