وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ال سعود وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني حفظهما الله كلمة الى حجاج بيت الله الحرام بمناسبة موسم حج هذا العام 1424ه فيما يلى نصها.. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين القائل فى محكم التنزيل : (واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) البقرة 125 الذي جعل أفئدة من الناس تهوي الى بيته الحرام استجابة لدعوة ابراهيم عليه السلام قال تعالى : (ربنا انى أسكنت من ذريتى بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم) ابراهيم 37 .. والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد الذى قرن حرمة المسلمين دماء وأموالا وأعراضا بحرمة هذه الاماكن والايام فقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع (ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا في بلدكم هذا) (صحيح مسلم) وعلى آله وصحبه أجمعين. حجاج بيت الله الحرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة مباركة كما يحب ربنا ويرضى تحية أهل الجنة (تحيتهم فيها سلام) من هذا المكان المبارك صعيد منى الطيب من البلد الحرام الذى أقسم الله به فى كتابه الكريم فقال عز وجل (لا أقسم بهذا البلد) (سورة البلد 1) نحييكم ونرحب بكم ونسأل الله عز وجل لنا ولكم التوفيق والخير والسداد وأن يتفضل علينا وعليكم بالرحمة والغفران وأن يمن علينا جميعا بالقبول فتعودون ان شاء الله بحج مبرور وسعى مشكور وذنب مغفور وتجارة لن تبور. أيها الاخوة حجاج بيت الله الحرام.. في اليوم التاسع من هذا الشهر وقفتم فى عرفات مهللين مكبرين حيث وقف المصطفى صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده اخوة فى الله متحابين تظللكم الرحمة وتغشاكم السكينة ويذكركم الله فيمن عنده ويباهى بكم ملائكته ثم أفضتم من عرفات الى مزدلفة فذكرتم الله عند المشعر الحرام تحقيقا لقوله تعالى (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين) (البقره 198 ) وبعد ذلك أقمتم فى منى لتكملوا حجكم ولتتموا نسككم وتقضوا تفثكم وتوفوا نذوركم وتطوفوا بالبيت العتيق قال تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب) (الحج 32). أيها الاخوة الكرام.. منذ أن من الله على المملكة العربية السعودية بخدمة الديار المقدسة مكةالمكرمة والمدينة المنورة وشرفها برعاية هذه البلاد أخذت على نفسها عهدا أن تبذل الغالى والنفيس وتسخر امكاناتها وتعمل جهدها لتيسير أداء المناسك وتسهيل سبلها لحجاج البيت ومعتمريه وزوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والتنقل بين المشاعر بكل طمأنينة وأمن وأمان وشواهد العمل قائمة معروفة ودلائله واضحة مشهورة ولازالت المملكة على هذا النهج بحول الله سائرة لا يحول بينها وبين أداء واجبها بمشيئة الله حائل فخدمة بيت الله الحرام ومسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم وتيسير السبل لمرتاديهما واجب دينى تحرص المملكة على القيام به على الوجه الاكمل طاعة لله عز وجل وابتغاء مرضاته واتباعا لرسوله واقتداء بسنته ولها فى الخلفاء الراشدين والسلف الصالح من هذه الامة أسوة حسنة. أيها الاخوة المسلمون.. الحج مناسك وأعمال محددة فى أوقات معينة معلومة يشتمل على مقاصد جليلة وينطوى على معان عظيمة التذكير بها ليس هذا مقامه الا أن الواقع المعاصر للمسلمين وما يعيشونه من أوضاع وما يحيط بهم من ظروف عصيبة ويمر بهم من أحداث يحتم استذكار بعض من المبادئ العظيمة لهذا الدين. فديننا أيها الاخوة الكرام منهاج شامل للحياة وضع للمسلم اطار حياته ورسم حدود علاقاته المختلفة وبين موقفه فى كل الاحوال فى منهج حكيم وطريق قويم بينه القرآن الكريم قال تعالى (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (فصلت42) فحياة المسلم فى اطار هذا المنهج الربانى علاقات متناسقة وارتباطات متجانسة فى توازن محكم لا يطغى فيه جانب على جانب ولا تستأثر حالة على سائر الحالات. هذا التوازن المحكم يحدد أولا.. علاقات المسلم مع نفسه وأهله الاقربين وثانيا.. يحكم علاقاته باخوانه فى الدين أيا كانوا وحيثما كانوا وثالثا.. يحدد علاقات الفرد المسلم مع سائر الناس ورابعا.. علاقته بالكون المحيط به ولقد أوضحت الآيات الكريمات فى سورة الشورى سبيل المؤمنين قال تعالى (والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ماغضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون والذين اذا أصابهم البغى هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الارض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الامور) (الشورى 37 الى 43). فالمسلم أولا.. يجب أن يتجنب الاثم والفواحش وأن يكون صبورا غفورا صادقا مع نفسه سليما فى سريرته مخلصا فى نيته فمناط الاعمال على النيات قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى) (صحيح البخاري) ولا شك أن صدق الانسان مع نفسه واخلاصه النية لله يورثه الطمأنينة والاطمئنان ويكسبه الثقة والقدرة على التعامل مع الآخرين تعاملا ايجابيا مثمرا يعكس الاحساس بالمسؤولية وبقيمة الانسان ورسالته فى هذا الوجود. ثم يأتى المجال الثانى.. وهو علاقة المسلم باخوانه فى الدين أيا كانوا وأينما كانوا سواء فى محيط المجتمع الذى يعيش فيه أو فى محيط الامة الاسلامية ككل وهى علاقة تقوم على الشورى والتكافل والتعاضد والتناصح فيما يعود على المسلمين بالخير والنفع العميم وفى هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) (صحيح مسلم) والبعد عن كل ما يؤذى المؤمنين والمؤمنات من قول أو عمل والحرص على ما ينفع المسلمين فى معاشهم ومعادهم فهى أخوة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى فالله عز وجل يقول (انما المؤمنون اخوة) (الحجرات 10) ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول (المسلم أخو المسلم) (صحيح البخاري) وهذه الاخوة تحتم على المسلم أن يمنع أخاه المسلم عن الظلم فالله لا يحب الظالمين. ثالثا.. وفى نطاق أوسع ومحيط أشمل يرسم الاسلام علاقة المسلم بالآخرين ويحدد أطر التعامل معهم وأساليبه ووسائله فى شتى الحالات وسائر الاحوال ومختلف الظروف سواء عاش أبناء الملل الاخرى مع المسلمين أو عاش المسلمون معهم أو عاشوا متجاورين فى البلدان وهى علاقة يحوطها الاطار العام للانسانية فكلهم بشر ممن خلق الله ومبناها أن الاسلام جاء لخير البشرية ونبذ الجور وتحقيق العدل فالمسلم يحب الخير للناس ويسعى لخيرهم ويود لهم الهداية ويتعامل معهم على هذا الاساس. ورابعا.. تأتى علاقة المسلم بالكون بما فيه من مخلوقات فالمسلم مأمور بالنظر فى كل ذلك نظرة تبصر وتفكر قال تعالى (ان فى خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون) (البقرة 164) وعلاقة المسلم بالكون قائمة على حقيقة أن الله أمر الانسان بعمارة الارض ونهاه عن الافساد فيها وحمله أمانة ذلك وهو مأمور بأن يؤدى الامانة على الوجه الذى يرضى الله عنه فالمسلم يهمه استقرار الدنيا كلها ورغدها وعمارتها فهو ليس بالشخص الانانى الذى لا يتجاوز نطاق اهتمامه احتياجات نفسه بل يتجاوز ذلك الى العالم الخارجى. هذه الاسس تحدد للمسلم السلوك المناسب فى كل حال والتصرف الملائم فى كل ظرف والتعامل الايجابى مع كل الاحتمالات فالمسلم الحق لا يعيش أزمة سلوك أو يواجه عجزا فى التعامل والتعايش الايجابى السليم أو يجد نفسه فى مأزق أو وضع ليس فيه علامات تهديه الى السلوك القويم وشمل هذا كله قول الله عز وجل (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) (الاعراف 199) فهذه الاية الكريمة تجعل المسلم دائما فى الجانب الموجب المثمر فى الدنيا وتهديه الى التصرف الحكيم. أيها الاخوة الكرام.. ونحن فى المملكة العربية السعودية نلتزم فى علاقاتنا وارتباطاتنا وقراراتنا بأحكام الدين الاسلامى الحنيف فقد قامت هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله على التمسك بشرع الله وتطبيق أحكامه وقواعده فى جميع الامور دقيقها وجليلها فمذهبنا الحق هو ماجاء فى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقدوتنا فى ذلك الخلفاء الراشدون والصالحون من سلف هذه الامة لا مذهب لنا سوى ذلك ولا نبتغى عنه بديلا ولا نحيد عنه قيد أنملة وهذا ما ندين لله به ونعلنه على رؤوس الاشهاد ويحكم سياستنا الداخلية والخارجية وتعاملنا مع الخاص والعام. وانطلاقا من ذلك وفى اطار العلاقات التى سبق ايضاحها تتبنى المملكة فى الشأن الداخلى منهجا يقوم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله كما يقوم على الشورى والعدل وتطبيق حدود الله وتعظيم شعائره والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والدعوة الى الله بالحسنى. وفى الشأن الخارجى تتبنى المملكة منهجا مماثلا يقوم على التواصل المثمر والتفاعل الايجابى مع العالم الخارجى وتربطها بالدول الاسلامية علاقة الاخوة فى الاسلام ومع سائر دول العالم المحبة للسلام علاقات احترام متبادلة قوامها المشاركة فى قضايا الانسانية وهمومها حيث يعيش الجميع فى كوكب واحد وهى فى كل علاقاتها سواء على الصعيد الثنائى أو الاقليمى أو العربى أو الاسلامى أو العالمى عضو فعال يهدف الى أن تتصف مشاركاته دائما بالطابع الاسلامى. وفيما يتعلق بالعالم الاسلامى فالمملكة عضو من هذا العالم يسعدها ما يسعد المسلمين ويسوؤها ما يسوؤهم وتشاركهم الافراح وتقاسمهم الآلام وهى تعمل جاهدة لما فيه عزة الاسلام والمسلمين وتسعى جاهدة لما فيه مصلحتهم وتبذل طاقتها لما فيه الخير لهم وتقف مع الدول الاسلامية فى المحافل الدولية مؤيدة للحق ناصرة للواجب لا تتوانى فى ذلك ولا تتأخر. ولذا تأتى المملكة العربية السعودية دائما فى مقدمة الدول المشاركة فى مؤتمرات منظمة المؤتمر الاسلامى سواء تلك التى على مستوى القمة او المستويات الوزارية وعضو فى كل المكاتب والمنظمات الفرعية المنبثقة عن هذا المؤتمر تحرص على الوفاء بالتزاماتها وتلتزم بما يصدر عنها من قرارات ومن هذا الباب يأتى دعمها غير المحدود لبنك التنيمة الاسلامى ومساندتها لمشاريعه التنموية فى سائر أنحاء العالم الاسلامى حتى يستطيع أن يضطلع بالغرض التنموى الذى أنشئ من أجله ويقوم بدوره فى دفع مسيرة التنمية فى الاقطار الاسلامية على الوجه الاكمل. أيها الاخوة.. ان موقف المملكة العربية السعودية من قضية فلسطين ثابت ومعروف فمع كل المتغيرات التى مرت بها المنطقة وعلى الرغم من الاحداث التى جرت مؤخرا وتبدل الظروف وتحول المواقف فان المملكة لا تزال ثابتة فى مبادئها تنصر الحق وتذود عنه وتدين الظلم والظالمين وتدافع عن الحقوق المسلوبة وتسعى فى سبيل احقاق الحق واستعادة الاراضى المغتصبة ودعم تطبيق القرارات الدولية الصادرة فى هذه القضية والعمل على ارساء قواعد السلام ومساندة المبادرات السلمية الحقيقية التى تهدف الى أن يسود السلام فى المنطقة وفى هذا الاتجاه تجىء مبادرة السلام التى تقدمت بها المملكة الى القمة العربية الرابعة عشرة فى بيروت وتبنتها القمة فأصبحت مبادرة سلام عربية لاقت دعما دوليا. وكذا الشأن مع المسألة العراقية فالمملكة تتطلع الى أن يزول الوضع المأساوى الذى يعيشه الشعب العراقى وتعود العراق دولة كاملة السيادة تحتل مكانها الطبيعى فى العالمين العربى والاسلامى وتؤدى دورها الحقيقى على الساحة الدولية وأن يسود الامن ويعم الاستقرار هذا البلد الشقيق وينعم أهله بالامان والرخاء. وفيما يخص علاقات المملكة العربية السعودية مع العالم وارتباطاتها الدولية وانضمامها للاتفاقيات الدولية سواء الثنائية او متعددة الاطراف خاصة ما يتعلق بتنمية العالم والمحافظة على البيئة ورعاية الحقوق والدفاع عنها ونزع اسلحة الدمار الشامل فى سائر أنحاء العالم والحيلولة دون انتشار الاسلحة النووية فان المملكة فى كل نشاط تمارسه على هذا الصعيد حريصة على الالتزام بتعاليم دينها وتطبيق مبادئه. أيها الاخوة المسلمون.. مني العالم والمملكة العربية السعودية جزء منه بأحداث ارهابية عديدة تهدف الى زعزعة الاستقرار واشاعة الفوضى وتقويض الامن واغتيال الانفس وترويع الناس والافساد فى الكون ووقعت هذه الاحداث فى بقاع شتى من أنحاء هذه المعمورة منها ما هو فى العالم الاسلامى والمملكة منه وتبناها أشخاص وفئات محسوبون على المسلمين مع الاسف الشديد ولذا لابد من ايضاح موقف الاسلام من هذه الاحداث والقائمين بها. ان هذه الاحداث تعد حالات استثنائية طارئة لا تمثل أبدا الوضع العام ولا ترقى الى مستوى الظاهرة المستقرة أو الوضع المستديم ولا بد من الوقوف فى وجهها وكشف زيفها وايضاح حقيقتها حتى لا يغتر مغتر أو يؤثر زيفها على جاهل فهى نتاج فكر مريض وحصيلة منهج منحرف خارج عن قواعد الشرع الحنيف واحكامه بعيد عن اصول الدين ومبادئه يقف وراءه ضمير فاسد سول له الشيطان وأملى وتفكير زائغ عن الطريق السوى بعيد عن النهج القويم ناء عن الصراط المستقيم ومناف للفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها. فالارهاب افساد فى الارض وسعى فى الخراب ومحاربة لله ورسوله وللمسلمين وبغى وعدوان والله عز وجل لا يحب الفساد ولا المفسدين وينهى عن البغى والعدوان وقد توعد الله المفسدين فى الارض بأشد العذاب قال تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحياة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام واذا تولى سعى فى الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة (204 الى 206) وقال عز وجل (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون) (فاطر 8). ومن هنا تصدت المملكة العربية السعودية للارهاب بكل صوره وأشكاله فحاربته محليا وأدانته عالميا وعملت على اجتثاث أصوله وقواعده وتفنيد أفكاره ومبادئه وايضاح فساد هذه الافكار والمبادئ وبيان بطلانها وتهافت الادلة التى يستند عليها أصحاب هذا الفكر المريض والمملكة العربية السعودية بهذا ملتزمة بالدين مطبقة لاحكامه لا تحيد عنها قيد أنملة فموقف المملكة مستمد من أحكام الشرع الحنيف ومبادئه الثابتة ولذا فهو موقف ثابت لا تغيره الاحوال ولا تبدله الظروف يمثل الالتزام به سمة واضحة لسياسة المملكة الداخلية والخارجية كما ذكرنا آنفا. وكانت المملكة سباقة الى حث المجتمع الدولى على التصدى للارهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام فى محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره وتدعو جميع الدول المحبة للسلام الى تبنى عمل شامل فى اطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الارهاب ويصون حياة الابرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها فمكافحة الارهاب تتطلب تعاونا دوليا ضد ايواء العناصر والجماعات الارهابية والحيلولة دون تمكينها من استغلال اراضى الدول التى تعيش فيها لاستخدامها منطلقا لانشطتها التخريبية مهما كانت الدوافع والحجج. أيها الاخوة المسلمون.. ان الدين الاسلامى بتعالميه القيمة يضئ فى الحياة الطريق ويبعث فى جوانب الدنيا النماء والرخاء ويجعل الخير فيها وافرا موصولا فهو دين عبادة وعمل.. دين ينهى عن الحقد والكراهية ويدعو الى التراحم والتواصل والتعارف قال تعالى (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم) (الحجرات 13) والمسلمون على مر العصور رسل رحمة ودعاة هداية وسلام وازدهار واستقرار وصناع حضارة يحملون الخير للبشرية ويسعون لمصلحة الانسانية ويحفظون للانسان كرامته التى اختصه الله بها فى قوله عزوجل (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) (الاسراء 70). واخيرا أيها الاخوة هذه سبيل الاسلام وطريق المؤمنين التى يجب أن نكون على يقين أنه لا عزة للمسلمين فى هذه الدنيا ولا فلاح لهم الا بالتمسك بكتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعض عليهما بالنواجذ فذلك والله عز الدنيا والآخرة. وفى الختام نهنئ جميع المسلمين فى مشارق الارض ومغاربها بحلول عيد الاضحى المبارك وندعو المولى عز وجل أن يجعل هذا العيد عيد أمن واستقرار فى سائر أقطار المسلمين والعالم أجمع وأن يجمع كلمة المسلمين على الخير ويهديهم الى اتباع الحق والعمل به كما نبارك لحجاج بيت الله الحرام حجهم ونرجو لهم اقامة سعيدة وعودا حميدا الى أهلهم وأوطانهم سالمين غانمين فرحين مستبشرين وأن يجعلهم رسل خير وبشائر رحمة وكل عام وانتم بخير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.