الشاي والقهوة يقللان الإصابة بالسرطان    المملكة توزع 2.100 حقيبة إيوائية في شمال قطاع غزة    لاعبو عمان: جمهورنا كان اللاعب رقم 11 بعد النقص العددي أمام السعودية    تعزيز التوسع العالمي لعلامة جايكو و أومودا مع إطلاق مركز توزيع قطع الغيار في الشرق الأوسط    غزة بين نيران الحرب وانهيار المستشفيات    انخفاض عدد سكان غزة بنحو 160 ألف نسمة في نهاية 2024    ضبط إثيوبيين في جازان لتهريبهما (87663) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    «تعليم مكة» يُكرم 1000 طالب وطالبة لتفوقهم خلال العام الدراسي 1445 ه    أكثر من نصف مليون مستفيد من برامج "جمعية أجياد للدعوة" بمكة خلال عام 2024م    غارات أمريكية وبريطانية تستهدف صنعاء    ولي العهد يعزي رئيس وزراء بريطانيا في وفاة شقيقه    سعود بن نهار يلتقي العتيبي    أمطار وصقيع على الشمالية    أمير المدينة المنورة يرأس اجتماعاً لمناقشة استعدادات الجهات المعنية لاستقبال شهر رمضان    "الجاسر" يقف ميدانيًا على مشروع مطار جازان الجديد    أنجلينا جولي وبراد بيت يتوصلان إلى تسوية بشأن الطلاق بعد نزاع 8 سنوات    ضبط 7 سوريين في الرياض لارتكابهم حوادث احتجاز واعتداء واحتيال مالي    كونسيساو مدرب ميلان يتحدى ابنه في ظهوره الأول مع الفريق    مدير عام «مسام»: نجحنا في انتزاع 48,705 ألغام في عام 2024    أمير حائل يستقبل مدير الدفاع المدني    نائب أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    سوق الأسهم السعودية ينهي آخر تعاملات عام 2024 باللون الأخضر    أصول الصناديق الاستثمارية العامة تتجاوز ال 160 مليار ريال بنهاية الربع الثالث 2024م .. 84% منها "محلية"    تطبيق "سهم" يتجاوز حاجز المليون مستخدم في عام واحد فقط    مجلس الوزراء يشيد بنجاحات القطاع غير الربحي    انتهاء مدة تسجيل العقارات لأحياء 3 مدن.. الخميس القادم    التعاونية وأمانة منطقة الرياض تطلقان "حديقة التعاونية"    «الإحصاء»: معدل مشاركة السعوديات في القوى العاملة يصل إلى 36.2%    بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يبحث مع الرئيس الإماراتي التطورات الإقليمية والدولية    هل يكون 2025 عام التغيير في لبنان؟    الصحة: إيقاف طبيب أسنان مقيم لارتكابه عددًا من الأخطاء الطبية في الرياض وتبوك    صناعة المحتوى الإعلامي في ورشة بنادي الصحافة الرقمية بجدة    النصر بطلًا لكأس الاتحاد السعودي لقدم الصالات    ميزة لاكتشاف المحتوى المضلل ب «واتساب»    المملكة تواسي حكومة وشعب كوريا.. القيادة تعزي الرئيس الهندي    ابق مشغولاً    مداد من ذهب    هزل في الجِد    هل قمنا بدعمهم حقاً ؟    رحلات مباركة    في نصف نهائي خليجي 26.. الأخضر يواجه عمان.. والكويت تلاقي البحرين    التأكد من انتفاء الحمل    زهرة «سباديكس» برائحة السمك المتعفن    مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض يعلن تفعيل أعماله في 19 محافظة و47 بلدية    نائب أمير مكة يطلع على أبرز المشاريع المنجزة بمحافظات المنطقة    لغير أغراض التحميل والتنزيل.. منع مركبات توصيل الأسطوانات من التوقف في المناطق السكنية    «الصفراء» حرمتهم.. والمدرج مكانهم    مُحافظ جدة يُكرّم عدداً من ضباط وأفراد مكافحة المخدرات    القهوة والشوكولاتة.. كماليات الشتاء والمزاج    5 فوائد للشاي الأخضر مع الليمون    مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون يعقد اجتماعه الرابع لعام 2024    أمير الشرقية يشدد على رفع الوعي المروري    مغادرة ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الأخضر يختتم استعداداته لمواجهة عُمان في نصف نهائي خليجي 26    كلام البليهي !    التغيير العنيف لأنظمة الحكم غير المستقرة    13 ألف خريج وخريجة من برامج التخصصات الصحية    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خادم الحرمين وولي العهد يوجهان كلمة إلى الحجاج: المملكة تستشعر قيمة هذا التشريف وتعتز به تكليفاً كريماً
بمناسبة موسم هذا العام
نشر في الرياض يوم 22 - 01 - 2005

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني - حفظهما الله - كلمة الى حجاج بيت الله الحرام بمناسبة موسم حج هذا العام 1425ه فيما يلي نصها..
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم التنزيل: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حجاج بيت الله الحرام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة مباركة تحية أهل الجنة: {تحيتهم فيها سلام} من هذا المكان المبارك صعيد منى الطيب من البلد الحرام الذي أقسم الله به في كتابه في أكثر من موضع قال عز وجل: {لا أقسم بهذا البلد} وقال تعالى: {وهذا البلد الأمين} وقرن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمته بحرمة المسلم في قوله في حجة الوداع «ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» نحييكم أطيب تحية ونرحب بكم أجمل ترحيب ونسال الله عز وجل لنا ولكم التوفيق والخير والسداد وأن يتفضل علينا وعليكم بالرحمة والغفران وأن يمن علينا جميعا بالقبول فتعودون ان شاء الله بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.
أيها الاخوة حجاج بيت الله الحرام.
لقد وقفتم في صعيد عرفات مهللين مكبرين حيث وقف المصطفي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده اخوة متحابين في الله يذكركم الله فيمن عنده تظلكم الرحمة وتغشاكم السكينة ويباهي الله بكم ملائكته في موقف عظيم ومظهر متجانس تبدو فيه الوحدة بين المسلمين في صورة مثلى وتتحقق فيه المساواة بين البشر في هيئة واضحة ثم أفضتم من عرفات الى مزدلفة تحقيقا لقول الله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فأذكروا الله عند المشعر الحرام وأذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين} وبعد ذلك أقمتم في منى لتكملوا حجكم وتتموا نسككم وتقضوا تفثكم وتوفوا نذوركم وتطوفوا بالبيت العتيق قال تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}.
أيها الاخوة الكرام.
منذ أن من الله على المملكة العربية السعودية فشرفها برعاية الحرمين الشريفين وهي تستشعر قيمة هذا التشريف العظيم وتعتز به تكليفا كريما وتحتسب خدمة حجاج بيت الله الحرام ومعتمريه وزوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبا دينيا تسعى للقيام به على الوجه الذي يرضى الله عز وجل وتحرص على ذلك كل الحرص طاعة لله عز وجل واتباعا لسنة رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم.
ولقد يسر الله لنا ولله الحمد والمنة القيام بخدمة هذه الديار وأعاننا على تسهيل شؤون الحج وتيسير السبل للحجيج والسهر على راحتهم والقيام بخدمتهم ونحن بحول الله ساعون في ذلك جهدنا عاملون له طاقتنا باذلون فيه الغالي والنفيس ولن نتوانى إن شاء الله في القيام بمسؤولية هذه الرعاية قدر الامكان والله نسال أن يجعل عملنا خالصا لوجهه الكريم وأن يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال.
أيها الاخوة الكرام.
اضافة الى كون الحج ركنا من أركان الإسلام الخمسة فانه مناسبة يستذكر فيها المسلمون بعضا من مقاصد الشريعة الغراء ويستحضرون شيئا من مراميها فشريعة الإسلام السمحة بتعاليمها القيمة منهاج شامل يضيء للناس في هذه الدنيا الطريق ويبعث في جوانبها النماء والرخاء ويجعل الخير فيها وافرا موصولا ولذا فان الإسلام على مر العصور كان ولايزال داعي هداية وبشير رحمة وعامل استقرار ومصدر ازدهار يحمل الخير للبشر ويسعى لمصلحة الانسان ويحفظ له كرامته ويصون حياته وعقله وماله وعرضه في منهج نبيل ومسلك قويم ليس له مثيل قوامه اليسر والرفق في الامور كلها فالله عز وجل يقول «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «ان الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين الا اختار أيسرهما.
ولقد وضع الإسلام للمسلم الاطار العام الذي يؤدي من خلاله رسالته في هذه الحياة وبين له الحقوق والواجبات وحدد له الغاية والهدف وأوضح له الوسيلة والاسلوب ورسم له الطريق والمسلك في منهج وسط لا افراط فيه ولا تفريط قال تعالى واصفا المسلمين: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما والذين يقولون ربنا أصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراماً انها ساءت مستقراً ومقاماً والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً}.
وجماع الامر في سلوك الانسان المسلم هو الاستقامة على المنهج السليم واتباع صراط الله المستقيم والتمسك به قولا وعملا قال تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} وقال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}.
ومن مقتضى الاستقامة التحلي بمكارم الاخلاق في كل الاحوال ومع كل الناس فالمبادئ في الإسلام ذات قيمة موضوعية مطلقة وثابتة لا تتغير بتغير الاشخاص المتعامل معهم أو تختلف باختلاف الزمان أو المكان او الظروف والاحوال فالمسلم يجب أن يكون محسنا للناس في القول والعمل وفي الشدة والرخاء قال تعالى: {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} وقال تعالى: {وقولوا للناس حسناً} وقال عز وجل: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}.
ومن مقتضى الاستقامة كذلك قول الحق وتحقيق العدل قولا وعملا وفي كل الاحوال ومع كل الناس بلا تفريق وتمييز فالله عز وجل يقول: {يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى} ويقول سبحانه: {وإذا قلتم فاعدلوا} ويقول تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.
ومن مقتضيات الاستقامة كذلك أداء الحقوق والوفاء بالعقود والالتزام بالعهود قال تعالى: {يأأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وقال عز وجل: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} وقال سبحانه: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}.
وأخيرا فان الاستقامة على منهج الله عز وجل تجعل المسلم متحليا بالصبر متصفا بالحكمة يدعوا الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالحسنى قال تعالى: {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وقال تعالى: {واصبر وما صبرك إلا بالله} وقال تعالى: {إن الله مع الصابرين}.
فهذه من أهم مقتضيات الاستقامة ومنها يتضح أن الإسلام حدد للمسلم السلوك المناسب في كل حال والتصرف الملائم في كل ظرف والتعامل ايجابا مع كل الاحتمالات حتى لا يعيش أزمة سلوك والواجب على المسلمين والحال هذه التمسك بتعاليم الإسلام وتطبيقها حق التطبيق والتحلي بالاخلاق الحميدة والاتصاف بها قولا وعملا وأن يكونوا على يقين أنه لا عزة لهم في هذه الدنيا ولا فلاح لهم الا باتباع صراط الله المستقيم والتمسك بكتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعض عليهما بالنواجذ.. فذلك والله عز الدنيا والآخرة.أيها الاخوة الكرام.
ونحن في المملكة العربية السعودية ولله الحمد مستقيمون على شرع الله ومتبعون لصراطه المستقيم نلتزم ذلك في علاقاتنا وارتباطاتنا وقراراتنا فقد قامت هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ال سعود رحمه الله على التمسك بشرع الله وتطبيق أحكامه وقواعده في جميع الامور دقيقها وجليلها فمذهبنا الحق هو ماجاء في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقدوتنا في ذلك الخلفاء الراشدون والصالحون من سلف هذه الامة لا مذهب لنا سوى ذلك ولا نبتغي عنه بديلا ولا نحيد عنه قيد انملة وهذا ما ندين لله به ونعلنه على رؤوس الاشهاد ويحكم سياستنا داخليا وخارجيا فكتاب الله وسنة رسوله هما الحاكمان في هذه البلد على كل الامور وانطلاقا من ذلك وفي اطار العلاقات التي سبق ايضاحها تتبنى المملكة داخليا منهجا واضحا قوامه التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بتحقيق الشورى والعدل وتطبيق حدود الله وتعظيم شعائره والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله بالحسنى.
وفي الشأن الخارجي يقوم منهج المملكة على التواصل المثمر والتفاعل الايجابي مع العالم والعمل البناء فهي في كل علاقاتها سواء على الصعيد الثنائي أو الاقليمي أو العربي أو الإسلامي أو العالمي عضو فعال سمته الواضحة الاتصاف دائما بالطابع الإسلامي.
وتطبيقا لهذا المنهج فإن علاقة المملكة بالدول الإسلامية علاقة أخوة في الإسلام كما قال رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم ) فالمملكة عضو في العالم الإسلامي يسعدها ما يسعد المسلمين ويسوؤها ما يسوؤهم وتشاركهم الافراح وتقاسمهم الآلام وهي تعمل جاهدة لما فيه عزة الإسلام والمسلمين وتسعى جهدها لما فيه مصلحتهم وتبذل طاقتها لما فيه الخير لهم وتقف مع الدول الإسلامية في المحافل الدولية مؤيدة للحق ناصرة للواجب لا تتوانى في ذلك ولا تتأخر.
ولذا تأتي المملكة العربية السعودية دائما في مقدمة الدول المشاركة في مؤتمرات منظمة المؤتمر الإسلامي سواء تلك التي على مستوى القمة أو المستويات الوزارية وعضو في كل المكاتب والمنظمات الفرعية المنبثقة عن هذا المؤتمر تحرص على الوفاء بالتزاماتها وتلتزم بما يصدر عنها من قرارات ومن هذا الباب يأتي دعمها غير المحدود لبنك التنمية الإسلامي ومساندتها لمشاريعه التنموية في سائر أنحاء العالم الإسلامي حتى يستطيع أن يضطلع بالغرض التنموي الذي أنشئ من أجله ويقوم بدوره في دفع مسيرة التنمية في الاقطار الإسلامية على الوجه الاكمل.
أيها الاخوة.
ان موقف المملكة العربية السعودية من قضية فلسطين ثابت ومعروف فمع كل المتغيرات التي مرت بها المنطقة وعلى الرغم من الاحداث التي جرت مؤخراً وتبدل الظروف وتحول المواقف فإن المملكة لا تزال ثابتة في مبادئها تنصر الحق وتذود عنه وتدين الظلم والظالمين وتدافع عن الحقوق المسلوبة وتسعى في سبيل احقاق الحق واستعادة الاراضي المغتصبة ودعم تطبيق القرارات الدولية الصادرة في هذه القضية والعمل على ارساء قواعد السلام ومساندة المبادرات السلمية الحقيقية التي تهدف الى أن يسود السلام في المنطقة وأن يتمكن الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشريف.
وفيما يخص المسألة العراقية فالمملكة تتطلع الى أن يزول الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي ويعود العراق الى احتلال مكانه الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي ويؤدي دوره الحقيقي على الساحة الدولية وأن يسود الامن ويعم الاستقرار هذا البلد الشقيق وينعم أهله بالامان والرخاء وأن يتكاتف أبناؤه جميعا في وحدة قوية متماسكة.
أيها الاخوة.
وفيما يتعلق بعلاقات المملكة مع دول العالم الاخرى فإن المملكة ترتبط مع سائر دول العالم المحبة للسلام بعلاقات واضحة قوامها الاحترام المتبادل والمشاركة المنتجة في قضايا الإنسانية وهمومها والاهتمام بشؤون التنمية واشكالاتها والمبادرة الدائمة في المواساة والاغاثة في الكوارث التي تحصل من وقت لاخر كما حصل في الزلزال والمد البحري اللذين حدثا في جنوب اسيا بتاريخ 14 ذي القعدة 1425ه الموافق 26 ديسمبر 2004م وذهب ضحيتهما أعداد كبيرة من البشر ونتج عنهما خسائر مادية جمة فكانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي بادرت لاغاثة المناطق المنكوبة وساهمت في مواساة المتضررين.
وموقف المملكة هذا نابع من أن الجميع يعيش في كوكب واحد وتحقيق السلام العالمي والحفاظ عليه مطلب مشترك يقتضي من الكل التعاون والتكاتف فيما يحقق المنافع ويحمي المصالح المشتركة ويحفظ للدول خصوصيتها ويحترم سيادتها.
والمملكة في ارتباطاتها العالمية وانضمامها للاتفاقيات الدولية سواء الثنائية أو متعددة الاطراف خاصة ما يتعلق بتنمية العالم والمحافظة على البيئة ورعاية الحقوق والدفاع عنها ونزع أسلحة الدمار الشامل في سائر أنحاء العالم والحيلولة دون انتشار الاسلحة النووية حريصة على الالتزام بتعاليم دينها وتطبيق مبادئه والتمسك به والتحفظ على كل ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها.
أيها الاخوة المسلمون.
وقعت في العالم والمملكة العربية السعودية جزء منه أحداث ارهابية عديدة تهدف الى زعزعة الاستقرار واشاعة الفوضى وتقويض الامن واغتيال الانفس وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة وترويع الناس والافساد في الارض وحصلت هذه الاحداث في بقاع شتى من المعمورة وتبناها أشخاص وفئات محسوبون على المسلمين مع الاسف الشديد ولذا لابد لنا من ايضاح موقف الإسلام من هذه الاحداث والقائمين بها.
ان هذه الاحداث نتاج فكر مريض وحصيلة منهج منحرف خارج عن قواعد الشرع الحنيف وأحكامه بعيد عن أصول الدين ومبادئه يقف وراءه ضمير فاسد سول له الشيطان وأملى و تفكير زائغ عن الطريق السوي بعيد عن النهج القويم ناء عن الصراط المستقيم ومناف للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
فالارهاب افساد في الارض وسعي في الخراب ومحاربة لله ورسوله وللمسلمين وبغي وعدوان والله عز وجل لا يحب الفساد ولا المفسدين وينهى عن البغي والعدوان وقد توعد الله المفسدين في الارض بأشد العذاب قال تعالى «ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد» وقال عز وجل «أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون ».
ومن هنا تصدت المملكة العربية السعودية للارهاب بكل صوره واشكاله فحاربته محليا وأدانته عالميا وعملت على اجتثاث أصوله وقواعده وتفنيد أفكاره ومبادئه وايضاح فساد أفكاره ومبادئه وبيان بطلانها وتهافت الادلة التي يستند عليها اصحاب هذا الفكر المريض والمملكة العربية السعودية بهذا ملتزمة بالدين مطبقة لاحكامه فموقفها مستمد من أحكام الشرع الحنيف ومبادئه الثابتة وهو موقف ثابت لا تغيره الاحوال ولا تبدله الظروف يمثل الالتزام به سمة واضحة لسياسة المملكة.
وكانت المملكة سباقة الى حث المجتمع الدولي على التصدي للارهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره وتدعو جميع الدول المحبة للسلام الى تبني عمل شامل في اطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الارهاب ويصون حياة الابرياء ويحفظ للدول سيادتها وامنها واستقرارها فمكافحة الارهاب تتطلب تعاونا دوليا ضد ايواء العناصر والجماعات الارهابية والحيلولة دون تمكينها من استغلال أراضي الدول التي تعيش فيها لاستخدامها منطلقا لانشطتها التخريبية مهما كانت الدوافع والحجج.
وانطلاقا من موقف المملكة العربية السعودية الريادي في مكافحة الارهاب دعت لعقد مؤتمر دولي عن مكافحة الارهاب دعي له من لهم خبرة في مكافحة الارهاب وعدد من الاشخاص من كل دولة من الدول المحبة للسلام والتي حصلت فيها تفجيرات أو أعمال ارهابية وسيقام ان شاء الله هذا المؤتمر في الرياض لمدة أربعة ايام ابتداء من 25 / ذي الحجة 1425ه الموافق 5 فبراير 2005 م وما هذا الا مظهر من الجهود الدائبة للمملكة والواضحة في مكافحة هذه الآفة العالمية وجانب من جوانب عمل المملكة المستمر في محاربة الارهاب والسعي للقضاء عليه وهو أمر يستلزم التعاون من الجميع وتكاتف الجهود لكي تتحقق الغاية منه ويعطي ثماره المأمولة والله نسال أن تتكلل هذه الجهود بالنجاح.
أيها الاخوة الكرام.
في الختام نهنئ جميع المسلمين في مشارق الارض ومغاربها بحلول عيد الاضحى المبارك وندعو المولى عز وجل أن يجعل هذا العيد عيد أمن واستقرار في سائر أقطار المسلمين والعالم أجمع وأن يجمع كلمة المسلمين على الخير ويهديهم الى اتباع الحق والعمل به كما نبارك لحجاج بيت الله الحرام حجهم ونرجو لهم اقامة سعيدة وعودا حميدا الى أهلهم وأوطانهم سالمين غانمين فرحين مستبشرين وأن يجعلهم رسل خير وبشائر رحمة.
وكل عام وأنتم بخير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.