قال طارق رمضان أستاذ الفلسفة والعلوم الإسلامية بجامعة جنيف وفرايبوخ " إن اعتبار الإسلام نقيضا للحداثة معادلة خاطئة يجب تصحيحها لأنها تحيل على وجود تضاد مغلوط بين الاثنين". واعتبر رمضان في ندوة حول "الحداثة والإسلام" نظمت مؤخرا بالرباط أنه لا تضاد بين الحداثة التي تعني في تعريفها البسيط القدرة على كسب رهانات العصر وبين الإسلام الذي يدعو الإنسان إلى "امتلاك كل المقومات التي تمكنه من أن يعيش زمانه شريطة احترام قيمه"، داعيا إلى القطع مع العديد من الأحكام الجاهزة التي تروج حول الإسلام حتى من قبل المسلمين أنفسهم، معتبرا أنه غدا من الضروري رفض الصورة الجاهزة التي تخلط بين الإسلام والعنف بفعل ممارسات أقلية متطرفة وكذا إلى تجاوز "السلوك الدفاعي" الذي يتعامل به كثير من المسلمين مع الإسلام داعيا على العكس من ذلك إلى التعامل "بثقة واعتزاز لأن المسلمين لديهم الكثير مما يمكن أن يقدموه للعالم". حالتان من التناقض ودعا المحاضر إلى تجاوز الكثير من "المعادلات الخاطئة من قبيل ربط الحداثة بالتغريب أو جعل الإسلام عدوا للغرب" مشيرا في هذا السياق إلى وجود نموذجين خاطئين من التعامل مع الغرب أحدهما يتميز بحالة الانبهار الفكري التي تصل إلى حد الاستعمار الثقافي والثاني يتميز بعدائه التام تجاه كل ما هو غربي. واعتبر أن هذين النموذجين يمثلان "سلوكيات انفعالية ومعقدة" في الوقت الذي لا يرفض الإسلام التفاعل والتلاقح شريطة الحفاظ على المبادئ ولا يرفض الإبداع والابتكار والتجديد بل كان منذ بزوغه داعيا إلى الاجتهاد ونبذ التقليد والجمود، موضحا أن الاجتهاد بما هو ثمرة تفكير جماعي ومشترك بين الفقهاء وأهل الاختصاصات أي بين "الذين يفهمون النصوص والذين يفهمون الواقع" أصبح ضرورة للأمة الإسلامية للخروج من مآزقها. قراءة القيم وخلص إلى أن الإسلام يتضمن قيما كونية يجب على المسلمين أن يبرزوها ويبشروا بها لأنها تمثل قيما إنسانية تجمع بين كل البشرية وذلك مثل قيم التوحيد والعدل والمساواة والتعارف معتبرا أن ذلك يتطلب من المسلمين العودة إلى قراءة قيمهم ومعرفة تاريخهم وثقافتهم. مواصفات الديمقراطية وفي مداخلته أوضح الكاتب والصحافي المغربي محمد العربي المساري إن المراحل التي أدت إلى الوصول إلى الأنساق المعاصرة المتمثلة في دولة الحق والقانون والفصل بين السلطات مثلا تبلورت في الغرب. وأضاف المساري في موضوع "الحداثة والسياسة" أن الديموقراطية المتفق عليها عالميا اليوم أصبحت لها مواصفات وآليات معينة تعارف عليها الناس باعتبارها سقفا للعلاقات الموضوعية في ظل مؤسسات مقبولة وضامنة للتوازن وتحول دون الشعوبية وأشكال اللاتسامح. استحالة الفصل بين الدين والدولة أما محمد العيادي الأستاذ الجامعي بجامعة الرباط فقد اعتبر إن القول بالاستثناء يزكي أطروحة استعصاء البلدان الإسلامية على الديموقراطية والحداثة التي وجدت قديما "مع إرنست رينان مثلا" وما زالت مستمرة "مع برنار لويس"، باعتبار استحالة الفصل في الإسلام بين الدين والدولة واختلافه عن المسيحية على الخصوص. الحداثة تطبق في كل المجتمعات واعتبر العيادي في مداخلته التي ألقاها بعنوان "المسلمون والحداثة.. هل هناك استثناء إسلامي" أن هذا الطرح مردود ولا يقوم على أساس أو على معرفة حقيقية بالديانتين مشيرا إلى أن عددا من الدراسات الجادة تؤكد أن القضية ليست بهذه البساطة والتمايز لأن في المسيحية اتجاهات متعددة ومتباينة ولأن الحداثة يمكن أن تطبق في كل المجتمعات أيا كانت ديانتها "نموذج أندونيسيا مثلا" ولأن العالم الإسلامي يعيش التحولات المرافقة للحداثة ويطرح سؤالها. وأشار المحاضر إلى أن المقابلة يجب أن تكون بين الحداثة والتقليدانية التي قد تتخذ صبغة دينية وليس بين الدين والحداثة لأن الدين عقيدة والحداثة مسلسل وإن اتخذت صبغة إيديولوجية، مضيفا أنه يجب الحديث عن المسلمين والحداثة وإلا تم الخلط بين التاريخ والحضارة والثقافة والتعبيرات الإيديولوجية والفكرية التي قد يتعارض بعضها مع الإسلام ذاته.