تتعرض المناهج المدرسية لهجوم عنيف من قبل أناس أباحوا لأنفسهم ركوب هذا المركب الصعب دون النظر الى أمور هي في سياقها العام بحاجة الى إعادة نظر في إطار الثوابت. وتحظى المواد الدينية بالنصيب الأوفر من الهجوم مع ما تحمله بقية المواد من مآخذ هي الأولى بإعادة النظر, لان المواد الدينية, وان كانت بحاجة الى إعادة نظر في بعض جوانبها, لكنها في النهاية تشكل حصانة للناشئة تحميهم من الوقوع في الكثير من الأخطاء والأمراض الاجتماعية الخطيرة. ومن المؤسف ان يربط بعض المفكرين بين المواد الدينية وما حدث من تطرف لدى بعض الفئات, هذا التطرف الذي قاد الى احداث تألم منها واستنكرها وشجبها وأدانها المواطنون وغير المواطنين, وهذه المواد موجودة قبل عشرات السنين, ولم تفرخ المتطرفين في تلك السنين, فما معنى ان تسند اليها هذه الظواهر الشاذة في هذا الزمن. ثم ان التطرف والإرهاب لغة عالمية لا مكان لها ولا جنسية, في أوروبا او أمريكا او اليابان او الهند فهل جميع أولئك المتطرفين والإرهابيين قد درسوا في مدارسنا وتلقوا علومنا الدينية نفسها؟ ان إصلاح العملية التعليمية والتربوية لا بد ان يتجه الى كل الركائز التي تعتمد عليها, والمناهج ليست سوى جزء من تلك الركائز. كما ان منها المدرس الذي فقد هيبته في الوقت الراهن نتيجة عدم التأهيل التربوي من جهة وعدم واقعية التعليمات الإدارية المبلغة له, والتي تعتمد على نظريات تربوية قدتصلح لمجتمعات أخرى, ولكنها لا تصلح لمجتمعنا بالضرورة. ويبقى المدرس هو المحور في إصلاح التربية والتعليم, مما يؤكد ضرورة وضع الضوابط الملائمة لمواصفات المدرس الناجح حتى لا يصبح التدريس مهنة من لا مهنة له. ومن المؤسف ان نسمع عن بعض الأحداث التي يتعرض فيها المدرس لمواقف لا تليق مع طلابه, فاذا أراد تأديبهم وقف له النظام بالمرصاد حتى أصبحنا نطالب بحماية المدرس من طلابه وليس العكس, وفي مدارس البنات تتحول الحالة الى النقيض, فكثيرات هن الطالبات اللاتي يشتكين لأولياء أمورهن من سوء معاملة المعلمات لهن, وقسوتهن وصرامتهن في أمور لا تستوجب الصرامة والقسوة, وكأن المعلمة تنتقم لنفسها من قسوة الرجل او المجتمع لها, وهي قسوة ربما لا تكون صحيحة مائة في المائة ولكنه الشعور بالاضطهاد الذي يولد هذه الحالة وان كان هذا الشعور غير حقيقي. يبقى القول: ان إصلاح العملية التربوية والتعليمية مسؤولية لا تقتصر على الإداريين او التربويين العاملين في وزارة التربية والتعليم, بل هي مهمة وطنية لا بد ان تستند الى كفاءات عالية ومن جميع التخصصات لسد الثغرات المحتملة في أي إصلاح مقترح.