بالأمس كتب الدكتور سعيد السريحي مقالا في غاية الأهمية (تفريخ التطرف) وأرى أن يتحول إلى محور نقاشات جدية وحقيقية حول كيفية تقليم نوازع الإرهاب والتطرف. الدكتور سعيد يرى أن التطرف نتاج المسألة التعليمية في المدارس من خلال مدرسين يقومون بغرس التطرف في نفوس تلاميذهم ولهذا تحركت وزارة التربية والتعليم لفحص الجانب الفكري للمتقدمين للعمل في التدريس، وربما تنهض أيضا وزارة التعليم العالي بمتابعة المدرسين أثناء الدراسة الجامعية .. فهل نوازع الإرهاب هي مخرجات التعليم.؟ ربما لسنوات كان التركيز على هذه النقطة وكان فيها الحقل التعليمي هو المتهم في تفريخ الإرهاب، ولأني داخل الميدان ولي علاقات واسعة بزملاء مهنة لا أحمل هذه الفكرة إلا الجزء اليسير مما نعيشه من تطرف يختفي حينا ويظهر أحيانا بصور مختلفة. سأقول للدكتور سعيد السريحي، ما رأيك عندما يأتي الطالب متطرفا، كيف تنظر للمسألة.؟ هذا الطالب المتطرف من أين جاء.؟ لنعمق المسألة أكثر، أستاذ جامعي درس في جامعات أوروبا، خرج من البلد وهو يحمل أفكاره التنويرية وعندما عاد بعد سنوات الدراسة، عاد متطرفا أكثر تطرفا من رجل جاهل، فمن أين استقى هذا الأستاذ الجامعي تطرفه.؟ والمدرس الذي جاء إلى التعليم كان إنسانا عاديا يمارس عباداته كأي فرد، فجأة تحول إلى شخص متزمت، من أين جاء بتزمته؟ وشاب دخل إلى المسجد لأداء صلاته وما هي إلا أيام وتحول إلى ناقم لحياته السابقة التي لم يعد راضيا عنها بالرغم من كونه لم يبرح المسجد منذ نعومة أظافره، من أين اكتسب هذا الحنق على الحياة برمتها؟ مسألة التطرف يا دكتور سعيد، ليست قابعة في معلم (في مراحل التعليم العام أو مراحل التعليم الجامعي) بل في منهج ارتدى جبة الدين ووزع (روشتة) التطرف من وقت مبكر من خلال التغذية، فاختلط علينا مصدر التطرف .. نحن جميعا نتغذى بهذا التطرف المغروس في أوردتنا ولا نعرف إلا السائل الذي يجري في عروقنا من غير أن نستوضح أين تعلق أنبوبة التغذية تلك. ومن وقت مبكر أيضا اختطف هذا النهج عقول الناس وزرع نفسه في مواقع مختلفة من بنية النظام (في أي موقع من شرايين الأمة الإسلامية) كي يستطيع مواصلة حربه باسم الدين متسللا من خلال المتغيرات الاجتماعية ومتخذا إياها أداة لمحاربة الرأي في صوره الدنيا والعليا. ولكي يكسب تأيده الشعبي أصبغ الحياة العامة بجملة تحريمات تجعل من مقترفها عدوا (سواء كان كاتبا أو سياسيا أو تونقراطيا أو مغايرا للنهج) ليبقى هذا الهجوم سببا جوهريا لوجوده في صورة المدافع عن الدين. وأنت تقلب النار يا دكتور سعيد، ابتعد عن فكرة كون حياض التعليم هو المصدر لهذا التطرف، فستجد مغذيات أخرى هي التي تضخ في أوردة التطرف، بمعنى آخر لو أن مدرسة ليس بها أي متطرف دينيا، مدرسة كل مدرسيها يمارسون عباداتهم كما كان يفعل جدي وجدك، ويؤدون دورهم التعليمي كما هو مرسوم لهم، فبماذا تفسر أن تلاميذ هذه المدرسة هم المتطرفون عندما يحاربون مدرسيهم ويصفونهم بكل النعوت التي توزع الآن على الكتاب وعلى كل مخالف لفكرة الإرهاب الديني.؟ ماذا يعني أن يأتي طالب في صفوف المراحل الابتدائية ويفتي بالتحليل والتحريم، ماذا يعني أن يتعصب رجل الشارع حيال أي تغير اجتماعي مع أن هذا التغير لايخدش أي تعاليم دينية، لماذا ولماذا ولماذا؟؟!. يا دكتور سعيد، ألا ترى أن الأمر الديني حسب تصورهم هو منطلق التطرف وليس الدين في ماهيته .. قلب المسألة عل الجميع يشترك في البحث عن مصادر التطرف والإرهاب من زوايا جديدة .. فالبحث عن الكرسي هو الذي قاد الإرهابيين للعبث في الحياة باسم الدين. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة