وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    «موديز» ترفع تصنيف السعودية إلى «Aa3» مع نظرة مستقبلية مستقرة    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب يؤسس لمرحلة جديدة
في ندوة اليوم عن خطاب خادم الحرمين الشريفين لمجلس الشورى
نشر في اليوم يوم 26 - 05 - 2003

ياتي خطاب خادم الحرمين الشريفين لمجلس الشورى مؤسسا لمنهج مستمر في الرغبة الصادقة في خدمة المواطن الذي ماقامت الدولة لاحتضانه ورعايته وعبر آليات واضحة المعالم والسمات اعتمدت على التأكيد على مسيرة الاصلاح الاداري والعناية بمفهوم الرقابة وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية والعناية بعمل المرأة وتوفير فرص وظيفية للشباب السعودي, وتحرير الاقتصاد, والعناية بمناقشة مشكلة الفقر والبطالة بكل شفافية وصراحة, والعناية بتبني الخطاب المعتدل ونشر التسامح للتصدي للظواهر الفكرية الهدامة والمتطرفة, وتغيير مناهج التعليم وفق ما يتناسب مع متطلبات التنمية.
و (اليوم) كعادتها في التفاعل مع الاحداث طرحت محاور الخطاب الملكي ليتناولها مختصون يمثلون مختلف القطاعات: معالي المهندس خالد اليحيى الرئيس العام لسكة الحديد, د. محمد السهلاوي مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية م. اسامة الملا من اعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن, المستشار القانوني الاستاذ المحامي جاسم العطية.
على مدى ساعتين تحدث المشاركون واسهبوا وحللوا وتناولوا الخطاب من عدة زوايا, وهذه حصيلة الندوة..
اهمية الخطاب الملكي
اليوم: خطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى بمثابة نهج ومسار وخطة عمل الحكومة للمرحلة القادمة. ما رؤيتكم للقضايا المهمة الواردة في الخطاب؟
* د. السهلاوي: الخطاب يرسم الاستراتيجية المستقبلية للمملكة في ضوء المتغيرات والمستجدات على الساحات المحلية والاقليمية والدولية وهنا تكمن اهمية الخطاب بكل جزئياته.
وابرز ما ركز عليه الخطاب هو الاصلاح الاداري والاقتصادي كخيار بدأت المملكة الاخذ به وسوف تستمر فيه حتى تحقق اهدافها المتمثلة في المشاركة الفعلية في صنع القرار واعادة التفكير في بناء الانسان.
ومن صميم اهتمامات خادم الحرمين الشريفين تنمية الموارد البشرية وقد انعكس هذا الاهتمام عمليا وجديا خلال خطط التنمية المتعاقبة والمتتالية منذ سنوات وقد جاء الخطاب ليؤكد هذا المسار لان اي تغيير يهدف بالدرجة الاولى الى بناء الانسان برفع كفاءته الادارية وقدراته التأهيلية, ثم فتح فرص ومجالات العمل لتوظيف الشباب القادر على الانتاج والتنافس.
ومن الامور الجوهرية التي تناولها الخطاب تطوير مجالات العمل وتوظيف الكوادر الوطنية من الجنسين مع الاشارة الى ان المرحلة القادمة تتضمن احكام الرقابة على العمل والارتقاء بمستوى ادائه لفائدة الوطن والمواطن.
عشرة آلاف وظيفة
اليوم: تعرض خطاب خادم الحرمين الشريفين للعناية بتوظيف الشباب السعودي هل لنا ان نتعرف عن دور الصندوق من الشباب خلال المرحلة السابقة وهل الصندوق مهيأ لمتطلبات المرحلة الراهنة والقادمة؟
* د. السهلاوي: انشاء صندوق تنمية الموارد البشرية جاء كخطوة لتحقيق الاستراتيجية العامة لتنمية القوى العاملة بالمملكة. وقد بدأت الخطوة بفاعلية وفتحت مجالات عمل للشباب من الجنسين في القطاع الخاص. وفي السنة الاولى من تنفيذ برامجه حقق الصندوق مايزيد على عشرة آلاف فرصة وظيفية وذلك من خلال اتفاقات ابرمها الصندوق مع القطاع الخاص.
وضمن الخطط الزمنية للتوظيف بهذه الشركات تم توظيف حوالي 60% في السنة الاولى وهناك خطة اعتمدها مجلس الادارة لتأهيل وتدريب وتوظيف عشرين الف شاب وفتاة خلال عام 2003م, وبدأ التنفيذ الفعلي بالتوقيع على اتفاقات التوظيف وفتح هذه الفرص الوظيفية في القطاع الخاص.
اما مدى التهيئة للمرحلة القادمة فكل الجهات ذات الصلة من قطاعات تعليمية وتدريبية وقطاع خاص ووزارة عمل ومجلس قوى عاملة.. الخ كل هذه الجهات ذات العلاقة بالصندوق سوف تسهم في دفع عملية التوظيف وفتح فرص وظيفية. كما ان التطور الاقتصادي الذي نشاهده ستنتج عنه خطط لزيادة الاستثمارات الداخلية والخارجية التي سوف تسهم بصورة مباشرة في فتح المزيد من الفرص الوظيفية.
اليوم: الارقام الواردة في اجابتكم بحاجة لتوضيح اكثر؟
* د. السهلاوي: تم الاتفاق على استحداث عشرة الاف فرصة وظيفية في مختلف القطاعات, وهذا العدد يضم اكثر من مائتي مهنة وقد بدأنا العمل بهذا في مارس 2002م لتكون الفرص جاهزة بنهاية عام 2002م وتم ذلك بالاتفاق مع الشركات في القطاعات المختلفة. وللشركات حق الاعلان عن هذه الفرص عبر قنوات عديدة كالاعلان عن الوظائف عبر وسائط الاعلام اوالاتصال بمكاتب العمل او التعاون مع الغرف التجارية او غير ذلك.
الصندوق يتابع بدقة
اليوم: وهل الصندوق يتابع التوظيف ام يكتفي بالاتفاقات المبرمة مع الجهات ذات العلاقة؟
* د. السهلاوي: توقيع الاتفاق لايتم الا بتحقيق شروط من اهمها وجود لوائح عمل لدى الشركات لان بعض الشركات ليست لديها لوائح وعدم وجود لوائح يعد من معوقات التوظيف.
والصندوق في متابعته لايكتفي بالحاق الشاب بالوظيفة بل يتابع تدريبه وهو على رأس العمل ليتأهل ويتحقق له الاستمرار, كما ان الصندوق يتابع بدقة مدى ملاءمة بيئة العمل, ويتابع مدى درجة رضا صاحب المنشأة عن انتاج من تم الحاقهم بالوظائف, كما يتابع عقد التوظيف وما مدى التزام الطرفين به.
وبعد هذه المتابعة ياتي صرف المستحقات وهي لاتصرف قبل مضي ثلاثة اشهر على التوظيف الفعلي والتي هي فترة التجربة التي اقرتها وزارة العمل وهي كافية للطرفين ليقوم كل منهما الاخر قبل اتخاذ القرار النهائي.
وبعد انتهاء فترة التجربة تاتي متابعتنا الشهرية للوقوف على الاستمرار او عدمه, وهل تسرب البعض من المنشأة؟
واسباب هذا التسرب, وتحليل هذه الاسباب وعلاجها, ثم الوقوف على رضا الطرفين ببعضهما بعد التوقيع النهائي على العقد. وهكذا فالمتابعة مستمرة ولاتتوقف يوما, وهي متابعة على درجة عالية من الدقة وفيها عبء كبير على الصندوق.
من معوقات التوظيف
اليوم: تأكيدا على اهمية معالجة توظيف الشباب لما لها من خصوصية ما مدى الرضا عن منجزات الصندوق حتى الان وتعاون القطاع الخاص واقبال الشباب على الوظائف؟
* د. السهلاوي: ما حققناه جيد ولكنا نطمح في المزيد كما ان هناك المعوقات التي منها ضرورة اعادة بعض الشركات النظر في وضعها التنظيمي فيما يتعلق بخطط السعودة, ومنها ضرورة الارتقاء بمستويات التدريب في كثير من المنشآت الحكومية والاهلية لان بعض المهن والوظائف لايتوافر لها تدريب ملائم. ايضا من المعوقات ضعف التنسيق بين الجهات المنوط بها التدريب والتوظيف.
اليوم دعا خادم الحرمين الشريفين لتحرير الاقتصاد الوطني والدخول بقوة في الاستثمار الاجنبي ما آلية الصندوق في التفاوض مع شركات الاستثمار الاجنبية فيما يخص استقطاب وتوظيف كوادر سعودية؟
* د. السهلاوي: من شروط الاستثمار الاجنبي في بلادنا توظيف شبابنا السعودي. والصندوق يفعل هذا الشرط من خلال اللقاءات المستمرة مع الشركاء الاجانب لان دور الصندوق هو تدريب وتوظيف شبابنا ولافرق في ذلك بين الشركة المملوكة لسعودي او تلك المملوكة لمستثمر اجنبي او مملوكة لكليهما بنظام الشراكة ففي كل الحالات لابد من التدريب والتوظيف ونعمل على ذلك بتقديم الدعم المناسب.
اليوم: جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين اهمية العناية بتوظيف المرأة السعودية كم بلغت نسبة الفتيات اللائي وظفهن الصندوق؟
* د. السهلاوي: لافرق لدينا في التوظيف بين الشاب والفتاة ولكن لمجتمعنا خصوصيته لذا فمن الطبيعي ان تكون نسبة الفتيات اقل وتتركز فرصهن الوظيفية في قطاعي الصحة والتعليم الاهلي وغيرهما من القطاعات التي تنسجم مع طبيعة المرأة وتحقق شروط المجتمع الاسلامي وضوابط وزارة العمل المتعلقة بعمل المرأة. وتجاربنا في هذا الصدد ناجحة بكل المقاييس.
اليوم: الا توافقنا على ان بعض انظمتنا من معوقات توظيف شبابنا كنظام التقاعد والتأمينات الاجتماعية؟
* د. السهلاوي: هذا يعود بنا الى خطاب خادم الحرمين الشريفين الذي وضع علاجا لهذه المعوقات من خلال الغاء الازدواجية, وتسهيل الاجراءات الحكومية, ورفع كفاءة التوظيف في القطاع الخاص, والتزاوج بين انظمة العمل في القطاع الحكومي والقطاع الخاص.. اذا هناك خطوات للتغلب على كل معوقات التوظيف من خلال الحلول الممكنة والعملية.
الرقابة اهم من النظام
اليوم: سمو ولي العهد وصف خطاب خادم الحرمين الشريفين بانه منهاج الحكومة للمرحلة القادمة كيف تنظرون الى هذا الخطاب من خلال وقوفكم الدقيق على بعض اهم القضايا بحكم عملكم في المحاماة؟
* العطية: اتفق مع ما جاء على لسان سيدي سمو ولي العهد لان الخطاب لامس محاور متعددة بدءا بالاصلاح الاداري, وتوسيع المشاركة الشعبية, ومنح فرص اكبر للمرأة, مع التركيز على الوحدة الوطنية وتشجيع المواطنين بكافة مستوياتهم من رجال اعمال وموظفي دولة وطلاب علم وذلك للمساهمة في تنمية الوطن, كل بجهده ومن خلال موقعه دون ان يستهين احد بقدراته اوقدرة اي شخص اخر لان كل الجهود تصب في خدمة الوطن.
ومن اهم ما جاء بخطاب خادم الحرمين الشريفين ايده الله انشاء المؤسسة الحكومية لحقوق الانسان كي تتضافر جهود الدولة وجهود المواطنين لحماية الكرامة الانسانية لكل مواطن مع ضمان مصداقية تطبيق الانظمة وحماية حقوق المتقاضين امام الجهات القاضئية.
ومن النقاط المهمة ايضا ان المسؤول المستغل لوظيفته لا مكان له في مجتمع اليوم ولن يكون له مجال في عجلة المملكة داخل بلادنا لانه باستغلاله سيضع نفسه تحت طائلة المساءلة والرقابة, وقد اشار خادم الحرمين الشريفين الى هذه النقطة المهمة حينما تناول تطوير الانظمة بالاضافة الى تشديد الرقابة على تنفيذها واعتقد ان هذه النقطة في غاية الاهمية والدقة لان الرقابة تفعيل للنظام ولان النظام دون رقابة لايعني شيئا.
ليس هناك تأخير
اليوم: وكيف يرى الاكاديميون ما تضمنه خطاب خادم الحرمين الشريفين؟
* أ.أسامة: خطاب خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى حدد نقاطا اساسية لمسيرتنا الوطنية وهو استمرار لمسيرة الاصلاح بمفهومه الشامل والحيوي والتنموي. والاصلاح بهذا المفهوم بحاجة لجهود كل مواطن ايا كان موقعه وايا كان حجم مسؤولياته ولعل جهود سموالامير عبدالله فيما يتعلق بالاصلاح الاداري لامس كثيرا من الجوانب الهامة.
وباذن الله ستتواصل هذه المسيرة وتتواصل الاليات بخطوات اسرع نتيجة للمتغيرات العالمية التي لاتنتظر احدا.
يحلو لبعض المحللين القول ان جهود المملكة جاءت متأخرة عن جهود مثيلاتها من الدول, واقول لهؤلاء ليس هناك تاخير فقد بدأنا في الوقت المناسب منطلقين من ركائز ثابتة وارضية صلبة. وخطاب خادم الحرمين الشريفين ليس بدء الاصلاح بل امتداد لمسيرة طويلة تسير على نهجها البلاد منذ سنوات عديدة عبر مسارات متعددة اجملها خادم الحرمين الشريفين في موضوع الادارة والرقابة الادارية والهيكلية الادارية خاصة في القطاع الحكومي.
ولابد هنا من وقفة لان القطاع الحطومي منذ انشائه يعنى بموارد الدولة تنمية وادارة, خصوصا في القطاعات الخدمية التي تمس المواطن بشكل مباشر والان اصبح هذا القطاع بحاجة الى تغيير في الآليات لاستحداث اليات جديدة تواكب الخطوات المتسارعة عالميا كما فعل القطاع الخاص الذي قطع شوطا كبيرا بآليات فاعلة حتى ظهرت نماذج مشرفة عند تحويل بعض المؤسسات الخدمية الحكومية الى قطاع خاص كشركة الاتصالات التي قفزت حتى امتازت وتميزت دون ان تظلم احدا من منسوبيها الذين وفرت لهم الحماية الوظيفية والمادية.
وما حدث في الاتصالات يمحو كل تخوف من ان يتضرر بعض المنسوبين من خصخصة بعض القطاعات.
تغيير المناهج مطلب
اليوم: خطاب خادم الحرمين الشريفين تضمن امورا عديدة كلها تستحق تسليط الاضواء عليها من عدة جوانب لتتكامل الرؤية فماذا ترون في تغيير المناهج؟
* العطية: تغيير مناهج التعليم في بلادنا مطلب اساسي ومستمر دون ربط التغيير بمرحلة معينة او ظرف خاص.
فالمناهج تتطور دوما لتواكب ثورة المعلومات والانفجار المعرفي. في منهج الجغرافيا مثلا تقوم دول وكيانات جديدة وتنتهي اخرى او يافل نجمها فتتغير المناهج تبعا لذلك حتى تكون المناهج مطابقة للواقع وقس على هذا ما شئت.
من هذا المنطلق ارى ان تغيير المناهج مطلب وطني وليس املاء اجنبيا او تحت ضغط خارجي كما يروج له المتقولون فنحن لاننتظر التوجيهات من احد لنغير مناهجنا وحسب معلوماتي هناك حركة للتغيير والتعديل في المناهج منذ سنوات طويلة ومستمرة ولكن لابد من الاعتراف بان هذا التطوير المستمر لايتناسب مع ظروف ومتطلبات المرحلة الحالية.
* أ. اسامة: ان مناقشة موضوع تطوير مناهجنا التعليمية احدىاهم ضحايا الحادي عشر من سبتمبر لان تطوير المنهاج في الاصل سنة تربوية حميدة للربط بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل. وتطوير المناهج بهذا المعنى معمول به منذ سنوات عديدة قبل احداث سبتمبر بكثير ولكن بعد الاحداث ارتفعت الاصوات القائلة بان تغيير المناهج املاء اجنبي وضغط خارجي!! وانا ارى ان الثنائية هنا ليست في مكانها واعني بالثنائية ربط تغيير المناهج في المملكة باحداث سبتمبر في امريكا.
النقطة الثانية هي التعامل العاطفي البعيد عن طبيعة الاشياء فمثلا تخفيض حصص الرياضيات يفسر بكراهية مادة الرياضيات, واضافة مادة اخرى تفسر تفسيرا اخر بعيدا كل البعد عن السبب الحقيقي للاضافة او الحذف.
وبايجاز شديد ارى ان تغيير في المناهج مستمر وسيستمر وفق اسس ثابتة هي التوفيق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل وذلك بالتركيز على الجوانب التطبيقية والتقليل من الجانب النظري مع مواكبة كل ما يستجد في الساحة التعليمية محليا واقليميا وعالميا.
اليوم: مثال؟
* أ. اسامة تكليف الطالب في بداية المرحلة الثانوية بدراسة اكثر من 17 مادة ارهاق حقيقي له لانه سيقضي كل الوقت في التنقل من مادة لاخرى وقد ينتهي به الامر الى اهمالها جميعا او الاكتفاء منها بالحد الادنى.
يشير هذا الامر صراحة الى اننا لانعرف ماذا نريد اذ لو كانت رؤيتنا واضحة لركزنا على الهدف واكتفينا من هذه المواد بنصفها لنحقق الجودة النوعية وليظهر فينا المبدعون والمبتكرون في كل مجال من الذين تناولوا جرعة تعليمية اكثر تركيزا مخرجوا اكثر نضجا.
ايضا مما يؤسف له ان طلابنا لايتقنون المهارات الذاتية والسلوكية والادائية الاساسية التي تحدد مساراتهم المستقبلية في اختيار التخصصات المناسبة لدرجة ان الطالب اثناء دراسته الجامعية يفاجأ بعدم القدرة على اختيار المتخصص الذي يناسب قدراته واستعداداته! لم يكن بالامكان حسم هذه الامور في وقت مبكر بوعي تام؟
ولو انتقلنامن مقاعد الدراسة وقاعات المحاضرات الى الحياة العملية الوظيفية نجد ان الطالب الذي درس تخصصا معينا حوالي 14 سنة يصطدم منذ اللحظة الوظيفية الاولى بانه يجهل ابجديات التطبيق العملي للمادة التي ظل يحفظ نصوصها ومعادلاتها كل هذه المدة! الا يعني هذا وجود خلل يطالبنا بالمسارعة بالعلاج؟ وما العلاج؟ العلاج هو احداث تغيير نوعي في المناهج الذي هو مطلب محلي وطني سعودي وليس فرضا علينا من جهة اخرى ايا كانت هذه الجهة, واكبر دليل على ذلك ان وزارة المعارف والمعنيين بالمناهج الدراسية اقاموا الكثير من الندوات والدراسات الكبرى قبل اكثر من سنين عديدة ولابد من التركيز على نواحي الابداع في التناول التدريس والتطبيق, ان كثيرا من المعلمين والقائمين بامر التعليم في بلادنا معذورون اذا اشتكوا كثرة المقررات وطول المناهج وازدحام الصفوف بالطلاب مما لايتيح لهم فرصة كافية للتدريب. نعم هم معذورون ولكن لايمكن اطلاقا فصل المحتوى العلمي للمادة عن التدريب العملي لانهما وجهات لعملة واحدة. وارى ان التطبيق المهاري لا يقتصر على المقررات العلمية بل ان المناهج النظرية بحاجة للتدريب لتنطلق الروح المبدعة من مكمنها وتتفجر ابداعا.
الغلو.. التطرف.. الارهاب
اليوم: وما رأيك في اهمية تبني الخطاب المعتدل ونشره في وعي الناس وفكرهم؟
* أ. اسامة: سؤالك يعيدنا الى التعليم مجددا, فالحوارية لا يمكن ان نطلبها من الآخرين قبل ان نعود انفسنا عليها.
وللاسف التعليم في مناهجنا الدراسية وفي مرافقنا التعليمية واجهزتنا الاعلامية لايعزز الجانب الحواري رغم الاعتراف الصريح بان الحوار قيمة ثقافية عالمية وهو في الاساس قيمة اسلامية النشأة وما احوجنا اليوم للبحث عن تأصيلها في فكرنا وتراثنا. وحضارتنا الاسلامية لم تبلغ ذروتها في الانتاجية المعرفية الا بعد فتح الابواب واسعة للحوار مع الذات ومع الاخر..
وافتقار مناهجنا واعلامنا للحوارية ابعد الكثيرين من ابنائنا عن اعلامنا ومناهجنا حتى اصبح يتلقى بل يتلقف اعلام الاخر البعيد عن اعيننا التربوية لان الغرف الحوارية في منتديات الانترنت والمحطات الفضائية استثمرت الهامش الحواري للمشاهد السعودي. ولنعلنها صريحة بان هناك غرف انترنت ومحطات فضائية حوارية تستهدف المشاهد السعودي دون غيره بالدرجة الاولى وبشكل خاص.
ومصداقا لخطاب خادم الحرمين الشريفين ارى ان تبني الخطاب المعتدل ونشر التسامح يقتل الغلو والتطرف في محاضنه الاولى وتكون النتيجة اننا بدلا من علاج القضية بعد ظهور نتائجها المؤسفة نكون قد عالجنا جذور المشكلة لذا فان تأسيس هذا الخطاب ونشر الوعي به خط وقائي هام يقي المملكة ويحميها من ويلات وتبعات نشوء ظاهرة الغلو والتطرف.
لقد خطت المملكة منذ تاسيسها منهجا معتدلا وسطا ولكننا الان في ظل الظروف الراهنة بحاجة الى تعزيز وسطيتنا المعتدلة بنشرها, مع الانفتاح على جيل شباب اليوم الذي يستقي معلوماته وخطابه ومنابره من الآخر المتمثل في منتديات الانترنت والفضائيات الكونية التي تبث كل غث وثمين وقد تدس السم في الدسم قصدا ومن الاستحالة ان نقيم سدودا عالية تمنع وصول انتاجها الى شبابنا.
اعلامنا ليس جذابا
* العطية: خطاب خادم الحرمين الشريفين لامس هذه النقطة واشار الى القصور الاعلامي لدينا وقال بالحرف الواحد (الاعلام ليس ترويجا والثقافة ليست وجاهة) وتوجه المواطن السعودي في استقاء المعلومة الى الفضائيات يعني صراحة قصور اعلامنا المحلي في هذا الجانب.
نعم لدينا اعلام رصين ولكنه غير جاذب ويفتقر لعنصر الابهار الذي يعد سمة اساسية في الفضائيات الاخرى, كما ان جرأة الطرح في الصحف ميزة غالبة في اغلب المطبوعات من حولنا. وهذان السببان صرفا المتلقى السعودي عن الاعلام الداخلي المحلي الى غيره قارئا ومشاهدا بالاضافة الى تقوقع اعلامنا والتحفظ المبالغ فيه في طرح القضايا ومناقشاتها لدرجة ان الاعلامي نفسه وضع حول نفسه عددا من الخطوط الحمراء ما انزل الله بها من سلطان ولا الزمه بها قانون او نظام ولكنه يعمل بها من باب التحفظ الشديد وتوخي الحذر والحيطة لدرجة تخويف نفسه بنفسه!
تفعيل المشاركة الشعبية
اليوم: المشاركة الشعبية وتطوير الياتها كان لها نصيب من خطاب خادم الحرمين الشريفين ما تعليقكم حول هذا المحور؟
* العطية: المشاركة الشعبية مطلوبة وهي ليست وليدة اليوم فقد بداها مجلس الشورى منذ وقت طويل لكن بشكل محدود جدا كدعوة بعض المواطنين من ذوي الاختصاص لحضور بعض الجلسات بضوابط واجراءات طويلة.
الان حان الوقت ليدخل المواطنون اجتماعات المجلس ويشاهدوا ويسمعوا بانفسهم ما يدور وتتاح لهم الفرصة لطرح آرائهم وابداء وجهات نظرهم, نحن نعلم ان من يحضر كمستمع من خارج المجلس لايؤخذ برأيه في التصويت ولكن ليس هناك ما يمنع من سماع صوته.
ومن صور المشاركة الشعبية حان الوقت الان لان تدخل المرأة مجلس الشورى بشكل او باخر لان هناك قضايا وتوصيات يستعان فيها بالعنصر النسائي فلماذا لاتكون المشاركة حضورية بدل المشاركة عن بعد؟ ومشاركة المرأة لن تخرجها عن ضوابط الشرع والتقاليد الاجتماعية لانها سوف تشارك عن طريق الدوائر المغلقة وغيرها من وسائط المشاركة وهذه المشاركة ممكنة في مجلس الشورى ومجالس المناطق والدوائر الحكومية.
لقد مارست المرأة في بلادنا العمل الاقتصادي والتجاري ولكن حتى هذه اللحظة لم اجد في ممارستي العملية بطاقة واحدة لسعودية بمسمى سيدة اعمال.
وفي تعاملي اليومي واكوام من السجلات والملفات والعقود التجارية لنساء يعملن في الحقل التجاري يحملن عبارة (ربة بيت) وهي في الحقيقة سيدة اعمال تدار اعمالها بالوكالة عن طريق شخص يتصرف في اموالها بموجب الوكالة وتكون هي المسؤولة نظاما وقانونا عن كل تصرفات الوكيل!
هذه مشكلة اجدها امامي تتكرر يوميا ولايوجد لها حل سوى مشاركة المرأة.
حتى التعليم الذي قطعت فيه المرأة شوطا طويلا لا تزال الوظائف الادارية العليا في تعليم البنات حكرا على الرجال!
نظام الخصخصة الى اين
اليوم: تشجيع الاستثمار وتخصيص المرافق الاقتصادية ورد في خطاب خادم الحرمين الشريفين, ماذا يقول معالي المهندس خالد اليحيى الرئيس العام لسكة الحديد في هذا الجانب من الخطاب التاريخي؟
* م. خالد: الخطاب رؤية عميقة اخذت في الاعتبار معطيات المرحلة المهمة والحرجة في تاريخ مسيرة التنمية في بلادنا الغالية.
وفي التخصيص اعطاء مساحة للقطاع الخاص ليسهم في تعزيز النمو الاقتصادي. وخطاب مولاي خادم الحرمين الشريفين خطة عمل الحكومة للمرحلة القادمة وعلى الجهات ذات الصلة تنفيذه بحذافيره حتى يكون للخطاب اكبر مردود ممكن.
اليوم:.. وفيما يخص سكة الحديد؟
* م. خالد: هذه ليست المرة الاولى وبالطبع لن تكون الاخيرة التي تعطى فيها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية قدرا كبيرا من المرونة للاستفادة من ايرادات العقارات التي تملكها في مناطق مختلفة من المملكة. وهذه البادرة تدل على فهم عميق وادراك لمتطلبات المرحلة خاصة ان المؤسسة في السنوات الماضية اثبتت قدرتها على تحسين ادائها نوعيا وكميا وماليا.
م. اسامة: بناء على ما سبق هل للمؤسسة العامة للسكة الحديد نموذج خاص بها في الخصخصة القادمة التي تعتزم القيام بها ام هي خصخصة قريبة الشبه بما تم انجازه في شركة الاتصالات السعودية؟
* م. خالد: لايوجد في التخصيص حالتان متماثلتان تماما لذا فان التخصيص في الخطوط الحديدية لن يكون مطابقا لما تم تنفيذه في الاتصالات السعودية.
وتخصيص المؤسسة سيكون في سياق مشروع ضخم وطموح لتوسعة الخطوط الحديدية عن طريق القطاع الخاص بواسطة ما يعرف باسلوب البناء والتشييد ثم الاعادة وسيتحسن اداء المؤسسة بشكل كبير اذا تم تشغيلها بواسطة القطاع الخاص كجزء من مشروع التوسعة.
العطية: كيف يكون التخصيص على منشأة خاسرة بسبب ارتفاع التكلفة؟ وهل التوسعة المستقبلية والامتدادات الجديدة للخطوط الحديدية ستخضع للتخصيص ام تنتظر دورها في تخصيص اخر؟
* م. خالد: ابدأ بالشق الاول من السؤال واقول ان الخسارة المؤسسة سببها الاول محدودية انتشارها الجغرافي ومعروف ان كل وصلة من وصلات سكة الحديد تتعزز جدواها بانشاء الوصلة التي تليها, والسكك الحديدية منذ انشائها قبل خمسين عاما تخدم رقعة جغرافية محددة مما يعني عدم وجود اي تعزيز لعدم وجود وصلات جديدة قرابة نصف قرن من الزمان ولو قدر للخطوط الحديدية ان تصل الى مناطق الانتاج في الجبيل وينبع وتصل الى الموانئ الرئيسة كميناء جدة لتضاعفت جدواها الاقتصادية.
اما السبب الثاني المؤثر سلبا على ربحية المؤسسة العامة للخطوط الحديدية فهو كونها تفتقد المرونة التي يتمتع بها القطاع الخاص لخضوعها للانظمة المالية الحكومية البحتة وخضوعها ايضا لديوان الخدمة المدنية. وارى ان الانظمة المشار اليها مناسبة للدواوين الحكومية ولكنها لاتلائم ادارة نشاط تجاري خدمي كنشاط النقل.
الشق الثاني من السؤال خاص بالتوسعة ونحن نتطلع الى انتشار السكك الحديدية في كافة ارجاء المملكة واتصالها بشبكات حديدية في دول مجاورة ولكننا واقعيون في تطلعاتنا, ونعتقد ان تنفيذ الخطوط التي اثبتت الدراسات جدواها بداية كافية لنظرتنا المستقبلية الطموحة.
العطية: بناء على رؤيتكم السابقة نقل البضاعة بالخطوط الحديدية اثبت نجاحا ولكن لايزال نقل الركاب دون طموحات المواطن فهل لدى المؤسسة خطة مستقبلية لزيادة عدد الرحلات او تطوير وسائل الحجز مثلا؟
* م. خالد: خلال السنوات الاربع الماضية تجاوز معدل الزيادة لدينا معدلات الزيادة في كل العالم بلا استثناء حيث ارتفعت الرحلات الاسبوعية من 28 الى 42 رحلة كمرحلة اولى, ثم عدنا وزدناها الى اكثر من 60 رحلة لان الاقبال على السفر بالقطار في تزايد مستمر رغم ما يدعيه البعض من طول فترات الانتظار وتواضع مستويات الخدمة.
وطموحاتنا لم تقف عند هذا الحد بل نسعى دوما لترقية الاداء وتحسين الخدمة وتامين عربات اكثر لمجابهة الطلب المتزايد وكثرة اعداد الراغبين في السفر بالقطار. ونحن رغم كل ما يقال موقنون بان خدماتنا جيدة والا لما كان هذا الاقبال المتزايد يوما بعد يوم ومع هذا نسعى لجودة اكثر.
الضرائب.. وتحرير الاقتصاد
اليوم: فيما يتعلق باهمية تحرير الاقتصاد نود من معالي الرئيس العام لسكة الحديد تعليقا حول المخصصات المالية التي تدار عن طريق زيادة العائدات؟..
* م. خالد: اعتقد ان هذه اضافة ممتازة في الموارد التي ستمكننا من تقديم الخدمة ولكن الاهم من ذلك هو البعد الرمزي لهذا القرار واعني ثقة ولاة الامر في الاتجاه الذي اختارته ادارة المؤسسة لتحسين ادائها. ونامل ان تستخدم الموارد الاضافية خير استخدام بما يخدم الوطن والمواطن.
اليوم: جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين عبارة (مراجعة الانظمة والتعليمات) فكيف ترون تاثير ذلك على مسيرة العمل؟
* م. خالد: التغيير من سنة الحياة بكل مرافقها داخل المملكة وخارجها. والعبارة الواردة بخطاب خادم الحرمين الشريفين تدل على عمق ونضج نظرته حفظه الله. وكل مفردات الخطاب تبشر بالخير ونامل عند تفعيلها ان نرى تحسنا في الاداء ونقلة نوعية وكمية.
اليوم: وتحرير الاقتصاد؟
* م. خالد: نحن الان ننافس دول العالم في اجتذاب الاستثمارات محلية اكانت ام دولية ولاشك ان كل مستثمر يسره ان يرى العوائق تتهاوى امامه عائقا بعدعائق بفعل التغيير حتى تزول العوائق تماما ويصل المستثمر لتوظيف استثماره في القطاعات الاقتصادية بما يعود بالنفع على اقتصاد البلاد ويحقق له عائدات مجزية يتطلع لها.
أ. اسامة: فيما يتعلق بالاستثمار الاجنبي الا ترى معالي المهندس خالد بان ضريبة ال25% على المستثمر الاجنبي, الا تؤدي الى نفوره في وقت تمنح فيه دول العالم للمستثمر الاجنبي تسهيلات وامتيازات كالارض المجانية اوالاعفاء الضريبي خمس سنوات؟
* م. خالد: سألقي الضوء على جانب ربما خفي عن الكثيرين من المراقبين وهو ان الانظمة الضريبية في انحاء العالم تتجه الان نحو الانسجام بمعنى ان اي مستثمر يدفع لخزينة بلاده ضريبة تتجاوز ال25% وتنازل المملكة عن جزء من هذه الضريبة لايعد حافزا له ليستثمر في المملكة فلماذا نتنازل؟
والمطلوب في المقابل عقد اتفاقات ازدواج ضريبي بين المملكة والدول الاهم في العالم التي تعد مصدرة لرؤوس الاموال هذا هو الحل من وجهة نظري الشخصية اما اعفاءات ضريبية دون مبرر فهو تنازل دون مقابل.
توظيف المرأة السعودية
اليوم: هل في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية فرص وظيفية نسائية تنفيذا لما جاء بخطاب خادم الحرمين الشريفين؟
* م. خالد: ليس هناك ما يمنع من توظيف المرأة في اي مكان ان كان ذلك بما يتفق مع تعاليم ديننا ومع عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية. ولان القطار خدمة للرجال والنساء على حد سواء فهناك موظفات في الخطوط الحديدية الان لكن الاعداد ليست كبيرة بل حسب الحاجة.
* م. اسامة: التقنيات الحديثة تكفل للمرأة فرصا وظيفية مناسبة وتكفل لها عدم الاختلاط كالعمل في ادخال البيانات عن طريق الحاسب الالي فهذه الوظيفة اذا اتجهت اليها فتياتنا قد تكون للنساء فقط يوما ما لما فيها من الخصوصية وملاءمة تقاليد مجتمعنا. والمرأة السعودية قادرة على دخول هذا المجال لانها اثبتت من قبل نجاحا واقتدارا في العمل الاداري والمحاسبي اضافة الى حقلي الصحة والتعليم ولاننسى نجاحها في مجالي الاعلام والتسويق ايضا.
مراجعة الانظمة الادارية
اليوم: ننتقل الى محور اخر موضوعه مراجعة الانظمة المعمول بها في اداراتنا وتهذيبها من الازدواجية والتداخل؟
* م. اسامة: مجلس الشورى وعد بدراسة مجمل الانظمة في المرافق الحكومية وهذا الوعد بحاجة لدراسات وعد المجلس ايضا بالقيام بها. وقد بدات الدراسات بالفعل من الدورة السابقة ولاتزال مستمرة وستؤتي اكلها ان شاء الله.
بعض الانظمة لدينا معمول بها منذ اكثر من اربعين سنة ولابد من اعادة النظر فيها ونحن في عصر الحكومة الاليكترونية. وعندما نعيد النظر في انظمتنا فاننا نقطع دابر الروتين لنقطف الثمار يانعة متمثلة في حل مشاكل البطالة لان رهاننا المستقبلي القادم هو توفير اكبر عدد من الوظائف للشباب السعودي الذي يعاني البطالة رغم مؤهلاته.
الحوار قيمة مطلوبة
اليوم : الحوار قيمة مطلوبة، كيف نعزز هذه القيمة؟
* اسامة : المسار العقلاني المنفتح على الآخر يحتاج منا مزيدا من التأصيل ونحن مكلفون بنشر القيمة التسامحية التي تم نشر الاسلام بها في انحاء المعمورة دون اللجوء الى منطق القوة واستخدام السلاح. والخطاب التسامحي هو وحده القادر على البقاء اليوم في عصر تتعدد فيه الثقافات وتتعدد فيه المناخات الثقافية.
ولان للمملكة خصوصيتها فلها خطابها الخاص ايضا متمثلا في وجود الحرمين الشريفين فيها. اذا فالمملكة هي اصل المخزون الثقافي الاسلامي والعربي ولكن هذه الخصوصية لاتعفينا من الوصول الى الآخر. وعلينا الوصول الى الآخر الذي لا يعني الغرب بالضرورة بل يعني المختلف ثقافيا الموجود في الدولة العربية الذي قد يكون منشأه خلافا فقهيا في شرح جزئية ولكنه يعد خلافا على اية حال، وهذا الخلاف ليس في اصول العقيدة المتفق عليها بالاجماع لكن في بعض الجزئيات الفرعية بسبب اختلاف الزوايا التي ينظر منها المجتهدون حينما يتناولون نصا.
في غياب الحوارية او عند ضعف تأثيرها يجنح البعض من غير المتعمقين الى الغلو والتطرف وقد عانت وتعاني المملكة تبعات هذا السلوك غير السوي. والحل ان نجعل الحوار قيمة دائمة كسلوك يومي وليس كردة فعل لاننا الآن نحلل السلوكيات المستهجنة بعد وقوعها ثم نقيم الحوارات على الانقاض بينما الاصوب ان يكون الحوار سلوكا يوميا يحمي الشباب من الآفات السلوكية بخلخلة التربة تحتها باستمرار حتى لاتبقى لها بذور وجذور تنمو. الحوار كقيمة ينبغي ان يكون متجذرا في تربيتنا وتعليمنا واعلامنا حتى تتحول القيمة من مفهوم الى سلوك.
العطية : أتفق مع كل ما جاء على لسان زميلي الاستاذ اسامة في الاجابة السابقة وادعو الى جعل الحوار مادة اساسية في مناهجنا التعليمية من الآن فصاعدا ليكون الحوار لدى شبابنا علما بوعي وممارسة باقتناع لان الوضع الآن مختلف تماما حيث ننتظر الشخص الآخر حتى يتحدث ثم ننقض عليه متصيدين أخطاءه وزلات لسانه ايضا!! نحن نجهل ابسط اساسيات لغة الحوار وعندما يتحدث متحدث لانصغي لنستوعب ما يقول بل نجهز انفسنا للهجوم الكاسح عليه بعد آخر كلمة ينطقها فهل هذا هو الحوار؟ هذا منطق عليل عفا عليه الزمن ولابد من تعليم ناشئتنا كيفية الحوار كما نعلمهم كيف يقرأون وكيف يكتبون وكما يعلم المدرب لاعبيه كيف يواجهون كل موقف.
الهيكلية الحكومية الجديدة
اليوم : كيف ترون اهمية اعادة الهيكلة الحكومية وفق المفاهيم المطروحة مع متطلبات التطور السريع المتلاحق؟
* العطية : نستبشر خيرا بالهيكلية الحكومية الجديدة وما تضمنتها من دمج والغاء دون ان يعني الالغاء عدم وجود جدوى من الاساس ذلك ان الالغاء قد يعني انتهاء الغرض من ايجاد هذا القطاع او ذاك وهنا يكون الالغاء افضل من استمراره عالة على قطاع آخر.
والهيكلية الجديدة ليست خاتمة المطاف بل بداية الكثير والمزيد من النجاحات والانجازات. وحتى لا نبخس الناس اشياءهم نعترف بوجود انظمة وضعت حديثا وهي جيدة كأنظمة التقاضي والمرافعات والمحاماة وحقوق الملكية الفردية وغيرها.
وفي المقابل هناك انظمة لابد فيها من تحديث مستمر كأنظمة العمل والعمال وانظمة الشركات, كما ان الاجراءات طويلة وكثيرة وبحاجة لتعديلات جوهرية بالتركيز على الاكثر اهمية واسقاط ما عدا ذلك كما جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين عن المراجعة الذاتية والاصلاح مع الشفافية. ولا نستطيع الجزم بأن وجود الثغرات وتعقيد الاجراءات مسلك حكومي بحت بل نرى انه ربما كان تقصيرا من موظف بحاجة الى تدريب ليستوعب مفردات العمل على الوجه الصحيح، وربما كان اجتهادا فرديا في تفسير قرار بأكثر من معنى واكثر من تأويل. وهنا لابد ان يكون النظام ثم اللائحة ثم لوائح تفسيرية دقيقة منعا لاي سوء فهم قد ينتج من التفسير والتفسير المضاد. ومن ابرز ما جاء في خطاب خادم الحرمين الشريفين الرقابة على الاداء الحكومي وعلى الجهات الرقابية في الدولة تعزيز هذا الاتجاه والقيام بدورها الرقابي على أكمل وجه على ان لا تكون الرقابة لتصيد الاخطاء من خلال الزيارات الفجائية بل بالتوجيهات التي من شأنها اصلاح الخلل لتستقيم الامور.
الفقر مشكلة عالمية
اليوم : الخطاب الملكي ركز على ما يهم المواطن بالدرجة الاولى في حياته اليومية كمشكلة الفقر ما تعليقكم؟
* أ. اسامة : الفقر مشكلة عالمية متفاوتة الحدة من دولة لاخرى دون ان تكون في العالم دولة واحدة استأصلت الفقر تماما.
ما يعنينا في المملكة تلك اللفتة الكريمة من سمو ولي العهد حين زار احياء داخل العاصمة تعيش هذه الظاهرة بشكل مؤلم.. وجاءت في خطاب خادم الحرمين الشريفين عبارة (تأصيل المعالجة الفعالة للظاهرة) وهي عبارة لها مدلولاتها الخاصة لانها هناك تشير الى آليات تطبيق ومسح شامل ومعالجة متكاملة للظاهرة أود بصفة خاصة ان اتوقف عند الجمعيات الخيرية لان المواطن مسؤول عن المشاركة في علاج الظاهرة دون انتظار الحل الجاهز من الحكومة التي لها آلياتها المختلفة. ودور المواطن يتمثل في الاستجابة للنداءات الاغاثية الطوعية بالتبرع المستمر للجمعيات الخيرية او التفاعل الايجابي مع الكوارث بمد يد المساعدة والعون.
وأرى ان المجتمع السعودي بلا استثناء مجتمع كريم يهب لنجدة واغاثة المنكوبين وضحايا الكوارث اينما كانوا وهذه صفة حميدة نسأل الله ان يجعلها دائمة في مجتمعنا. اما بالنسبة لفقراء الداخل فلا يكفي انتظار النداء لتحدث الاستجابة بل لابد من تنظيم الدعم الخيري للأسر الفقيرة عبر قنوات ايصال الدعم للمحتاجين كجمعيات البر الخيرية التي آن لها ان تكثف نشاطاتها وتقوم بدورها بصورة تفوق المعمول به في السابق.
وحتى لا تتفاقم الظاهرة باهمالنا لها ندعو الى تفعيل نداءات وزيارات القيادة الرشيدة قبل ان تتفشى فينا الامراض الاجتماعية الخطيرة الناتجة عن ظاهرة الفقر كالجرائم الامنية والاخلاقية.
ونحن عندما ننادي بالتركيز على فقراء الداخل لا نعفي بلادنا من مسؤولياتها تجاه المسلمين في كل العالم ولكن نؤكد ان لكل مجتمع خصوصيته التي ينبغي ان تؤخذ في الاعتبار حتى لا يطغى الهم العام على الهم الخاص بمعنى ان اهتمامنا بفقراء العالم الاسلامي ينبغي ان لاينسينا فقراء بلادنا، وهذا لايقلل من ايماننا بشمولية الاسلام ونصرة المسلم اينما كان فقد جاء في الاثر (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ولكن هناك تعاليم اسلامية تشدد على ان الاقربين اولى بالمعروف وتؤصل قيمة الاهتمام بالمجتمع المحلي. وعلى خطبائنا ومن هم في مقامهم التركيز على هذه القيمة المميزة.
الثالوث الخطير يهددننا!
اليوم : نشوء الفكر المتطرف وترويع الآمنين ظاهرة جديدة في مجتمعنا! ما تحليلكم وتعليقكم ووجهة نظركم؟
* أ. اسامة : تضافر ثالوث خطير في نشوء الفكر حتى اصبح يمثل أسوأ الظواهر السلبية في مجتمعنا وهذا الثالوث المدمر يتكون من الفقر والخطاب المضاد وغياب الحوار. ويحتاج التصدي لهذه الظاهرة بأبعادها الثلاثية وقفة متأنية وأتمنى ان لا نسارع بالتصدي للظاهرة بآلية ردود الافعال بل نعمل بتؤده على تبني خطاب منفتح لتكون نتائجه بعيدة المدى وليست سريعة العائد لان تأصيل الخطاب الحواري المتسامح هو الكفيل باحتضان أجيالنا الحالية والقادمة التي تتشكل بعيدا عن اعلامنا وبعيدا عن رؤيتنا التربوية.
ان الشخص الذي تحتويه بعض الافكار غير السوية وتغذيه بعض المنتديات ذات التوجهات الخاصة سيكون هو نفسه اول ضحايا معتقداته المتطرفة التي آمن بها وعندما يصل هذه الدرجة سيعمل على ايقاع ضحايا آخرين. ولم نسمع على مدى تاريخنا الطويل ان يقدم شاب سعودي على الانتحار بهذه الطريقة التفجيرية! فهذه سابقة تجعلنا نقر بأننا أمام خطاب تجذر لدى البعض لدرجة اقناعهم بالانتحار. ولا داعي للاستعجال لاننا امام خطاب ليس ضعيفا ولا اعتباطيا عارضا بل خطاب له جذوره وله انصاره ومؤيدوه الذين قد يكونون قلة ولكنها قلة موجودة لاينبغي الاستخفاف بها. ومثل هذا الخطاب بحاجة لتفكيك كل جزئياته بتمهل وصبر واناة، ومؤسساتنا الدينية والتربوية والاعلامية. قادرة على اقامة منهج تحليلي يقيم الحجة في مناقشة وتفكيك مثل هذا الخطاب المتطرف.
العطية : الارهاب بكل معانيه ومختلف مسمياته نبت فجأة في مجتمعنا دون بذور ولا جذور ولاينبغي علينا اضاعة الوقت في البحث عن جذور نبت لا جذور له بل علينا ان نبدأ فورا في العلاج.
واتفق مع ما ذكره الدكتور اسامة بأن المسارعة بتحليل ردود الفعل لاتوصلنا الى الحل الجذري المنشود بل علينا تحليل الاسباب والدوافع التي ربما تكون درجة من الاحباط او الشعور بالنقص او حياة البطالة او غير ذلك مما يحتاج لدراسات اجتماعية متعمقة كالفقر.
فيما يتعلق بالفقر أرى ان سمو الأمير عبدالله كان في قمة الشجاعة حين طرح الموضوع بشكل علني بعيدا عن التظاهر الاجوف بالغنى والثراء. وقد كان سموه صائبا في طرحه وتوجيهاته لان الفقر ليس عيبا ولا وصمة عار وأولى خطوات الحل الاعتراف بالمشكلة ومواجهتها كما فعل سموه. وباذن الله ستؤدي الدراسات الى نتائج طيبة.
م.خالد اليحيي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.