يقول محللون ان لبنان باصداره اذون خزانة للمرة الاولى منذ تسعة اشهر يضيع فرصة ذهبية لتطبيق اصلاحات اقتصادية ويهوي من جديد في غمرة الاستدانة لخدمة اعباء دين يزيد على 30 مليار دولار. وقد أقام لبنان الاسبوع المنصرم مزادا لاذون الخزانة لآجال سنة وسنتين وثلاث سنوات بعد توقف دفعت اليه قمة المانحين العام الماضي التي اسفرت عن تعهدات بتقديم قروض ميسرة قيمتها اكثر من اربعة مليارات دولار وكذلك اتفاق مع البنوك المحلية على اقراضها نفس المبلغ بغير فائدة. وتقول وزارة المالية انها استنفدت هذه السيولة النقدية. وقال نصيب غبريل رئيس البحوث في مؤسسة سرادار انفستمنت انهم أحسنوا استغلال الاموال لكنهم لم يتابعوا تنفيذ الاصلاحات الاخرى تخفيض الانفاق والخصخصة والتوريق. واضاف قوله الاموال ليست سوى خطوة اولى وليست حلا. واستخدم لبنان السيولة النقدية التي اتيحت له من البنوك ومؤتمر باريس 2 للمانحين كما سمته الدولة المضيفة فرنسا في مبادلة ديون مرتفعة الفائدة يحين اجل استحقاقها قريبا بقروض اطول اجلا واقل فائدة في خطوة يقول محللون انها من المرجح ان تقلل اعباء خدمة الدين. وقال مصرف لبنان المركزي يوم الثلاثاء انه قبل عوائد تتراوح بين85ر6 و72ر8 في المائة على الاذون وهو ما يقل كثيرا عن الاسعار التي تزيد على 16 في المائة التي كانت قائمة قبل مؤتمر باريس. وقال جهاد عزور مستشار وزارة المالية قلنا من البداية انه حينما ينتهي فائض السيولة المقدمة من باريس 2 فان الخزانة ستعود الى السوق مثل كل الحكومات. واضاف قوله استقر الدين لكنه لن يحدث انخفاض حتي نقوم بخطوات التوريق والخصخصة. واخرت الخلافات السياسية قبل انتخابات الرئاسة العام المقبل الاصلاحات الاقتصادية ومنها الخصخصة التي طال انتظارها التي تم التعهد بها للمانحين الدوليين في مؤتمر باريس. وقال جيمس ماكورماك كبير مدير الديون السيادية في مؤسسة فيتش في لندن لا أقول انهم عادوا الى حيث بدأوا لكنهم لم يستغلوا المتنفس الذي سنح لهم بعد باريس 2 احسن استغلال. وعزز مؤتمر باريس معنويات السوق ورفع الليرة اللبنانية التي كانت تتعرض لضغوط مع تزايد المخاوف بشان قدرة لبنان على الوفاء باعباء خدمة دين يستهلك معظم عائدات الحكومة ويخنق النمو الاقتصادي. غير ان الثقة بدأت تترنح ثانية حينما تعثر بيع مزمع لترخيص ثان لخدمات الهاتف المحمول في غمرة خلافات سياسية وتزايدت المعارضة العامة لتخفيضات الانفاق وزيادة الضرائب. وقال الخبير الاقتصادي مروان اسكندر الدين سيزداد لا محالة. واضاف قوله الخصخصة لا تبدو انها ستكون الشهر القادم او الذي يليه وحينما تأتي فانها ستساعد على تقليل سرعة زيادة الدين لا أكثر. واعرب محللون ايضا عن خيبة الامل لمشروع ميزانية عام 2004 الذي ينطوي على عجز اكبر يصل الى 32 في المائة من الانفاق مقارنة مع العجز المستهدف هذا العام ونسبته 25 في المائة والذي قال لبنان انه لن يتمكن من تحقيقه. وكان عجز الميزانية قد بلغ اكثر من 37 في المائة بنهاية سبتمبر ايلول. ويتوقع المصرفيون ان تكون اسعار الفائدة مستقرة او تنخفض على الاجل القصير لكنهم يحذرون من ان تكلفة الاقتراض قد تقفز مرة اخرى العام القادم اذا لم يخطو لبنان خطوات واسعة نحو الاصلاح. ومن المتوقع ان تستهلك بنوك لبنان التي تحوز فعلا معظم اوراق الدين بالليرة اللبنانية قدرا كبيرا من السيولة لاستيعاب اذون الخزانة الجديدة. وكانت هذه البنوك طوال شهور تشتري شهادات الايداع الخاصة التي يزيد العائد عليها عن 12 في المائة والتي تطلبت منهم بيع دولارات للبنك المركزي مما انعش احتياطات البلاد المستنزفة من النقد الاجنبي. وقال محللون ان لبنان لا يواجه ازمة مالية وشيكة اذا قصر في تنفيذ خطوات الاصلاح العام المقبل لانه لديه سيولة كافية لاسترداد الاذون والسندات الدولية التي حان استحقاقها وقيمتها مليارات الدولارات.