قفزت أسعار مزيج برنت خام القياس الاوروبي الى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من عامين في المعاملات الآجلة في بورصة البترول الدولية مع نهاية عام 2002 عند 30.77 دولارللبرميل مدعومه بتزايد المخاوف من هجوم امريكي محتمل على العراق وإضراب أصاب صادرات النفط في فنزويلا بالشلل. وشهدت أسواق النفط العالمية عام 2002، موجة من عدم الاستقرار، فبعد الارتفاعات التى شهدتها الأسعار عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 بدأت الأسعار العالمية للنفط تتجه نحو الانخفاض الشديد لتقترب من 20 دولارا للبرميل، ولعل هذا ما دفع إلى اتخاذ أوبك قرارها بخفض الانتاج بمقدار 1.5 برميل يوميا مع مطلع عام 2002 بنسبة 6.5% من اجمالى إنتاجها. انخفاض مطلع 2002 ومع مطلع عام 2002 وعلى خلفية قرار أوبك ومع دخول فصل الشتاء وزيادة الطلب على النفط وزيت التدفئة وتفاقم الأوضاع فى الشرق الأوسط بدأت الأسعار العالمية للنفط فى الارتفاع فبلغ خام برنت فى لندن 21 دولار للبرميل لتبدأ بذلك أسعار النفط سلسلة ارتفاعاتها لاول مرة خلال عام 2002. الا ان السوق قد تعرضت لعوامل نزول في أعقاب ورود تقارير عن صعود مخزونات النفط والبنزين ووقود التدفئة الأمريكية، وهو ما يفصح عن تباطؤ الطلب الموسمي على عكس المعتاد في ذلك الوقت من العام، مما ادى إلى تراجع الأسعار عند أدنى مستوى لها هذا العام، حيث بلغ 18.83 دولار للبرميل وبلغ الخام الأميركي الخفيف خام غرب تكساس الوسيط في عقود مارس 19.09 دولار للبرميل. ووسط تدنى الأسعار أعلن العراق انه لن يسمح بعودة المفتشين الدوليين للأسلحة، مما أثار مخاوف من توجيه ضربة عسكرية أمريكية للعراق. وبذلك بدأت الأزمة العراقية تفرض نفسها على الأسواق العالمية للنفط ليرتفع سعر برميل برنت ليصل الى 23.81 دولارا للبرميل فى الوقت الذي قادت فيه المضاربات السوق لمزيد من الصعود. الابقاء على قيود الانتاج وقررت أوبك فى اجتماعها فى منتصف مارس 2002 البقاء على قيود الانتاج دون أي تغير، لتدفع الأسعار إلى 25.15 دولارا للبرميل بالنسبة لخام برنت ليكون بذلك قد تخطى 25 دولارا لأول مرة منذ ستة أشهر. وتجاوز الخام الأمريكي الخفيف هو الآخر 25 دولارا للبرميل لأول مرة منذ سبتمبر2001. ارتفاع مع توتر سياسي ومع تزايد حدة النزاع فى الشرق الأوسط شهدت الأسعار مع بداية شهر أبريل قفزة في الأسعار على خلفية مخاوف سوق النفط العالمية من اتساع رقعة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ليشمل منتجين رئيسيين للنفط. وسرعان ما أذكت هذه المخاوف مطالبةُ بعض الدول العربية بفرض حظر على تصدير النفط على غرار الحظر الذي فرضته الدول العربية إبان حرب عام 1973، ليبلغ سعر برميل برنت 27.66 دولار للبرميل و 28 دولار للخام الامريكى وهو أعلى سعر يحققه منذ سبتمبر2001. وتراجعت أسعار النفط عن أعلى مستوى لها في ستة أشهر بعد نشر بيانات أظهرت زيادة كبيرة في مستويات المخزونات الإستراتيجية للولايات المتحدة من الخام، وهو ما حد من مخاوف من إمكانية حدوث اضطراب في إمدادات النفط من الشرق الأوسط. ليتراجع سعر برميل خام برنت تسليم شهر مايو72 سنتا ويستقر عند 26.94 دولار. وهبط الخام الأميركي الخفيف إلى 27.71 دولار للبرميل. روسيا تتخلى عن القيود وفى منتصف شهر مايو أعلنت روسيا عن تخليها عن القيود النفطية المفروضة على صادرتها النفطية تدريجيا على مدى شهرين ليهبط سعر مزيج برنت القياسي الأوروبي بلندن الى 26.20 دولار للبرميل وزاد من تدهور الأسعار القرار الصادر عن قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج بوش في موسكو، والتى كشفت عن إطلاق حوار جديد بشأن شؤون الطاقة بين البلدين. أوبك تبقي على القيود وفى يونيو ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1% بعد أن حذرت بغداد من أن صادرات الخام العراقية قد تتوقف بسبب تأخر الأممالمتحدة في الموافقة على أسعار المبيعات. وفى أواخر شهر يونيو قررت أوبك فى اجتماعها الثانى خلال عام 2002 إبقاء سقف الإنتاج الحالي البالغ 21.7 مليون برميل يوميا دون تغيير لدعم الأسعار فوق مستوى 25 دولارا للبرميل. نيجيريا تنتقد وفى أغسطس ومع توجيه نيجيريا انتقادات لسياسات أوبك اتجهت أسعار النفط للانخفاض، حيث قال وزير المالية النيجيري آدامو سيروما إن ميزانية بلاده تأثرت بخفض أوبك لإنتاج النفط والذي سيقلص العائدات بمقدار 1.7 مليار دولار هذا العام، وأشار إلى أن جميع المكاسب التي تحققت من ارتفاع أسعار النفط سابقا تبددت بسبب هذا الخفض. وتردد الأنباء حول انسحاب نيجيريا من أوبك وتلميح العراق بعودة المفتشين لتنخفض أسعار مزيج برنت إلى أدنى من 25 دولارا للبرميل والخام الامريكى الخفيف إلى أدنى من 26 دولارا للبرميل. لكن سرعان ما عادت الأسعار إلى الارتفاع مع نفى نيجيريا ما تردد عن انسحابها من أوبك واكتفت بالمطالبة بحصة اكبر داخل أوبك، لتعود الأسعار للارتفاع عند 25.53 دولار للبرميل برنت و 27.05 دولار لبرميل الخام الامريكى الخفيف. وتدور في منطقة الخطر وللمرة الأولى فى 15 شهر تجاوزت أسعار النفط العالمية حاجز الثلاثين دولارا للبرميل يوم 21 أغسطس لتدخل أسعار النفط بذلك منطقة الخطر بالنسبة للدول الغربية المستهلكة مع تنامي المخاوف من هجوم عسكري أميركي محتمل على العراق. حيث قفز سعر الخام الأميركي الخفيف للعقود تسليم سبتمبر في سوق نايمكس بنيويورك إلى 30.32 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى لأسعار العقود الآجلة منذ 23 مايو العام الماضي عندما سجلت 30.05 دولار. إلا ان تردد الأنباء عن زيادة أوبك للإنتاج فى اجتماعها فى 19 سبتمبر وتجاوزات بعض دول أوبك حصصها قد دفع الأسعار للانخفاض عن أعلى مستوياتها. قلق من تهديدات الحرب ومع أوائل شهر سبتمبر ارتفع سعر خام برنت الأوروبي مدعوما بانخفاض حاد في إمدادات الطاقة الأمريكية واستمرار القلق من شن الولاياتالمتحدة عملا عسكريا على العراق. فبلغ سعر برميل برنت 27.48 دولار بينما بلغ سعر الخام الأمريكي الخفيف 28.68 دولار للبرميل. ورغم ضغوط الدول المستهلكة اتفق وزراء النفط في منظمة الأقطار المصدرة للنفط أوبك خلال اجتماعهم الثالث خلال عام 2002 على الإبقاء على مستويات إنتاج الخام دون تغيير في الربع الأخير من العام, بينما تعهدوا بزيادة الإنتاج إذا ما ارتفعت أسعار النفط فوق الحد الأعلى لها والبالغ 28 دولارا للبرميل. وعقب ذلك القرار ارتفعت أسعار النفط إلى مستوى جديد لم تشهده منذ 19 شهرا وسط مخاوف من التهديد المتزايد بشن هجوم أميركي على العراق ليبلغ سعر العقود الآجلة للخام الأميركي 30.48 دولار للبرميل. وارتفع سعر سلة خامات نفط المنظمة السبعة إلى الحد الأقصى للنطاق السعري المستهدف بين 22 و28 دولارا للبرميل, وبلغ 28.28 دولار للبرميل عند أعلى مستوى له منذ عامين. ارتفاع المخزون الامريكي وفى شهر أكتوبر وفي أعقاب موافقة العراق على استئناف عمليات التفتيش على الأسلحة في محادثات مع خبراء الأممالمتحدة بفيينا انخفضت أسعار مزيج برنت الخام الى 29.24 دولار للبرميل وانخفض سعر الخام الأمريكي الخفيف في عقود سوق نايمكس لشهر نوفمبر 17 سنتا إلى 31 دولارا للبرميل. وشهدت الأسواق مزيدا من الانخفاض اثر إعلان معهد البترول الأمريكي إن مخزونات الخام الأمريكي قفزت 9.4 مليون برميل مع عودة الإنتاج الأميركي إلى طبيعته بعد تعطله الشهر الماضي بسبب عاصفتين، لينخفض سعر مزيج برنت القياسي إلى 27.77 دولار للبرميل، كما انخفض سعر الخام الأمريكي الخفيف في عقود نوفمبر إلى 29.33 دولار للبرميل. ومع استمرار الضغوط على النفط بسبب الإقبال على البيع لجني الأرباح وتجاوز دول أوبك حصصها الإنتاجية في وقت استمرت فيه المشاورات عن العراق في الأممالمتحدة. انخفض مزيج برنت إلى 25.45 دولار للبرميل. أما النفط الأمريكي الخفيف فقد انخفض إلى 27.15 دولار للبرميل. وفى شهر نوفمبر ادى وفرة المعروض ونمو المخزون الأمريكي إلى مواصلة أسعار النفط سلسة انخفاضاتها، فهبط سعر برنت في عقود ديسمبر إلى 24 دولارا للبرميل عند أدنى مستوى في 19 أسبوعا. وانخفض سعر الخام الأمريكي الخفيف ببورصة نايمكس إلى أدنى مستوى في 17 أسبوعا. الإضراب الفنزويلي يرفع الأسعار وفى شهر ديسمبر شهدت أسعار النفط موجة من الارتفاعات بعد إغلاق موانئ تحميل ناقلات النفط في فنزويلا التي تعد خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم, تسبب فيه إضراب دعت إليه المعارضة بجانب زيادة احتمالات توجيه ضربة عسكرية للعراق، ليقفز خام القياس الدولي مزيج برنت بنسبة 2.5% إلى 25.80 دولار وارتفعت أسعار الخام الأمريكي الخفيف بنسبة 2.1% إلى 27.28 دولار للبرميل. ومع استمرار الإضراب في فنزويلا واحتمال الحرب في العراق والتوتر في كوريا الشمالية ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال عامين فى نيويورك عند 32.80 دولار. ولم تبلغ أسعار النفط في السوق الأميركي هذا المستوى منذ ديسمبر 2000. فبلغ سعر برميل برنت 30.30 دولار مسجلا أعلى مستوى له منذ هجمات 11 سبتمبر 2001.وبذلك تنهى أسعار النفط عاما حافلا بالعديد من الأحداث التى أثرت بالسلب والإيجاب على السوق وليسجل بذلك عاما مليئا بحالة عدم الاستقرار على خلفية الأحداث السياسية التى شهدها العالم عام 2002.