لو كان الفيس بوك دولة لكان ثالث أكبر دولة بعد الصين والهند بعدد السكان. فقد أحدث تأثيراً واسعاً على حياة الناس وأصبح من النادر أن تجد شخصاً يدخل الانترنت ليس لديه حساباً على الفيس بوك. عدد السعوديين على الفيس بوك يقدر بأكثر من مليونين «مواطن فيس بوكي» . وقد شكلوا مجتمعاً، متقاطعاً مع المجتمع الواقعي. تواجد المراهقون، وأصحاب البزنسن، والكتاب والإعلاميون. وكان الوزير خوجة وزير الثقافة والإعلام أول وزير يدشن حساباً شخصيا ويتواصل عبره «وبنفسه» مع أصدقائه والمنضمين إلى صفحته. بعد فترة من ترسخ مكانة الفيس بوك أصبح أحد وسائل النشر، بل أنه أخذ دور الريادة في وسائل الإعلام الجديد؛ وخصوصاً في القضايا التي لا تجد من ينشرها في وسائل الإعلام الورقية والرسمية. فقاد ناشطون حملات احتجاج ضد أمور معينة، وقاد آخرون حملات تأييد لبعض ما يرونه بحاجة لتأييد.. فقد تم تدشين حملات سعودية كثيرة على الفيس بوك منها ؛ حملة كفى إحراجا لمعارضة بيع الرجال للملابس الداخلية النسائية. وحملة «كفى عضلا» للاحتجاج على بعض الآباء الذين يعيقون بناتهم الموظفات من الزواج طمعا برواتبهن.. وحملة أطلقها ناشطون طالبوا بالإفراج عن السعودية سمر بدوي وتم لهم ما أرادوا بعد فترة وجيزة من إطلاق حملتهم! وقاد آخرون أيضاً حملة لمقاطعة بندة عندما قررت توظيف محاسبات زبائن “كاشييرات”. وكذلك حملات التطوع ابّان «كارثة جدة».. وقاد آخرون حملة مضادة. وأصبح الفيس بوك مصدراً مهما من مصادر الصحف ووسائل الاعلام. ترى كيف ينظر الإعلاميون أنفسهم إلى دور الفيس بوك؟ يعتقد محمود صباغ [رئيس تحرير مجلة بكة] أن تطبيقات الإعلام التواصلي كالفيس بوك والتويتر واليوتيوب، وأجهزة الاتصال الحديثة مثل البلاك بيري والآي فون والآي باد.. قد كسرت احتكار القنوات الإعلامية التقليدية للخبر، وقدمت رافدا موازياً بزّ الإعلام التقليدي والرسمي في كثير من المواقف والحالات، حيث أثبت الإعلام التفاعلي -وصنوه الإعلام الجديد- قوة تأثير وضغط كبيرة في قضايا عامة، كما شكّل أداة تنظيم وحشد إزاء حالات طارئة كما في كوارث جدة وكوارث الرياض، حيث انطلقت شرارة العمل الأهلي التطوعي من دوائر الفايسبوك والتويتر .. ويضيف الصباغ إن تطبيق الفايسبوك قدم قناة موازية، سدّت وان نسبياً الفراغ الذي خلفه غياب مؤسسات المجتمع المدني في أرض الواقع، على مستوى القضايا العامة والميدانية والأنشطة الاجتماعية والثقافية، كما قدم وسيلة (إعلام) جديد بشقيه من خبر ورأي، تميّز عن الإعلام التقليدي في ديناميكيته وسرعته وجرأته.. وان كان للإعلام التقليدي الصوت الأعلى من زاوية المصداقية والرواج كونه يتبع مؤسسات إعلامية كبرى لها تقاليدها وأطرها المهنية المتعارف عليها .. ويعتقد الصباغ أن للفيس بوك دوراً في رفع سقف حرية التعبير فقد «قلّص كثيراً من الحساسيات الموجودة من ناحية حرية التعبير والنقد»، وذلك على خلاف «المنتديات الالكترونية» لأن النقد فيه يتم على الأغلب بالأسماء والشخوص الحقيقية، لا المستعارة ، وهو نقطة تطور ايجابية للمجتمع .. أما عن استغلال الفيس بوك إعلامياً فيعترف لا يستغل الفيس بوك كوسيلة تواصل اعلامي ذات بال، بل يستخدمه للترويح الذاتي والتواصل الاجتماعي المحض، فهو لا يقبل «سوى إضافة الأشخاص التي أكون على معرفة مسبقة بها.. على عكس التويتر الذي استخدمه لتبادل الروابط الالكترونية لمقالاتي أو للمقالات التي أعتقد أن بها ما يميزها» أما فهد سعود [مدير تحرير العربية نت] فهو يرى أن الإفادة من الفيس بوك تتم عن «طريق التواصل ومشاركة الأخبار والفيديو» وكذلك يتيح للإعلاميين والكتاب طرح إنتاجهم الفكري والأدبي والاجتماعي أمام القراء. ويعتقد أن تأثير الفيس بوك كبيراً جداً،«بل يكاد يكون أكثر أهمية من وسائل إعلام كثيرة». ويرى أنه وسيلة مهمة للتعبير عن الرأي العام بكل حرية وبعيدا عن القيود التي تفرضها وسائل الإعلام. ف «تأثيرها أصبح واضح ولا يحتاج إلى مجهر لرؤيته» وعن الحملات التي قادها ناشطون بخصوص قضايا معينة فهو يرى أن «الكل يعرف تأثير هذه الحملات على صناع القرار. وانتشارها الكبير». ويستغل الفيس بوك في نشر تقاريره التي يكتبها. وأيضا المقابلات الصحافية التي يجريها في القنوات وكذلك في كتابة خواطر وآراء ومشاركة الآخرين الأفكار والتواصل. لقد منح الفيس بوك لكل شخص وسيلة نشر لا يتحكم بها إلا هو وقوانين الفيس بوك نفسه المرتفعة السقف؛ لكن الأهم أنه أقام الروابط والتشارك التبادل بين الناس مما جعلهم قوة مؤثرة لا يستهان بها.