تبنى باعة جائلون في حراج الصواريخ بجدة، فكرة إجراء مسابقة للترويج لأجهزة كهربائية مجهولة الصنع رخيصة السعر، يعرضونها في سياراتهم على قارعة الطريق بشكل سافر مستخدمين مكبرات صوت لجذب الزبائن البسطاء يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع. وفي جولة ل"الوطن" داخل السوق، وجدت سيارات محملة بالأجهزة الكهربائية يلتف حولها جمع غفير من المتسوقين البسطاء الذين يجدون في أسعار تلك الأجهزة مغنما لهم فأسعارها في متناول أيديهم، وهيئتها جيدة، فيقف البائع معلنا بداية البيع عن طريق المزاد لكنه يبدأ بطرح أسئلة عليهم في غاية البساطة فما أن يجيب أحد إلا ويعطيه جهازا هدية، ومن ثم تبدأ مرحلة البيع وفي وقت قصير تنتهي المهمة وتفرغ حمولة السيارات. والذي يلفت الانتباه أن عملية البيع والشراء هذه لا تعترضها أية جهة رقابية، مما يجعل التساؤلات تتدافع إلى ذهنك عن هوية البائعين ومدى نظاميتهم، وإلى أية جهة يتبعون، ومن يدفع فرق الأسعار لهم، وهل هذه الأجهزة مطابقة للمواصفات والمقاييس السعودية، وكيف دخلت إلى السوق السعودي، أم هذه المنطقة خارج تغطية الأجهزة الرقابية، وهل اتساع السوق وزيادة أعداد محلاته التي تصل إلى ما يقرب من ألفي محل ومثلها من البسطات أعطت فرصة سانحة لممارسة نوع من التجارة مشكوك في أمرها. وتوجهت " الوطن" إلى صاحب إحدى السيارات ويدعى أبو عطية للاستفسار عن مصدر تلك الأجهزة، فأشار إلى أنه يشتريها من تجار الجملة في سوق الجنوبية بجدة بأسعار زهيدة، مؤكدا أنها ليست مقلدة، معترفا بأنها مجهولة مصدر الصنع. ولفت إلى وجود زبائن لهم من أنحاء مختلفة في المملكة، بل ومن زوارها من الحجاج والمعتمرين، حيث يأخذونها هدايا لذويهم وذلك لانخفاض ثمنها مقارنة بمثيلاتها من الماركات المعروفة، مفيدا بتعرضه وزملائه أحيانا للمساءلة من مراقبي الأمانة مما يعطل عملية البيع. وبسؤال أحد التجار بسوق الجنوبية للأجهزة الكهربائية يدعى سعيد الشاطري عن هذه الأجهزة، أفاد بأنهم يشترونها من الصين وتدخل بطرق نظامية، حيث يستلمونها عن طريق الميناء الإسلامي، مفيدا برخص أسعارها في الصين، غير أنه لا يوجد وكيل رسمي لها بالمملكة. من جهته، أكد مدير الرقابة التجارية بأمانة محافظة جدة سليمان المحيميد، وجود أربع سيارات لبيع الأجهزة الكهربائية داخل حراج الصواريخ، مشيرا إلى قيام لجنة مكونة من الرقابة التجارية ووزارة التجارة والشرطة بضبط تلك الأجهزة وإرسال عينات لوزارة التجارة، حيث ثبت أنها غير مقلدة، موضحا وجود فواتير مع أصحابها تثبت شراءهم لها من التجار بسوق الجنوبية، مفيدا بتسجيل مخالفات عليهم حسب الأنظمة. وأضاف، أن البعض منهم يقوم بوضع علامات تجارية على تلك الأجهزة لشركات معروفة، مما يؤدي إلى مصادرتها من قبل وزارة التجارة وتغريمهم، لافتا إلى تلقي عدد من الشكاوى من أصحاب المحلات عن هذه الظاهرة. ولفت إلى ضبط مستودعات فيها بضاعة عليها علامات تجارية مقلدة وتم أخذ الإجراءات القانونية تجاه أصحابها، مؤكدا على تفعيل دور الرقابة وتكثيف الحملات على سوق الصواريخ خاصة في فترة إجازة الصيف بالتعاون مع وزارة التجارة. من جانبه، أشار مدير التراخيص والرقابة التجارية بالأمانة الدكتور بشير أبو نجم، إلى تنفيذ حملات مستمرة على الحراج، مرجعا انتشار بيع تلك الأجهزة لإقبال المتسوقين عليها نظرا لرخص ثمنها، مؤكدا على أن بيعها عن طريق السيارات من الأمور المخالفة. وذكر عبد الله حارب، وهو صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية بحراج الصواريخ، أن البيع العشوائي من قبل تلك السيارات يؤثر على عملية البيع والشراء داخل السوق، لافتا إلى تذمر عدد من المتسوقين الذين وقعوا ضحية لتلك الأجهزة بسبب تلفها بسرعة لعدم جودة تصنيعها. واتفق معه أيمن طالب - زائر لسوق الصواريخ - مبديا استغرابه من غياب الرقابة على هؤلاء، خاصة أنهم واضحون وضوح الشمس، حيث يستخدمون مكبرات الصوت لجذب الزبائن. وفيما أنهت " الوطن" جولتها في السوق إلا أن الأسئلة التي تتطلب الإجابة لم تنته، فكيف تدخل تلك البضائع للسوق السعودي؟، ومن يسمح لها؟ وما أضرارها على صحة الإنسان والبيئة؟، وهل تلك الممارسات بعيدة عن الغش التجاري؟، وأين دور حماية المستهلك؟، وكيف يتم الترخيص لهؤلاء بممارسة البيع بهذه الطريقة؟، أسئلة ننتظر إجابة شافية عليها من الأجهزة المعنية، علها تكون قريبة وبخطوات عملية.