صفية العامري منذ العصر الجاهلي والمرأة الشاعرة حاضرة في المشهد الشعري العربي، بدءا بالخنساء، تماضر بنت عمرو السّلمية، الشاعرة البكاءة المخضرمة، وانتهاء بالنساء الشاعرات في العصر الحديث. وقد استطاعت المرأة المبدعة أن تتمرد على الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، بما اكتنفه من ظلم وجور وتهميش للذات الأنثوية، ولقد ناهضت هذا الواقع، وتجرأت بالخروج عليه، بفعل الكتابة بكافة أنواعها، ولم تبق على التخوم من أي جنس أدبي، إذ جربت الإبداع الأدبي، وخاضت غمار التجربة الفنية، سواء أكان ذلك في مجال القصيدة التقليدية، أم في قصيدة التفعيلة، أم في قصيدة النثر. ويمكن أن نورد بعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر، ففي سورية تطالعنا الأسماء الآتية: عفيفة الحصني، وفاطمة حداد، وهند هارون، وفاطمة بديوي، ودولة عباس. أما في الأردن فمنهن سرى العيش، وعائشة الرزام، وزليخة أبوريشة، وثريا ملحس، ومها القدوم. وأما في فلسطين فثمة فدوى طوقان، وسلمى الحضراء الجيوسي، وسميرة أبوغزالة، وجنان عواد وندى خوري. وفي لبنان: جوليا طعمة، ومي الصايغ، ومها بيرقدار، وهدى ميقاتي، وسحر المرجع، ومن العراق نازك الملائكة، وعائشة الخزرجي، وأميرة داود، ولميعة عمارة، ومي مظفر. ومن الكويت سعاد الصباح، وحصة الرفاعي، وجنة القريني، وخزنة بورسلي، ونجمة إدريس. ومن السعودية ثريا العريض، وثريا قابل، وحميدة السنان، وعزة فؤاد شاكر، وعيدة الجهني، وفاطمة القرني، وفوزية أبوخالد، وقسمة العمراني، وهند المطيري، وهيا الشريف، وهيلدا إسماعيل. ولا شك في أن ثمة شاعرات أخريات في بلدان عربية أخرى في شرق العالم العربي وغربه ومن يتأمل هذه الأعداد الكبيرة في مجال الإبداع الشعري النسوي، يخرج بنتيجة مفادها أن الخطاب الأدبي، لا سيما الشعري، لم يعد مقصورا على الرجال أو لم يعد -بالتحديد- خطابا ذكوريا خالصا، فالمرأة إذن لها حضور جلي وواضح في مجال الإبداع الشعري، كما هو الحال في الأنواع الأدبية الأخرى، وإن كان حضورها في المجال السردي أكثر، كما -يبدو لنا- خصوصا في القصة والرواية، إذ استطاعت أن تخلق عالما إبداعيا مغايرا للكتابة الذكورية، وذلك لم يعد الرجل هو المتكلم عن قضاياها، والمفصح عن معاناتها، وآلامها وآمالها. وليس غريبا أن تسجل المرأة العربية حضورا متميزا في مجال الإبداع الشعري، فهي بطبيعتها شاعرة، رقيقة الإحساس، مرهفة الشعور، كما كان للثقافة والتعليم، فضلا عن التجارب والخبرات التي توافرت لديها في هذا الوقت، دور كبير في تغذية شاعريتها وتنمية وصقل موهبتها الفنية. فبادرت بالعطاء والإبداع، وأظهرت دورا فاعلا في البناء الثقافي والفني في المجتمع الذي تعيش فيه. إذن، نظرا لتغير الظروف، لا سيما الاجتماعية والاقتصادية، تفتق النزوع الشعري لدى المرأة، وشجعها -ذلك التغيير- على البوح مما تعانيه على الصعيد الذاتي، وليس هذا فحسب، بل وظفت موهبتها الشعرية في سبيل الدفاع عن بنات جنسها، فضلا عن الوقوف إلى جانب القضايا الوطنية الأكثر حساسية.