كشفت السلطات التركية، أمس، هويات الانتحاريين الثلاثة الذين قاموا في وقت متأخر ليل الثلاثاء الماضي بإطلاق النار في مطار أتاتورك الدولي، قبل أن يفجروا أنفسهم، في واحدة من أسوأ الحوادث الإرهابية في تركيا، أسفرت عن مقتل 42 شخصا وإصابة 240 آخرين. وقالت إن الانتحاريين الثلاثة شيشاني وأوزبكي وقرغيزي، وأن الأول يدعى عثمان فادينوف، وقد عزز هذه المعلومات شهادة المكتب العقاري الذي استأجر الشقة لمنفذي الهجمات، إذ أكد في إفادته للشرطة أنهم يحملون جوازات سفر روسية. مسؤولية الدواعش أيد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أيه"، جون برينان، تصريحات وزير الداخلية التركي، إفكان آلا، التي قال فيها إن الأدلة التي جمعت حتى الآن تشير إلى تورط تنظيم داعش في الهجوم الانتحاري الذي استهدف المطار. وأضاف أن هجوم مطار أتاتورك يحمل بصمات الدواعش. كانت الشرطة التركية قد أوقفت سائق التاكسي الذي نقل الإرهابيين الثلاثة، واحتجزته لوقت قصير، قبل أن تطلق سراحه فيما بعد، وقال إنهم تحدثوا بلغة أجنبية هي الشيشانية أو القوقازية، وأكد أنه لم يلاحظ عليهم أي علامات غير طبيعية خلال ركوبهم سيارته. إلى ذلك، نفذت الشرطة التركية حملات دهم وتفتيش واسعة، بحثا عن عناصر إرهابية مرتبطة بالتفجير، حيث اعتقلت 13 شخصا في إسطنبول، بينهم ثلاثة أجانب، كما نفذت الشرطة مداهمات متزامنة في 16 موقعا في إسطنبول. وفي أزمير اعتقلت الشرطة التركية 9 أشخاص خلال حملات على خلية يشتبه أنها لداعش.
مداهمات واسعة قالت مصادر إعلامية إن السلطات وجهت للموقوفين تهم تمويل التنظيم وتقديم الدعم اللوجستي، وتجنيد مقاتلين لصالحه. وجاءت هذه الاعتقالات في عمليات أمنية متزامنة شارك فيها عشرات العناصر من وحدة مكافحة الإرهاب في أربع مناطق من المدينة، وتمت مصادرة وثائق وأسلحة من الأماكن التي تمت مداهمتها. في ذات السياق قالت وزارة الداخلية التركية في بيان إن أجهزة الأمن قتلت سوريين اثنين، أمس، بعد رفضهما التجاوب مع تحذيرات القوات التي طلبت منهم عدم العبور، بسبب الاشتباه في أن أحدهما إرهابي، إلا أنهما استمرا في محاولة العبور ولم يتجاوبا مع التحذيرات، مما دفع قوات الأمن لإطلاق النار عليهما، وقتلهما على الفور. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم قال إن سلطات بلاده ما زالت تشدد على مسؤولية تنظيم الدولة عن هجمات إسطنبول. وأكد يلدرم أنه لا يوجد ضعف أمني في مطار أتاتورك، معتبرا أن الهجوم أثبت أن ما وصفه بالإرهاب يمثل تهديدا عالميا. وكان يلدرم أشار قبل ذلك إلى أن هناك أدلة أولية تظهر أن الانتحاريين الثلاثة فجروا أنفسهم بعدما أطلقوا النار عشوائيا على المسافرين.
غضب أوروبي كما أعلن وزير الخارجية الكندي ستيفان ديون، إدانة بلاده للهجوم، مضيفا "تقف قلوبنا إلى جانب القتلى والجرحى. كندا تقف إلى جانب تركيا". وفي إيطاليا، وقف أعضاء البرلمان دقيقة صمت حدادا على ضحايا الهجوم، وذلك بمبادرة من رئيسة البرلمان لاورا بولدريني التي أعربت عن "أشد عبارات الإدانة والغضب إزاء استخدام العنف الإرهابي انطلاقا من القناعة بأن ما من عقيدة دينية يمكن أن تبرر هذه الهجمات الوحشية التي تستهدف الأبرياء والعزل". ودعت بولدريني إلى تشكيل جبهة مشتركة ضد الإرهاب "من خلال الانخراط في معركة تقف فيها الحضارات بقوة التعاون والتضامن في مواجهة منطق الهمجية الأصولية". وفي أستراليا، قدّم رئيس الوزراء التعازي باسم بلاده إلى الشعب التركي في ضحايا الاعتداء، مؤكدا أن بلاده تقف إلى جانب أنقرة وشعبها في مكافحة الإرهاب.
مساندة دولية تواصلت ردود الفعل الدولية المنددة بالهجوم الذي شهده مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أمس الثلاثاء وأسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، وأعربت العديد من الصحف العربية عن تضامنها مع تركيا في مواجهة الإرهاب. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن إدانته للاعتداء، مؤكدا وقوف المنظمة الدولية التام إلى جانب تركيا، وشدد على تعاطفه العميق وتعازيه لعائلات الضحايا وللحكومة التركية وشعبها. وشدد على تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، معربا عن أمله في التوصل إلى مرتكبي هذه الجريمة وتقديمهم للعدالة. بدورها، أدانت الولاياتالمتحدة الاعتداء، مشددة على استمرار الدعم الذي تقدمه واشنطن وأصدقاؤها وحلفاؤها لتركيا. كما قال الرئيس الأميركي بارك أوباما إنه يقف تماما في صف تركيا ضد الجماعات الإرهابية. من جهته، قال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ "أدين الهجوم الذي تعرض له مطار أتاتورك في إسطنبول، قلبي مع عائلات الضحايا ومع المصابين ومع الشعب التركي".