التحرش.. أصبحت هذه المشكلة ظاهرة اجتماعية في الآونة الأخيرة، حيث تصدرت عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، فباتت تؤرق نفوسنا يوما بعد يوم، خصوصا أن هذه الظاهرة تسربت وبشكل مقلق إلى داخل مجتمعاتنا المحافظة، حيث إن المملكة وللأسف أصبحت ضمن أكثر الدول التي انتشرت فيها هذه الظاهرة، وعندما تثار هذه القضية ويتداولها أفراد المجتمع نجد أن الآراء تختلف والأسباب تتعدد وأصابع الاتهام تشار إلى أحد الجنسين. فهناك من يحمل الفتاة المسؤولية الكاملة على أنها العنصر المتسبب في إثارة هذه الجريمة، وهناك من يحمل الشاب هذه المسؤولية على أنه الذئب الذي ينهش النفوس البريئة. رغم اختلاف وجهات النظر وقصور في الرؤية وكبت للحق أقف وسط هذه المعمعة متمسكة برأيي ومستندة إلى نهج ديني وثقافتي. فانتشار هذه الظاهرة نتيجة سيئة لأسباب، إذ إن لكل فعل ردة فعل، فكلا الطرفين مخطئ ومحاسب، فالفتاة التي تلتزم بحجابها وتحفظ نفسها عن مواقع الفتن وتتحلى بالخلق الإسلامية الأنثوية الصحيحة سيحترمها الكل رغما عن أنفه، والشاب الذي يهتم بدينه ويحافظ على أخلاقه وأعراض إخواته المسلمات سيكون عونا عظيما لمجتمعاتنا وصونا لأعراض بناتنا ونسائنا. فتحميل اللوم لطرف واحد منهما جريمة بشعة في حق الإنسانية وتدمير لمبدأ العدل الصحيح، فقيمنا الإسلامية وتقاليدنا الاجتماعية مبنية على منهج القرآن والسنة والإجماع، يقول سبحانه: ﴿ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾، فانتشار هذه الفتن سبب في فساد الأرض وتدمير مبدأ الإنسانية وتشويها لصورة الإسلام والمسلمين. فمن أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة: الابتعاد عن تعاليم الدين القويم وعدم تطبيق قول الله ورسوله الكريم والسير على منهج وهمي لا وجود له في الأصل والشرع، تأثير الإعلام السيئ والفاشل على عقول الشباب والفتيات وربطهم بخيوط الوهم الذي يحركهم كالدمى، حالة الفراغ الذي يعيشها الكثير من الشباب والفتيات، عرقلة الزواج وتعقيد أمره، -ضياع وحكر مبدأ النصح والتناصح. كل هذه الأسباب وغيرها كانت سببا رئيسيا في انتشار هذه الظاهرة. وكما يقال لكل داء دواء فالإسلام ينظر لهذه المشكلة نظرة (التحريم) والغرائز الفطرية البشرية موجودة لكن هناك سبل كثيرة وصحيحة وشرعية لتفريغها، فهناك ديننا الإسلامي يقيدنا عن الحرام وقانون يردع كل مجرم عن الإجرام وتربية النفس وصونها وتزكيتها سبب في نشر السلام، فكونوا عونا في الخير لتصبح مجتمعاتنا سترا لنا ولباقي الأجيال.