أدى أمير منطقة الرياض بالنيابة الأمير سطام بن عبدالعزيز بعد عصر أمس صلاة الميت على الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض. وأم المصلين مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ. وكان الديوان الملكي قد أصدر بيانا أعلن فيه انتقال القصيبي إلى رحمة الله تعالى، عن عمر يناهز (70) عاماً، إثر مرض عانى منه طويلاً. وجاء في البيان أن الفقيد (رحمه الله) من رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفانٍ وإخلاص، وتقلّد عدة مناصب كان آخرها وزيراً للعمل. وكان للمصلين بجامع الإمام تركي بن عبدالله المجاور لقصر الحكم بالرياض موعد لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على القصيبي، وكانت سيارة الإسعاف الخاصة بمستشفى الملك فيصل التخصصي واقفة بجانب مدخل الإمام وفيها جثمان الفقيد، وكان يقف بجانبها أبناؤه وعدد من أقاربه. وفيما كانت تقف العشرات من السيارات الرسمية والدبلوماسية والعربات الأمنية في المكان، اكتظ المسجد بجموع المشيعينالذين كان همهم وداع القصيبي. وما إن أتم الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ صلاة العصر أمس حتى نادى جموع المصلين للصلاة على الفقيد، فحمل الجثمان على الرقاب إلى أن أوصل إلى مكانه أمام الإمام وتمت الصلاة. وقد بدا الحزن على عائلة القصيبي الموجودين في الجامع عند تلقيهم التعازي خاصة أبناءه: سهيل وفارس ونجاد، الذين كان أول معزيهم الأمير سطام بن عبدالعزيز، وكان من بين المصلين مساعد وزير البترول والثروة المعدنية الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز الذي كان التأثير باديا عليه ورفض التعليق وهو يقول: "ليس الآن.. لا أستطيع الكلام الآن". وكان من بين الحضور رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع الأمير سعودي بن ثنيان آل سعود، ووكيل وزارة الخارجية الأمير خالد بن سعود بن خالد، وعدد كبير من الوزراء والعلماء والدبلوماسيين، وقد زاد حزن الأبناء على فقيدهم من حزن جمهور المصلين في جامع الإمام تركي بن عبد الله خاصة عند رفع الجثمان خروجا من المسجد، فانطلق الحشد بمعية الجثمان إلى مقبرة العود في جنوبالرياض، فيما عبر المفتي عن الفقيد غازي القصيبي فقال في حديث خص به "الوطن": "غازي القصيبي من رجالات الدولة المخلصين وأسأل الله له الغفران والرحمة". ولوحظ وجود عدد كبير من المصلين الملتحين الذين كان التأثر واضحا عليهم، ومن العلماء وطلبة العلم الشرعي الذين كان البعض منهم يترحم عليه بصوت عالٍ جداً وهم يساهمون في رفع جثمانه. من جانبه، أكد المستشار والمشرف العام على مكتب وزير العمل هزاع العاصمي أن الوزير الراحل كان يمني النفس في إيجاد وظيفة لكل مواطن ومواطنة حتى آخر أيام حياته، وكان هذا الأمر هدفاً بالنسبة له ومن كبرى القضايا التي حظيت باهتمامه أخيراً، وتابع: "القصيبي أحس بقرب منيته قبل وفاته بدقائق وكان يشكر الله على ما كتبه له لحين فارق الحياة". وبيّن العاصمي أن القصيبي تلقى مكالمة هاتفية إبان علاجه في أمريكا من فتاة سعودية قالت له: "يا معالي الوزير أنت لا تعرفني وأنا لا أعرفك ولكن أريد منك أن تشفع لي عند وزارة الداخلية فأنا طافني قطار الزيجة ووجدت رجلاً مسلماً من دولة بريطانيا وأريد الاقتران به وأرجو أن تشفع لي لدى النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز لأخذ الإذن بالزواج من البريطاني"، وأضاف أن الأمير نايف قدر شفاعة القصيبي وأعطاها الإذن بالزواج. وأبان العاصمي أن جميع زملاء الوزير الراحل مصدومون من الخبر ليس فقط بعد سماع نبأ الوفاة وإنما منذ ثمانية أشهر لما علموا بأن حالته ازدادت سوءاً. وكان مصدر مقرب من القصيبي قد كشف بأن الفقيد دخل في غيبوبة الموت قبل 12 ساعة من إعلان وفاته رسمياً بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. وذكر أن القصيبي على الرغم من إصابته بمرض سرطان المعدة, كان يسأل ويستفسر عن المعاملات الخيرية والشفاعات للأسر الفقيرة وهو في فراش الموت وقبل لقاء ربه بيومين، مشيراً إلى أن الفقيد منع الزيارات له في أيامه الأخيرة وحصرها على ثلاثة أشخاص خارج نطاق أسرته وهم: مدير مكتبه وسكرتيره الخاص، بالإضافة إلى أفراد أسرته، ومنهم وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور خالد القصيبي, إذ يعد الشخص الوحيد من المسؤولين بالدولة ممن يتردد عليه بشكل دوري بحكم صلة القرابة (ابن أخت الفقيد). وأما ما يخص رحلته العلاجية فأوضح المصدر أن الفقيد أدخل مستشفى الملك فيصل التخصصي في المرة الأولى في ذي القعدة 1430, وغادرها إلى أمريكا قبل عيد الأضحى بيومين, حيث مكث فيها قرابة ستة أشهر وعاد منها إلى مملكة البحرين ليعيش فترة نقاهة مع أسرته بمنزله بالمنامة, وبعد تدهور حالته الصحية أدخل مرة أخرى مستشفى الملك فيصل التخصصي, ليدخل في صراع مع المرض بعد تجدده، وقبل 12 ساعة من وفاته دخل في غيبوبة ولم يفق منها (رحمه الله). وأكد المصدر أن القصيبي كان مدركا بقرب منيته ولكنه في الوقت ذاته حاول إظهار رباطة الجأش لكل من يلتقي به وكان بشوشا طوال الوقت. وتجمع كبار المسؤولين في أجهزة الدولة لتشييع جثمان القصيبي إلى مثواه الأخير في مقبرة العود غرب الرياض أمس، وذلك عقب الفراغ من الصلاة عليه، وكان محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر ووزير الدولة وزير العمل المكلف حالياً الدكتور عبدالعزيز الخويطر في استقبال المشيعين وبرفقتهم العديد من زملاء الراحل من وزراء ووكلاء وزارات. وشوهد وزير النقل الدكتور جبارة الصريصري ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور محمد جميل ملا ومحافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور عبدالرحمن الجعفري يتجاذبون الذكريات التي كانت قد جمعتهم الأيام الماضية مع الوزير الراحل في رحلات عمل وسط تأثرهم لحظة إنزال الفقيد إلى مثواه الأخير. وكان زملاء الفقيد في الوزارة أكثر الحاضرين تأثراً بفقدانه حيث انخرطوا في البكاء لحظة مراسم الدفن ولم يغادروا الموقع إلا بعد مغادرة كافة المشيعين.