أثارت ورقة الدكتور محمد مريسي الحارثي التي ألقاها في الجلسة الأولى من ملتقى قراءة النص الذي أطلقه نادي جدة الأدبي أمس، بعنوان "الحرية والإبداع" ردود أفعال قوية، حيث وصف الربيع العربي بأنه ينسجم مع مقولة الفوضى الخلاقة، التي يجب أن نسأل عنها: خلاقة بأي اتجاه؟ مشككا بأهدافها ونتائجها. وتناول الحارثي مشكلة الحرية والإبداع في أفقها الفلسفي معتبرا أن الحرية يجب أن تنسجم مع المكونات الكونية التي تنحاز إلى ما هو معتدل، وبمقابلته بين الحرية والعبودية انتقد على الشدوي هذه المقولة، معتبرا أن الحرية لا تقف في موازاة العبودية بل ضدها. في نفس الأفق النقدي تحدث الدكتور معجب الزهراني عن غياب النقد الحواري في ظل انشغال النقاد بالنظرية النقدية، قاصدا أن النقاد انتقلوا من الحوار مع النص ومساءلته إلى البحث في إشكالية النظرية النقدية، وهو ما يفسر عنوان ورقته "الأدب يقترح نظرياته" كما لو أنه يقول إن النص الأدبي هو خالق النظرية وليس العكس، وهو ما يجب أن يشتغل عليه النقاد وليس الانشغال بالنظرية نفسها. الجديد في الجلسات هو ما طرحه الدكتور محمد نجيب التلاوي عما سماه "النقد المعلوماتي" حيث يطرح السؤال الإشكالي حول العلاقة بين النقد والنصوص الإلكترونية، وكيف يمكن معالجة النقد للأدب في إطار المعلوماتية التي توفرها التقنيات الحديثة. وجاءت ورقة الدكتور فخري صالح وكأنها ترد على أسئلة الحارثي، فانتقد صالح بلغة عنيفة ادعاءات النقاد العرب بالتثاقف في بيئة معولمة حيث تحول الناقد العربي إلى مجرد مستهلك للنظريات الغربية وهو لا يختلف عن أي مستهلك للسلع التي يوفرها الغرب، واعتبر أن النقد العربي بحاجة إلى ثورة لإعادته إلى مشهده المؤثر الذي كان عليه في الخمسينات، واستحضر الدكتور محي الدين محسب فيما أطلق عليه "الإدراك والتأسيس المعاصر لعملية النقد الأدبي". وتناول الدكتور توفيق الزيدي "إشكالية التحديث: التراث النقدي مشروعا"، فيما تناول الدكتور عاطف بهجت "المفاهيمية النقدية" حاول فيها حل الإشكالية بين الفنون التشكيلية باعتبارها منجزا بصريا والأدب بصفته منتجا شعوريا. في البيئة القلقة نفسها يطل الدكتور عبدالله العشي على المشهد النقدي من مأزق التحديث في النقد العربي المعاصر، وهو عنوان ورقته التي تؤكد على وجود هذا القلق من خلال زخم المقولات التي لا يخلو منها مبحث أو كتاب حول أزمة النقد، فيما طرحت ورقة الدكتور سلطان القحطاني "المقدمات التاريخية للتحديث الأدبي والنقدي في المملكة". تناول فيها مقدمات التحديث النقدي من قبل التعليم النظامي حتى أواخر القرن العشرين، وورقة القحطاني تتكامل مع ورقة الدكتور حسن الحازمي "قراءة في الدراسات النقدية الأولى في الرواية السعودية" تناول فيها بدايات نقد الرواية.