الخطة الإرهابية التي اكتشفتها السلطات الأردنية مؤخرا، تثير القلق حول عودة بروز القاعدة في العراق. تقول مؤسسة "راند" الأميركية للأبحاث في تقرير نشرته في ديسمبر الحالي، إن الحرب المستمرة في سورية تساعد على إنتاج الأعداد المتزايدة من الجهاديين المتمرسين، الذين يشكلون التهديد الإرهابي المستقبلي للمنطقة. الخطة التي تم الكشف عنها كانت تشمل عملية معقدة تبدأ بتفجيرات في مراكز التسوق في عمان، يتبعها هجمات مسلحة على الفنادق الفخمة في عمان. بعد ذلك تقوم موجة ثالثة من الإرهابيين بمهاجمة السفارة الأميركية ومحيطها بعبوات ناسفة وأسلحة أوتوماتيكية وقذائف هاون. المتآمرون كانوا أعضاء في الجماعة السلفية المتطرفة في الأردن. وكانوا قد ذهبوا للقتال في سورية، حيث خططوا للحصول على المتفجرات والأسلحة. كما كشفت الأدلة التي كانت معهم ارتباطهم مع تنظيم القاعدة في العراق. الأردن مستهدف من التنظيمات المسلحة منذ فترة طويلة. في سبعينات القرن الماضي جاء التهديد من الجماعات الفلسطينية التي كانت تشكل بحسب تقرير راند "دولة داخل دولة" في الأردن في تلك الفترة. هذه الجماعات كانت تقوم بشن هجمات ضد إسرائيل، وتعرض الأردن للهجمات الإسرائيلية الانتقامية. كما وجهت اتهامات لبعض المنظمات الفلسطينية المتشددة بأنها كانت تخطط للإطاحة بالملك حسين، وأنها دبرت عدة محاولات اغتيال ضده. في سبتمبر 1970، قام أعضاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين باختطاف خمس طائرات مدنية وأجبروها على الهبوط في مطار "دوسون فيلد" المهجور في الأردن، حيث احتجز المختطفون مئات الرهائن ليساوموا على مطالبهم. الخاطفون قالوا: إن منطقة دوسون فيلد هي "منطقة محررة"، أي أنهم كانوا ينوون تحرير الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي والحُكم الأردني في الوقت نفسه. ذلك التحدي جعل الملك الأردني يأمر بشن هجوم عسكري ضد الميليشيات، مما أدى إلى حرب أهلية دموية يسميها الفلسطينيون "أيلول الأسود". وفي النهاية تمت التسوية بمغادرة المنظمات الفلسطينية إلى لبنان. في عام 1999، اعترضت الاستخبارات الأردنية مؤامرة إرهابية لتفجير فندق "راديسون" وثلاثة مواقع أخرى في عمان. وكانت التفجيرات جزءا من مؤامرة أطلق عليها "خطة الألفية" للقيام بتفجيرات منسقة في 1 يناير 2000. كما خطط الإرهابيون لتفجير مطار لوس أنجلوس الدولي في ليلة رأس السنة. كما فشلت محاولة لإغراق المدمرة الأميركية (يو إس إس سوليفانز) في 3 يناير 2000. منذ عام 2000، أحبطت السلطات الأردنية عدة مؤامرات لاغتيال مسؤولين بريطانيين وأميركيين وإسرائيليين، ولتفجير مواقع مسيحية وسياحية، ومهاجمة مطار عمان، وتفجير مبنى الاستخبارات الأردنية، والقيام بهجوم بالأسلحة الكيمائية كان يمكن أن يقتل آلاف الأشخاص. ومع ذلك استطاع الإرهابيون اغتيال دبلوماسي أميركي، وقتل وجرح عدد من السياح، كما أطلقوا صواريخ إلى مدينة العقبة، وفجروا عبوات متفجرة صغيرة نسبيا. إلا أن أشهر الهجمات التي قاموا بها كانت في 2005، عندما نفذوا بتوجيهات من أبو مصعب الزرقاوي ثلاث هجمات انتحارية ضد ثلاثة فنادق فخمة في عمان، مما أدى لمقتل 60 شخصا وجرح 115 آخرين. كان أبو مصعب الزرقاوي في ذلك الوقت يقود منظمة القاعدة في العراق. وكان الزرقاوي قد ذهب إلى أفغانستان في 1990، حيث التقى مع أسامة بن لادن وآخرين كانوا يجمعون جهاديين من جميع أنحاء العالم. لدى عودته إلى الأردن في 1992، أسس الزرقاوي شبكة إرهابية خاصة به، لكنه سرعان ما اعتقل وأودع السجن. في 1999، هرب الزرقاوي من السجن وذهب إلى العراق، واستمر في التخطيط لهجمات ضد الحكومة الأردنية. وقد وفر الغزو الأميركي للعراق في 2003 المزيد من الأنصار والموارد، لكنه قُتل في 2006، واستمر تنظيم القاعدة في العراق في قتاله، في العراق والأردن. وقد تم تعزيز المقاتلين الذين شاركوا في القتال في كل من أفغانستان والعراق خلال السنتين الماضيتين بمقاتلين من ليبيا وفيما بعد سورية، والتي يقصدها الجهاديون الآن من جميع أنحاء العالم. ومهما كانت نتيجة الأزمة في سورية، فإن الحرب في هذا البلد قد أنتجت آلاف الجهاديين المتمرسين الذين سيستمرون في تهديد المنطقة لسنوات قادمة.