في الوقت الذي لزمت فيه الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي الصمت حيال اتهامها من قبل الكاتب السعودي محمد رضا نصر الله بالسطو على مقالة له، وإنشاء عدة تغريدات لها بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، في ذكرى رحيل الشاعر السوري نزار قباني وعلاقته بالشاعر والروائي السعودي غازي القصيبي، دخل على الخط الإعلامي الكويتي نجم عبد الكريم، متسائلًا عن حقيقة ذلك ومشككًا في مصداقية نتاج مستغانمي ذاته. وقال نصر الله: البيت الذي ذكرته أحلام مستغانمي في (نهاية) مقالها منسوبًا إلى القصيبي ( ألقِ عكازتيكَ وحدكَ تمشي إنّما نحنُ جوْقَة العرجان). غير صحيح البتة، فغازي لم يقل هذه البيت. فما قاله ونزار يودعه بعد زيارته مستشفيًا له: (ارم عكازتيك) كما استشهدت بذلك في (نهاية) مقالتي المنشورة منذ أكثر من عام في (منصة معنى)، وسطت عليه مستغانمي. وتابع نصر الله المعروف منذ عقود في السعودية ككاتب وصحافي عمل في الصحافة الثقافية، واشتهر كمقدم برامج حوارية ثقافية من أبرزها (الكلمة تدق ساعة) في التليفزيون السعودي و(هذا هو) في قناة mbc: عندما تعرض نزار لأزمة قلبية هي الأخيرة قبل وفاته بأسابيع، زاره غازي القصيبي، وذكر هذا في كتابه «بيت»: «ذهبت أزور نزار قباني رحمه الله في شقته اللندنية وكان خارجًا لتوه من المستشفى بعد غيبوبة استمرت بضعة أسابيع، كان منهكًا جسديًا، إلا أن انهماكه النفسي كان أكبر. كان حزينًا لأنه لم يعد قادرًا على كتابة الشِّعر. قال لي إن نهاية الشِّعر نذير مؤكد بانتهاء الحياة نفسها. خرج يودعني، وهو يمشي بصعوبة متوكأ على عكازةٍ طبية. عندما وصلنا باب الشقة، توقفت ونظرت إليه، وقلت: «اِرم عكازتيك!»، أدرك على الفور أني أشير إلى قصيدته الجميلة في طه حسين، وتهللت أسارير وجهه. بدأت أقرأ الأبيات الأولى من القصيدة التي تبدأ ب«ضوء عينك أم هما نجمتان». كنت أقرأ وأنا أرى معجزة طبية تحدث أمامي؛ عاد اللون الوردي إلى الخدين الشاحبين. سقط العكاز، ذهبت التجاعيد عن الوجه الذي عاد بغتةً إلى الشباب. عندما انتهيت همس وهو يعانقني: «أرأيت كم هي جميلة هذه الأبيات؟ كم هي بديعة، كم هي سلسلة؟». وأضاف نصر الله مدللا على ما عده سطوًا من مستغانمي على مقالته: كما أنها ذكرت قصيدة نزار قباني في ذكرى طه حسين بينما أنا من حضر هذه المناسبة بدعوة من نزار وقد وصفت ذلك في المقال ذاته. وفيما لزمت مستغانمي الصمت تجاه تصريحات نصر الله، علق الكويتي نجم عبد الكريم على الموقف بقوله: «بعد رحيل نزار الذي كان يقيم في لندن، سألت الدكتور غازي القصيبي وقد كان آنذاك سفيرا للسعودية في لندن، عن علاقته بنزار. قال إنّ بينهما تواصل ومودّة كبيرة، لكنه لم يلتق به كثيرًا إلاّ في الفترة الأخيرة من حياته، أيام مرضه». ومضي نجم متابعًا: لعلّ تلك المسافة جعلت متعة المراسلة بينهما ممكنة، فأبدع كلاهما في الكتابة للآخر. كهذه الرسالة التي كتبها نزار للدكتور غازي القصيبي.. أمّا الدكتور غازي القصيبي فعندما زار نزار يوم أصيب بكسر في وركه، ووجده يمشي مستعينًا بعكازة، تنبّه إلى حرص نزار على ألاَّ تُهين العَصَا قامته، أو تُشوّه صورة الشِّعر الذي كان يُجسِّده. ثم أطلق سهامه صوب أحلام مستغانمي ملمحًا إلى ما تدوالته الصحافة خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي إبان صدور (ذاكرة الجسد) عملها الروائي الأول عام 1993، وهي التي كانت تعرف كشاعرة، ذاكرًا أن (أكثر من زوبعة شكٍ أثيرت حولها في مصداقية ما تنشرهُ، بل إن الشك اشتمل حتى على بعض ما نُشر باسمها من مُعطيات أدبية). وتساءل عبدالكريم: (حينما تزعم علاقاتها بمن انتقلوا إلى ربهم كالقباني والقصيبي، وتنقل عنهما ما كتبهُ الأديب محمد رضا نصر الله.. فهنا يتأكد الشك). ولم يتسن ل (الوطن) التوصل لمستغانمي لاستجلاء موقفها.