يبدو أن المشهد السياسي القادم في العراق ربما سيختلف عن سابقاته في تشكيل الحكومات التي أعقبت الانتخابات السابقة، إذ تشير كل التوقعات إلى أن تشكيلة الحكومة القادمة قد تكون بالأغلبية التي يريدها ويقودها مقتدى الصدر، والتي ستتكون من «74» نائبا من كتلة الصدر، و«42» نائبا من كتلة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان، و«31» نائبا من الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، يضاف إليهم «14» نائبا من تحالف عزم / خميس الخنجر، و«8» نواب من كتلة تصميم، بزعامة أسعد العيداني، محافظ البصرة، و«10» نواب مستقلين، ليصبح المجموع ما يقارب «180» نائبا يستطيعون دخول البرلمان تحت مسمى «الكتلة الأكبر»، لتحقيق النِصاب، وتشكيل حكومة الأغلبية التي يطمح إليها «الصدر» للمرحلة القادمة في السياسة العراقية. اللافت للنظر في هذا المشهد السياسي أن اللاعب الإيراني غائب عن قرار صنع الحكومة القادمة، وهو ما اعتادت عليه محاولات تشكيل الحكومات السابقة، التي كانت معتادة على وجود قاسم سليماني، الذي اغتالته الطائرات الأمريكية في قصف جوي استهدف موكبه بالقرب من مطار بغداد الدولي.. هذا الضابط الإيراني الذي كان يضبط إيقاع تشكيل أي حكومة تنتجها الإنتخابات، إذ بدا واضحا أن الجانب الإيراني، وحتى الأمريكي، غائب عن ذلك المشهد السياسي، وهو ما يزيد الصورة وضوحا واستقرارا. من جهتهم، تشير التسريبات إلى أن السُنّة يطمحون للحصول على منصب نائب رئيس الجمهورية، الذي قد يذهب إلى خميس الخنجر، زعيم تحالف العزم، بالإضافة إلى رئاسة البرلمان، الذي يحاول رئيسه، محمد الحلبوسي، تجديد ولايته الثانية للرئاسة. الكُرد، خصوصا حزب مسعود بارزاني، يطمحون في هذه الدورة إلى الظفر بمنصب رئيس الجمهورية، بعد أن كان من حصة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بزعامة الراحل جلال الطالباني، في كل الدورات المتعاقبة، وآخرها تسلم برهم صالح، التابع للاتحاد، هذا الاستحقاق. وعلى الرغم من ضبابية الموقف، وعتمة المشهد السياسي، وكثرة التوقعات والأسماء المرشحة للمناصب، فإنه من المؤكد أننا أمام مشهد سياسي قادم يختلف عن مثيلاته، ربما يتمثل في تشكيل حكومة تختلف عن سابقاتها أو انحسار تدخل العامل الخارجي، وهو السبب فيما كان يحدث من فوضى وإرباك، وربما هشاشة الموقف الذي يصاحب بزوغ حكومة جديدة. في كل الأحوال، لننتظر ما يخبئه لنا الغد.. أليس الغد بقريب كما يقولون؟.