قال المخرج السعودي فطيس بقنة، إن سوق عكاظ استطاع أن يعيد الفن المسرحي السعودي، بل وتمكن خلال السنوات الماضية من إعادة احتضان المسرح، خصوصاً الثقافي، كأحد منابر الثقافة والأدب ومختلف الفنون الأخرى. ودعا المهتمين بالشأن المسرحي إلى استلهام مسرح السوق، الذي يعتبر منبراً حقيقياً للإبداع لتقديم أعمال قيّمة ذات طابع ثقافي عميق. وأوكلت مهمة إخراج العمل المسرحي في دورة سوق عكاظ السابعة، الذي يتحدث عن حياة الشاعر الأعشى إلى بقنة، فيما كتب الدكتور سامي الجمعان نصها. وقال بقنة إن مسرحية العام الحالي سوف تتناول حياة الأعشى بطريقة مغايرة، لاسيما أن الشاعر عاش في نجد (وسط المملكة)، وهذا الجانب يكسب العمل ميزة خاصة، كونه يحمل ملمحاً وطنياً لا بد من إبرازه في العمل، كما أن الاختلاف سيشمل توظيف التقنية الإخراجية لصالح العمل، وسيركز على إبراز الأجواء المسرحية والمشاهد المعتمدة على التشويق واسترعاء الانتباه مروراً بعناصر القصة ومحتواها، وسيشارك في ذلك فريق تقني من أوروبا ولبنان، كاشفاً عن الاستعانة بعناصر فنية ذات ثقل كبير لتجسيد البطولة، ويأتي في مقدمة الممثلين الأردني ياسر المصري، بمشاركة عناصر شابة لتجسيد بطولة العمل. وأوضح بقنة، أن السوق تميز بمسرحه رفد الحركة المسرحية في المملكة، وقدم أربعة عروض مسرحية، تطرقت لجوانب من أدب وحياة أربعة شعراء من رواد الشعر العربي الأصيل، وممن كانت ولا تزال لهم بصمتهم في الأدب العربي. وقال «لعلي هنا استشهد بالتصنيف الصادر عن منظمة السياحة العالمية التابعة لليونسكو، الذي أكد أن سوق عكاظ أحدث تواصلاً شفهياً ناجحاً بين الأجيال من خلال المسرحيات التي تعرض داخل الخيمة، ومن خلال جادة السوق، ما أثمر عن تعزيز الروابط وتأصيلها بين السياحة واللغة والتعليم». وبيَّن أن اللغة العربية الفصحى، المستخدمة في مسرحيات سوق عكاظ، تمثل تجانساً متميزاً يجمع البعد التاريخي والحضاري بالتقنية المعاصرة، ما يشكل تلاقحاً ثقافياً بين الأجيال، يتبوأ من المسرح مكاناً له، ويؤكد في الوقت ذاته قدرة الفصحى على التعبير عن متطلبات الفن المسرحي الحديث ومرونتها في تناول الأحداث، لافتاً إلى أن هذه العوامل أعطت مسرح السوق قصب الريادة في إعادة بزوغ نجم المسرح الثقافي، داعياً المخرجين السعوديين إلى اقتناص فرصة وجود مسرح السوق لتقديم أعمال مسرحية تتسم بالعمق الفكري والثقافي، وللتحرر من كوميديا الموقف الخفيفة، التي سيطرت على الأعمال المقدمة في الآونة الأخيرة على حد وصفه. ونوه إلى أهمية استثمار المناسبات الثقافية، كونها تسهم في توطيد العلاقة بين المسرح والجمهور، إلى جانب كونها تظاهره فنية وأدبية وثقافية، كما أنها فرصة سانحة لاكتشاف الكوادر والمواهب، التي من شأنها أن تثري الساحة المسرحية السعودية، مضيفاً أن مسرح سوق عكاظ يشكل إضافة حقيقية للمخرجين السعوديين تكمن في التعاطي مع الفكر والأدب بشكل مباشر ضمن أنشطة السوق. يذكر أن مسرح سوق عكاظ حرص منذ العام 1431ه وحتى دورة العام الحالي، على التنويع في جوانب التأليف والإخراج والتمثيل، من أجل إتاحة الفرصة لمشاركة أوسع للمهتمين بالشأن المسرحي، ولإضفاء روح التغيير على العمل وفتح الباب أمام الجميع، وسيكون مسرح عكاظ بما في ذلك مسرحية العام الحالي 1434ه قد قدم خمس مسرحيات شارك فيها تسعة مؤلفين ومخرجين، فيما أدى الأدوار التمثيلية عدد من الممثلين السعوديين من مختلف مناطق المملكة.