..وكأنه ذلك الذي يضع يده على تراب ليحيله تبرا، وكأنه أيضا ذلك الذي لا تتم أو يكتب لها تحقيق ما تريده من نقاط تمثل درجة النجاح المشروعات الثقافية الكبرى، إلا عندما يقف عليها بنفسه، حتى لو لم يكن يعتلي اسمه المشهد إلا بمسمى «رئيس اللجنة الإشرافية العليا لمهرجان سوق عكاظ»، ذلكم هو الأمير الفنان خالد الفيصل، أو الفنان الأمير كما احتارت في وصفه الشاعرة السودانية الفائزة بجائزة الشعر في النسخة السادسة للمهرجان روضة الحاج، وهي تلقي كلمتها، قبل أن تلقي قصيدتها في هذا المهرجان الذي شهدت خيمته الجديدة على أرض سوق عكاظ فعاليات وأنشطة الافتتاح البارحة الأولى. في الندوة الافتتاحية للأنشطة «ماذا نريد من الشباب وماذا يريد الشباب منا»، قال خالد الفيصل مستخدما ذكاءه المفرط في التعامل مع الشباب في تلك الندوة ليقول ختاما لها: «لا نريد شيئا من الشباب.. نريد كل شيء له.. نريد أن نوفر كل ما يجعله مبدعا يحقق طموحاته وآمالنا فيه ومنه»، ذلك هو نفسه خالد الفيصل الذي رعى أيضا الليلة الافتتاحية لمهرجان السوق وسوق المهرجان، بحضور الكثير من ضيوف المملكة والمهرجان تحديدا.. المشهدية في حفل الافتتاح كانت واضحة وجلية لتناغم فن البصريات مع المتلقي في اللوحات والمشاهد المسرحية التي قدمت. ففي لوحة ما يشبه الأوبريت، والتي كتبها الدكتور صالح المحمود، وأخرجها فطيس بقنة الذي لم تساعده المساحة الضخمة للمسرح وطولها الذي بدا وكأنه يتجاوز السبعين مترا على استثمار فراغات زمنية لم يلتق فيها الممثلون في حوار للدرجة التي تطول فيها الفواصل والموسيقى التصويرية، وقام ببطولتها عدد جيد من ممثلينا الشبان الذين أثبتوا مهارتهم على الخشبة، أمثال: رياض الصالحاني الذي جسد شخصية غازي القصيبي، وأسامة خالد بتجسيده شخصية النابغة الذبياني، وغيرهما من الممثلين في الأوبريت الذي أبدع في فواصله الموسيقية خالد العليان، كما فعل في مسرحية عنترة، وفي تلحين الفواصل الغنائية، ومنها تلحين نص لعنترة انتهى به العمل، كان الديكور والإخراج في الأمسية بطلين، حيث استطاع فطيس بقنة أن يقدم لنا مشهدا فيه الكثير من السوريالية التي اعتمدها الكاتب في مزج التاريخ الأدبي باستحضار شخصية الشاعر الكبير غازي القصيبي من الأمس القريب، وصنع خطوط عمل أدبي يلتقي فيه غازي بالنابغة الذبياني وأبي الأسود الدؤلي والأعشى، وغير ذلك من عظماء الشعراء من الأمس البعيد في سوق عكاظ.. كل شيء جميل كتابة وأداء إلا غياب العناصر المكملة لإنجاح المشهد، والذي نعتقد من وجهة نظر مسرحية وتاريخية لم يكن المشهد للسوق في الأوبريت «التمثيلي الغنائي» مكتملا، دون أن تكون الأنثى الشاعرة والأنثى المتلقية والباحثة عن الشعر والإبداع حاضرة ، وهل كان سوق العرب، بل وأعظم أسواق شعرها وأدبها دون نساء.. مع تأكيد الأمير خالد الفيصل في كلمته في ندوة الظهيرة على أن سوق عكاظ كانت اقتصادية وثقافية وإبداعية واجتماعية، بل ودينية أيضا، وغير ذلك من الاهتمامات التي كانت تهم العربي، ولا سيما أن أبرز أسماء السوق تماضر بنت عمرو «الخنساء» كانت تعد أكثر الأسماء ترويجا للسوق. كذلك غياب عبلة؛ لذا نؤكد على أن الغياب هنا كان نقصا حتى في حضور سليلة مجد شاعرات العرب روضة الحاج. في مسرحية عنترة، تجلى الإعداد الذي كتبه الزميل فهد ردة الحارثي إبداعا مع المخرج أحمد الصمان وفريق العمل: خليل الجهني، الذي وجد فرصة جيدة في هذا العمل لإبراز طاقاته ومواهبه الكامنة في تجسيد شخصية عنترة، إلى جانب عبدالله عسيري وفهد غزولي وغيرهم ولو لا بعض التكسير اللغوي في شعر عنترة الذي أثر على مستوى المشهد.